فلسطين حاضرة حيث لا تجدها

"-كيف بتتحمّل كلّ الغازات، ومستعدّ تضلّك بالصفّ الأمامي للاشتباك؟
- يزلمي شفت المقدسيين البارحة، حملوا قنبلة الغاز بجانب إجره (قدمه) ورجّعها للجنود، بقدر أتحمّل".
عن اشتباكِ الممارسة والتلاقح الفلسطينيّ.
أمس، بعدَ احتجاجٍ واسع وحاشد في باقة، بعض الشبّان أخذوا على عاتقهم، شحذ الهمم للاحتجاج بجانب المحطّة التي تبعد مساقة 200 متر فقط عن موقع الاحتجاج المعدّ له والمخطّط. ثمّ ما إن اقترب بعض الشباب، مباشرةً، قام قوّات الشرطة برمي القنابل أساسًا ورأينا أيضًا رصاص مطّاط.
التفسير الوحيد، الشرطة ارتبكت وارتجفت من الميدان والجماهير، وأرادت القمع بقوّة بالغاز، لفضّ الميدان، وبدأت الصيحات للذهاب إلى البيت، واستمعتُ إلى صيحات مضادّة وبقوّة أكبر إلى العودة، وعاد الجميع يهتف لحريّة المسجد الأقصى والشيخ جرّاح وغزّة، حيثُ أن القوّة التي امتلكتها الشباب، تدرّسنا معاني فلسطين، أجيال هُمشت لم أعرفها مرةً، وفي هذا تحديدًا ننظر إلى الجدليّة، إلى التناقضات، التهميش من قبل مؤسساتٍ معرفيّة اسرائيليّة وإطارات اجتماعيّة، جاء في صالحها، ولا أستنبط من هُنا على أنه التهميش بشكلٍ معياريّ "جيّد"، ولكن محاولة لفهمِ التراكمات.
إكمالًا، الشباب لم تقبل أن لا تشعر سيّدة وصاحبة إرادة في بلدها، الشرطة والجنود، ليسَ لديهم حقّ لمنعنا من الاحتجاج في أية مكان في بلدتنا، من هُنا المنع حفّز الاستمرار حتى ساعات متأخرة من الليل وصُنع حاجز من نار بيننا وبينهم، وتثبيت مقولة نمنعكم من الحركة كما منعتم منّا الحركة.
وأضف إلى ذلك، إلى أننا مع اقتراب العيد، الشباب تعدّ المفرقعات للاحتفال، وفي البداية، أُطلقت المفرقعات لخلقِ حالةٍ حماسيّة بين الشباب والنساء والحضور جميعًا. ونحنُ نعلم أن هذهِ المفرقعات سابقًا في الليالي والأعراس شكّلت مصدر إزعاج حقيقيّ لأهالي باقة، ولكن اليوم استخدمت المفرقعات في دورٍ مغاير؛ بعد اشتعال المواجهة وضربِ القنابل والرصاص المطاط، قام الشباب بإشعال المفرقعات وضربها نحو الشرطة والجنود، والتطوّر الميدانيّ جاء بعدما أغرقت الشرطة والجنود مساحة كبيرة من الشارع الرئيسي، في غازاتٍ، مع العلم أن الشارع مكثّف في أهالي باقة والمثلّث القادمين للتفسّح مع اقتراب العيد وجميعهم استنشقوا الغازات أطفال ونساء ورجال وشباب.
في نهايةِ الأمر، الاستعمار لا يعلم اليوم من أين يتلقى الضربات، "إسرائيل" اليوم واقعة تحت صدمة، حيثُ أن الجميع ينتفض، وليسَ بيدها حيلة.
[جدارٌ من نار بيننا وبينكم، باقة الغربيّة، العاشر من أيار 2021]
. . .