"أصبحت رمزًا من رموز البلد وتراثه"..أهالي أم الفحم ينعون الممرضة بديعة زهر بكلمات الشكر والامتنان

نعى أهالي مدينة أم الفحم الممرضة بديعة زهر (92) عامًا من مدينة الناصرة والتي عملت في المدينة لسنوات طويلة منذ عام 1957 أبرزها سنوات الحُكم العسكري، كما كانت زهر تتعرض للملاحقات من قبل الشرطة الإسرائيلية التي كانت تمنعها من التواجد في مدينة أم الفحم لفترات طويلة.
وكانت الممرضة زهر أول ممرضة في أم الفحم، تلقت تعليمها في مدرسة التمريض في الناصرة، ثم انتقلت إلى أم الفحم لحاجة المدينة إلى ممرض أو طبيب في ذلك الوقت.
وكتب عنها أحد أهالي أم الفحم ،"بديعة أندراوس زهر، 92 عامًا، ابنة الناصرة، التي أعطت من قلبها ومهنيتها لاهالي ام الفحم أكثر من أي إنسان منذ الازل".
وتابع أنها بعمر الـ20 عامًا تخرجت من مدرسة الناصرة ثم انتقلت للعيش في أم الفحم لتقديم العلاج لهم كأول ممرضة بالبلد حيث كانت تُعرف بـ "الدكتورة بديعة" مضيفًا، "هي لم تسكن فقط ببلدتنا، بل بقلب كل واحدة من بنات بلدتنا".
وقالت زهر في مقابلة سابقة إنها عاشت في منزل مختار أم الفحم عندما جاءت للمدينة، وسكنت مع بناته الخمسة، حيث خصص لها في حينه غرفة لتعيش فيها، وتعمل بها.
وأضافت في مقابلة سابقة أنها لم تشعر بأي فرق حين سكنت عند عائلة المختار، حيث كانت تأكل وتشرب وتعيش مع بنات المختار، وقالت إن قلبها آلامها حين توفي المختار الذي عاشت في كنف عائلته.
وقالت إحدى النساء في أم الفحم إن بديعة خدمت المدينة، وكانت تتعرض للملاحقات من قبل الحاكم العسكري، حيث كان يُعطيها تصريحًا لمدة معينة للدخول إلى المدينة لكنها كانت تقوم بتزويره لمدة أطول، وعندما يتم كشفها تختبئ في منازل العائلات بالمدينة.
وكتب أحمد اغبارية أحد سكان أم الفحم عنها، "لا يخرجني عن صمتي الدّوغمائيّ سوى فقدان الأحبّة الذين رسموا وجدان طفولتنا بأحرف من حبق، هذه المرّة تغادر عالمنا الأرضيّ ملتحقة بركب من الصّدّيقين والأوفياء، شخصيّة استثنائيّة عزيزة على قلب كلّ فحماويّ أصيل وشريف، إنّها طيّبة الذّكر، الممرّضة، النّاشطة الاجتماعيّة، وفوق كلّ شيء، الإنسانة الكبيرة ذات الأيادي البيضاء، صاحبة القلب الدّافئ واللّمسة الحنونة، تريزا الزّمن الجميل، السّيّدة بديعة الزّهر، متمّمة بذلك واجباتها الدّينيّة والوطنيّة والإنسانيّة".
وتابع أنه لعشرات السّنين كانت بديعة جارة لهم، حيث كانت العائلة تتوجه لها في كل المسائل الطبية، حيث كتب اغبارية أن والده كان يقول له في كل مرة، "اذهبْ إلى عمّتك بديعة وسلّم عليها ثمّ قلْ لها كذا وكذا..".
وأضاف أنه لم يكن مرور هذه السّيّدة، والتي حلّت على أمّ الفحم قادمة من ناصرة البشارة في خمسينات القرن الماضي، مرورًا عابرً مضيفًا أن إقامتها امتدت وتجاوزت العقود الستة.
وتابع أنه خلال ذلك، طاب مقامها وصارت فحماويّة بكلّ ما تعنيه الكلمة من معنى، بل رمزًا من رموز البلد وعنوانًا يقصده الكثير من المرضى والمحتاجين وقليلي الحيلة..حيث كانت تعمل بصمت، تزرع الورود والابتسامات أينما حلّت، تمنح الثّقة حتّى لحامل المرض المعضِل، وتغرس الأمل والتّفاؤل والفرح في نفوس اليائسين، مضيفًا، "كانت بديعة كأنّما جاءتنا من قانا بعيد النّكبة مباشرة لتذيقنا طعم الفرح المفقود".
وقالت إحدى السيدات من أم الفحم إن الممرضة بديعة قامت بإنقاذها من الموت حيث أنها وضعت مولدها وكانت عائلتها على وشك دفنها إلا أن الممرضة بديعة طلبت رؤيتها قبل الدفن وعندها كان هناك نبض خفيف في القلب فقامت زهر بنقل السيدة على وجه السرعة إلى مشفى رامبام في حيفا.
ونعت بلدية أم الفحم الممرضة بديعة زهر، حيث قال بيان البلدية، "نشهد بأنها كانت نعمَ الممرضة الإنسانة على مدار عشرات السنين خدمت أهلنا في أم الفحم، صغيرهم وكبيرهم، ذكرهم وأنثاهم، بكل إخلاصٍ وتفانٍ".