ما الذي يعنيه فوز مرشحة المعارضة الإسرائيلية كارين إلهرار في انتخابات لجنة تعيين القضاة؟

انتُخبت عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب "ييش عتيد" كارين إلهرار مندوبة في لجنة تعيين القضاة عن المعارضة الإسرائيلية بعد تأيدها من قبل 58 عضوًا ومعارضة 56 آخرين.
وحصلت إلهرار على هذا الفوز في ظل توتر ساد أجواء اجتماع عقد بين المعارضة والائتلاف الحكومي الإسرائيلي صبيحة جلسة التصويت على اختيار مندوبين لجنة تعيين القضاة، حيث عملت أحزاب الائتلاف جاهدة على سحب مرشحيها -وتحديدًا- الليكود من الانتخابات لضمان تأجيل التصويت لمدة 30 يومًا لكسب الوقت.
ويعتبر محللون سياسيون أن رفض مرشحة الليكود تالي غوتليب ترشحها من انتخابات اختيار مندوبي لجنة تعيين القضاة فقدان للسيطرة على الليكود وعلى الائتلاف الحاكم، بينما يرى آخرون أن فوز مرشحة المعارضة بأصوات أعضاء كنيست من الائتلاف عقبة صغيرة لن تؤدي للتصعيد، وإنما ستخفض التوتر بين الائتلاف والمعارضة.
ويقول المحلل السياسي والكاتب أمير مخول، "بحسب كل التقديرات، هناك 4 أعضاء كنيست من الائتلاف الحاكم وتحديدًا من الليكود صوتوا لصالح مرشحة المعارضة الإسرائيلية، لكن كان واضحًا أن هناك مراوغة من قبل نتنياهو أو محاولة للمراوغة أو فقدان السيطرة داخل الليكود وداخل الائتلاف الحاكم".
ويتابع مخول للجرمق، "فقدان السيطرة داخل الليكود وأن ترفض مرشحة سحب ترشحها وعدم استعدادها للتنازل يدل على فقدان سيطرة نتنياهو، ويشير إلى أن هناك عدد من أعضاء الكنيست من الليكود ليسوا راضين عن خطة ’الإصلاح القضائي’ وعبروا بتصويتهم بأنه جاء الوقت للتخلي عن هذه الخطة".
ويضيف للجرمق، "كان من المتوقع من نتنياهو كرئيس حكومة أن يستطيع فرض رأيه من خلال الإلزام الائتلاف الواضح في العمل السياسي والبرلماني ولكنه فقد السيطرة وتحولت النتائج لهزيمة لليكود".
ويردف، "في نهاية المطاف تم انتخاب عضو من المعارضة في لجنة تعيين القضاة وكان واضحًا أن أعضاء من الائتلاف والليكود تحديدًا سيصوتون لصالحها لأنهم معنيون بالوساطة والتفاهمات".
نتنياهو يتلاعب ولا يحسم
ويتابع مخول للجرمق، "من الواضح أن هناك حضيض سياسي تصل له السياسة الإسرائيلية أكثر فأكثر، فرئيس الحكومة بدلًا من أن يحسم الأمور داخل حزبه، يقوم بالمراوغة ويستخدم أساليب خفيفة وهذا جانب جديد يدل على انعدام القيم، وبالتالي تبقى الأرض خصبة لبن غفير أن يخطو خطواته".
ويضيف، "نتنياهو ليس لديه قدرة على حسم الأمور، ويتلاعب داخل مساحات ضعفه لاأكثر، وهذا هو الوضع الذي يعيش فيه نتنياهو سياسيًا الآن".
ويردف مخول للجرمق، "المعارضة نجحت برلمانيًا وهذا عزز الأسواق الإسرائيلية فالدولار تراجع خلال النهار قبل التصويت وذلك عند حدوث خلافات لتأجيل التصويت، ولكن بعد انتخاب عضو من المعارضة عاد الشيكل للارتفاع وارتفعت الأسهم في تل أبيب، وهذا مؤشر على أن المعارضة لا تملك أجندة واضحة حول ماذا تريد".
ويتابع للجرمق، "قضية تعيين القضاة كانت تمر مرور الكرام سابقًا دون أي إشكاليات بين المعارضة والائتلاف ولكن من الواضح أن المعارضة لا تملك نهجًا بديلًا واضح المعالم، وهذا دليل على أن الجماهير لم تعد تستجيب لدعوتها للخروج للشوارع".
ويقول للجرمق، "الأزمة في إسرائيل تدحرجت للائتلاف الحاكم ولكن في ذات الوقت لا يوجد بديل لدى المعارضة للخروج بحلول للازمة وإنما توازنات القوى هي التي ستحكم الأمور أكثر من أي شيء آخر".
ويضيف، "باعتقادي أن نتنياهو سيحاول الوصول لتسوية مع المعارضة وإذا لم يقم بهذا الأمر سيفقد وزنه السياسي والقيادي، والآن هم يطمح للحصول على دعوة من الإدارة الأمريكية ولكن هذا الأمر لن يحدث طالما أن الاقتصاد الإسرائيلي يستمر بالتدهور بسبب الوضع الحالي".
