لماذا تغيب أعضاء من الموحدة عن التصويت على قانون شرعنة الاحتلال في الضفة؟

فشل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي بتمرير قانون تمديد شرعنة الاحتلال والاستيطان في الضفة الغربية لأول مرة منذ تشريعه عام 1967، والذي يقضي بتطبيق القانون المدني الإسرائيلي على المستوطنين في الضفة، حيث سقط القانون بمعارضة 58 عضوًا وبدعم 52.
وصوّت كل من النائب مازن غنايم عن الموحدة وغيداء ريناوي زعبي عن حزب ميرتس والقائمة المشتركة ضد القانون، في حين تغيّب 3 من أعضاء القائمة الموحدة عن حضور الجلسة وهم، منصور عباس ووليد طه وإيمان خطيب.
ويعزو محللون سياسيون أسباب امتناع أعضاء من القائمة الموحدة عن التصويت على الرغم من أنهم جزء من الائتلاف الإسرائيلي الحاكم إلى حسابات حزبية في الكنيست الإسرائيلي وإلى اختلافات داخلية بدأت تطفو على السطح بعد أن كانت داخل الغرف المغلقة للقائمة الموحدة.
حسابات داخلية
ويرى المحلل السياسي أمير مخول أن سبب امتناع القائمة الموحدة عن التصويت ناتج عن قراءة الموحدة للحالة الحزبية في الكنيست أي عدد المصوتين، مشيرًا إلى أن الموحدة قرأت احتمالية تمرير القانون من عدمه ووصلت إلى النتيجة التي كانت واضحة جليًا بأن القانون لن يمر ليس بسبب الموقف الرافض للاحتلال وإنما لمصالح ائتلاف ومعارضة.
ويتابع في حديث للجرمق، "من الممكن أن القائمة الموحدة توصلت لنتيجة أن القانون سيسقط وبالتالي تغيبت عن التصويت ولكنها لم تمتنع بل هي لم تحضر التصويت وهناك اختلاف كبير من ناحية مضمون التغيب والامتناع".
وبالحديث عن النائب عن القائمة الموحدة مازن غنايم الذي صوّت ضد القانون خلافًا لقرار أعضاء قائمته بالتغيب عن التصويت، يقول أمير مخول للجرمق إن غنايم لديه مساعٍ لترك الكنيست الإسرائيلي وبالتالي يحاول استعادة شعبيته التي تبعثرت مع القائمة الموحدة، فهو يسعى لخوض انتخابات بلدية سخنين.
ومن جهته، يقول الكاتب الصحفي وديع عواودة إن القائمة الموحدة ترى أنه ربما كان من المحرج للقائمة الموحدة التصويت مع قانون عنصري واستعماري كهذا، مضيفًا، "لو توقف تمرير القانون على أصوات النواب الـ3 من الموحدة لعادوا للجلسة ولصوتوا مع القانون".
ويتابع في حديث للجرمق أن القانون لم يتوقف سقوطه أو تمريره على أصوات أعضاء الموحدة ولذلك جلسوا خارج قاعة الكنيست وانتظروا بصمت، مضيفًا أن القائمة الموحدة لم تأخذ بعين الاعتبار سابقًا أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يتأثر بأي توترات أمنية وسياسية وبالتالي لا يمكن الفصل في القوانين الإسرائيلية أيًا كانت لان جمهور المصوتين يضغط على القائمة الموحدة.
ويرى الباحث في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت أن أسباب تغيّب أعضاء من القائمة الموحدة عن جلسة الكنيست وامتناعهم عن التصويت يعود إلى أن الموحدة بدأت بإعادة حساباتها حول تصويتها مع هذه القوانين، مضيفًا أن القانون خطير على الصعيد السياسي والمبدئي ويعمق سياسة الأبارتهايد لأنه يفرض قانونًا إسرائيليًا إلى جانب القانون الفلسطيني المعمول به في الضفة الغربية وبالتالي يمكن ترجمة تمرير القانون أنه أبارتهايد بامتياز.
ويتابع في حديث للجرمق، "أعتقد أنه يتم الآن نقاشات داخل القائمة الموحدة حول هذا القانون..خاصة أنها ظنت في السابق بأنها تستطيع الفصل بين القضايا المدنية والسياسية للشعب الفلسطيني وأنها تستطيع فصل قضايا المجتمع العربي في إسرائيل عن القضية الفلسطينية ككل".
