المطعم العائم.. حين تأكل طعامك وسط بحر عكا

بفكرةٍ عفوية سريعة، قرر الصيّاد أمير سعدي أو مايكل كما يُحب أن يُنادى افتتاح مطعم السفينة في مدينة عكا منذ حوالي سنتين بعد رؤيته لإقبال الزوار على الجلوس قبالة بحر عكا، ليفتتح سعدي بذلك أول مطعم متنقل لتناول الأسماك الطازجة بعد اصطيادها مباشرة بأيدٍ عكية.
ويملك مايكل سعدي مركبًا خاصًا للصيد إلى جانب مطعم السفينة، فيصطاد الأسماك عبر المركب ويسوّق ما اصطاده في المطعم.
ويقول سعدي في حديثٍ للجرمق إن فكرة المطعم وليدة لقاء أفكاره بأفكار ابن عمه وشريكه في المطعم، بعدما قرروا في لحظةٍ ما تلبية رغبة الزوار بالجلوس في وسط البحر وليس فقط على شاطئه.
ويتابع مايكل الذي يعمل في مهنة الصيد منذ أكثر من 30 عامًا أي بعمر العاشرة أن حياته بدأت بالصيد والبحر والأسماك ولا يستطيع امتهان غيرها.
حين تأكُل وجبتك في عُرض البحر
ويصف الصيّاد وصاحب مطعم السفينة أجواء المطعم بالخيالية، ويقول إن الزوار يأكلون الأسماك الطازجة في وسط البحر، قبالة مدينة حيفا وعكا وأضوائهما الليلية.
ويتابع للجرمق أن الإقبال على المطعم ينشط في فصل الصيف ويقل شتاءً، إذ تزداد الرحلات في هذه الأوقات من الضفة الغربية ومدينة القدس، بالإضافة إلى قدوم أهالي المثلث وأم الفحم وغيرها لتناول السمك في مطعم السفينة.
ويلفت سعدي إلى أن ما يزيد عن 10 عائلات تعتاش من المطعم، الذي يقدم وجبات الأسماك بأسعار شعبية على حد قوله. ويُشير إلى أن أعلى أسعار وجبات الأسماك هي اللقس وسلطان إبراهيم إذ تصل إلى 150 شيكل، في حين أن الأسماك الأخرى كالفريدن والسلمون والمشط والسرغوس لا يتجاوز سعرها الـ 100 شيكل، بالإضافة إلى وجبات الجمبري والسلطعون والأخطابوط.
ويتابع أن زوار المطعم يدفعون فقط سعر الوجبة، فيما يتمتعون بأجواءِ المطعم في وسط البحر دون مقابل. صمودٌ في البحر يقول سعدي أن السلطات الإسرائيلية لا تريد رؤية الفلسطيني متقدمًا أو متطورًا في أي مجالٍ من المجالات، مشيرًا إلى أن السلطات تُضيّق عليه بين الحين والآخر لدفعه على بيع المطعم أو تحويله لمركب صيدٍ عاديّ.
ويتابع، "هذا الأمر آلم قلبي ولا يزال يؤلمه، لا يريدون رؤيتنا مجتمعين في وسط البحر، ويلاحقوننا في أدق التفاصيل".
ويضيف للجرمق أن ملاحقة السلطات له تتمثل في التفتيش كل أسبوع على السفينة والمطالبة بفحص خشب السفينة أو تغيير مكان وقفوها أو تسكيرها في بعض الأحيان.
ويتابع أن السلطات دائمة البحث عن أي تقصير حتى تقوم بتسكير المطعم أو ملاحقته ووصف سعدي هذه التضيققات والمطالبات بالتعجيزية.
ويقول إنه يخوض المحاكم مع السلطات الإسرائيلية، وآخر هذه المحاكم طلبت السلطات منه فحص الخشب عن طريق إحدى الشركات التي لا تعمل في البلاد في نية منهم ألا يستطيع التواصل مع الشركة إلا أنه استطاع الوصول للشركة وفحص السفينة وصلاحية استخدامها.
ويُشير إلى أن تكلفة فحص خشب السفينة والمعدات ذات تكاليف عالية تصل إلى 100 ألف شيكل، لافتًا أنه في إحدى المرات طلبت منه السلطات الإسرائيلية إغلاق المطعم وتحويله لمركب صيدٍ عاديّ مقابل السماح له بالعمل بحرية.
ويروي سعدي أنه في إحدى المرات طلبت السلطات الإسرائيلية منه بيع المركب لبعض المستوطنين من رجال الأعمال لكنه رفض ذلك ويقول سعدي، "حتى لو غرق المطعم وأصبحت السفينة بلا فائدة لن أبيعها..سأدعها تغرق في البحر".
تاريخٌ مع الأسماك ويقول الصياد مايكل السعدي إنه حينما بدأ مهنة الصيد، بدأها مع والده، مشيرًا إلى أن الأسماك التي كان يصطادها في صغره هي التونة والسردين والمليطة بكمياتٍ كبيرة تصل إلى تعبئة أكثر من 10 مراكب صيد.
ويتابع أن أنواع الأسماك بالمجمل قلّت عن السابق، فمنذ حوالي 15 عامًا لم تعد الأسماك تتواجد ويعود هذا إلى التلوث الذي يغزو البحرمن قبل السلطات الإسرائيلية وإلقاء المواد الكيميائية التي تسبب نفوق الأسماك، إضافة إلى تجريف الصخور التي تشكل بيتًا للأسماك.