ويتابع مخول للجرمق، "الصراعات الآن انتقلت لداخل حزب الليكود أكثر من المعارضة والحزاب الحريدية قد يكون لها موقف لأنهم لا يمكن أن يكونوا ليكوديين أكثر من الليكود، وهذا قد ينعكس على تصعيد داخل الائتلاف، وبالتالي وضع نتنياهو في مكان يختار فيه بين بن غفير وسموتريتش وبين المعارضة".
ويقول، "المعارضة أيضًا لا تتحدث بتوافق، فغانتس يختلف عن يائير لبيد، خاصة في إمكانيات الحوار مع الحكومة وإمكانيات الشراكة في الحكومة إلى جانب الحريديم، فلبيد يرفض هذا الأمر".
وفي المقابل، يعتبر الصحفي والمحلل السياسي سليمان أبو أرشيد أن انتخاب إلهرار عن المعارضة عضو في لجنة تعيين القضاة، مشكلة صغيرة تواجه نتنياهو والحزب الحاكم، فيقول، "ما حدث أن غوتليب رفضت سحب ترشحها في الوقت الذي أراد فيه أن يسحب مرشحو الائتلاف ترشحهم لتأجيل التصويت لمدة شهر لكسب الوقت ولكن غوتليب لم تسحب ترشحها ولكنها سقطت، لأن هناك أغلبية من الائتلاف ضدها، وبالتالي الحدث الأبرز الذي يتم التعليق عليه الآن هو أن هناك مجموعة من أعضاء الائتلاف صوتوا لصالح مرشح المعارضة كارين إلهرار".
ويتابع للجرمق، "بذلك نجحت كارين وهناك من يرى أن نتنياهو حقق ما يريده، فأصبح هناك تمثيل للمعارضة في لجنة تعيين القضاة ولكن لا يوجد لجنة لأنه لم يتم تعيين مندوب عن الائتلاف ولذلك لا يمكن للجنة الاجتما ولا اتخاذ قرارات أو انتخاب أعضاء جديد".
ويضيف للجرمق، "الإعلام الذي يتغذى من المعارضة يحاول تضخيم الأمور وكأن نتنياهو فقد السيطرة ولكن لا أعتقد أن نتنياهو فقدها، فهو ما يزال يتمتع بقوة كبير داخل معسكره والمعسكر مترابط لأن القوى السياسية فيه غير معنية بالذهاب لانتخابات جديدة، وتحديدًا الصهيونية الدينية وعوتصماه يهوديت والأحزاب الحريدية".
ويردف للجرمق، "الاستطلاعات تظهر أن أحزاب الائتلاف الحاكم لا تحصل على أغلبية ولذلك جميع المركبات داخل الائتلاف الحكومي غير معنية بلانتخابات الجديدة ومعنية فقط بالحفاظ على الوضع القائم".
نتنياهو لا يريد التصعيد
ويقول أبو أرشيد للجرمق حول مواقف تيارات داخل الليكود من خطة التعديلات القضائية التي تعتبر سبب الخلافات المشتعلة بين المعارضة والائتلاف من جهة وبين تيارات داخل حزب الليكود من جهة أخرى، إنه، "من المعروف أن هناك تيارات داخل حزب الليكود وهناك مواقف متباينة من قضية ’الإصلاح القضائي’، فهناك تيار متشدد يقوده ياريف ليفين وتيار وسطي يقوده نتنياهو، ولذلك نتنياهو لا ينسجم مع ليفين أو سيمحا روتمان من عوتصماه يهوديت".
ويتابع للجرمق، "نتنياهو يقود تيار معتدل نوعًا ما، في الوقت الذي يوجد داخل الليكود تيارات ترفض ما يسمى الإصلاح القضائي نهائيًا، وهم على ما يبدو من صوتوا لجانب كارين إلهرار".
ويقول، "المعلقون الإسرائيليوم يقولون إن النتيجة لم يردها نتنياهو ولكنها بالمحصلة كانت لصالحه، بمعنى أنه لم يرد أن يصعد الأمور مع المعارضة الإسرائيلية".
هل نجحت المعارضة؟
ويقول أبو أرشيد للجرمق، "نجاح المعارضة نجاح شكلي فقط، فبعد شهر سيتم انتخاب مندوب في لجنة تعيين القضاة عن الائتلاف الحكومي الإسرائيلي بمعنى أن اللجنة ستضم مندوبين من أعضاء الكنيست، وهذا ما أرادته المعارضة، ولكن الخلافات لم تحل فهناك قضية الخلاف حول المستشارين القضائيين وهناك فقرة التغلب التي تعنى بسحب صلاحيات المحكمة العليا الإسرائيلية حيث يمكن للكنيست تشريع قوانين قامت العليا بإلغائها ولا يمكنها فيحق للكنيست تشريعها مرة أخرى".
ويختم أبو أرشيد، "هناك تسويات حول هذه المواضيع خلال المفاوضات في مكتب رئيس الدولة ولكن من المعروف أن نتنياهو يقود تيار معتدل داخل الليكود وبالتالي لن يسعى لتحييد المحكمة العليا هائيًا عن المشهد الديموقراطي الإسرائيلي".