ويلف شلحت إلى أن هذا القانون أثبت للموحدة بأنه لا يمكن الفصل أبدًا بين القضايا السياسية والمدنية، لأنه لا توجد قضية اسمها "قضية فلسطينيي إسرائيل" أو "قضية المواطنين العرب داخل إسرائيل" وإنما هم جزء من القضية الفلسطينية كاملة.
ويقول للجرمق، "لا شك أن هذا الأمر يخلق جدالات داخل القائمة الموحدة ويبدو أن هذه هي البداية، لأن الموحدة صوتت في السابق مع الائتلاف الحكومي على قوانين فيها تناقض جوهري بين مواقف الموحدة المعلنة وبين تصويتها في الواقع..ويبدو أن الأمر الآن أصبح بمثابة خط أحمر لبعض نوابها كالنائب غنايم".
عند طرح القانون مرة أخرى..ما موقف الموحدة؟
وينتهي العمل بقانون أنظمة الطوارئ في الضفة الغربية في 1 تموز المقبل، وبالتالي هناك احتمالية كبيرة لإعادة طرحه حتى 30 من الشهر الجاري، فهل ستصوّت القائمة الموحدة مع القانون في حال طُرح مرة أخرى؟
الباحث في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت يُجيب بأن الاحتمالات حول تصويت الموحدة مع القانون أو الامتناع مفتوحة على كل السيناريوهات، مؤكدًا أنه من الصعب تقدير موقف الموحدة لأن الحالة السياسية الحالية تعتمد على الصفقات وليس على المبادئ كما حصل مع النائبة عن ميرتس غيداء ريناوي زعبي التي انسحبت من الائتلاف ثم عادت بعد صفقة مع يائير لابيد.
ويقول في حديث للجرمق، "بما أن هناك صفقات داخل الائتلاف الحكومي لا يمكننا توقع تصرفات القائمة الموحدة، فربما الحكومة الإسرائيلية لديها نية بأن تحافظ على الائتلاف وقد تقوم بتقديم صفقة جيدة للموحدة وتعيدها بذلك إلى خط الائتلاف مجددًا".
وبدوره يقول المحلل السياسي أمير مخول إن القائمة الموحدة صوتت على قوانين أصعب من قانون شرعنة الاحتلال في الضفة، فقد صوتت على قانون المواطنة وبالتالي ليس بعيدًا أن تصوت في المرة القادمة مع القانون بحجة أن هذا هو الوضع القائم منذ 50 عامًا وتصويتها لا يؤثر عليه.
ويتابع في حديث للجرمق أن الائتلاف الحكومي الإسرائيلي قد يُمرر القانون أيضًا بالاعتماد على أصوات اليمين وقد يستغني عن أصوات القائمة الموحدة.
وفي السياق، يوّضح الكاتب الصحفي وديع عواودة أنه في حال كان خيار القائمة الموحدة التصويت مع القانون لإنقاذ الحكومة فستصوت لصالح القانون خوفًا من إسقاطها والذهاب لانتخابات جديدة قد تكون بالنسبة للموحدة خسارة محتومة، خاصة أن الموحدة في الوقت الحالي لا تستطيع الإشارة إلى مكاسب حقيقية تساعدها في تحقيق نتيجة مهمة في حال أجريت انتخابات مبكرة.
هل سيسقط القانون مرة أخرى؟
يرى أنطوان شلحت أن سقوط القانون قد يخلق فجوة وصراع كبير بين الحكومة الإسرائيلية وجمهور المستوطنين في الضفة الغربية الذين سيكونون عُرضة لقانون الأراضي المحتلة، وسيحاكمون بقانون الطوارئ وليس بالقانون الإسرائيلي، وبالتالي لسقوط القانون تداعيات قانونية وسياسية.
ويُشير للجرمق إلى أن هناك جهودًا كبيرة ستبذل لتمرير القانون، ولن ينتهي الشهر الحالي دون تمريره، وربما يكون هناك صفقات قد تجعله يمر بسلام وبالتراضي.
وعن القانون داخل الأراضي المحتلة عام 67 يقول أمير مخول للجرمق إن الاحتلال غير قانوني في جوهره و"إسرائيل" باحتلالها أقوى من الحكومة والقوانين والمعارضة، فأي حكومة مهما كانت لا تستطيع إنهاء الاحتلال.
ويتابع للجرمق "الدولة لها قوتها، والاحتلال أقوى من القانون، لأن القانون جاء لتنظيم إجراءات الاحتلال وليس لإنهائها أو العبث به وبالتالي القوانين لا تؤثر على جوهر الاحتلال".