الغارة الإسرائيلية أصابت مطار صنعاء فهل حقق الهدف؟

تمت الغارة الجوية التدميرية على مطار صنعاء 6 ايار/مايو بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة ومع القيادة المركزية سنتكوم والتي تتولى مسؤولية العمليات الامريكية البريطانية ضد الحوثيين في اليمن. فيما اعلن الجيش الاسرائيلي بأن العملية قد انتهت، الا انه لم يعلن نهاية الرد الاسرائيلي على الصاروخ اليمني الذي استهدف المطار الاسرائيلي.
• شكل الصاروخ اليمني على مطار اللد (مطار بن غوريون الدولي) الذي تجاوز يوم 4 ايار/مايو الدفاعات الجوية الامريكية والاسرائيلية، ضربة معنوية ذات ابعاد قد تكون استراتيجية في مسألة انكشاف الاجواء الجوية الاسرائيلية امام الصواريخ بعيدة المدى، وحصريا لكونها اصابت احد اهم رموز السيادة الاسرائيلية، وبواية اسرائيل الاولى الى العالم، ونظرا لموقعه الاستراتيجي في الامن القومي الاسرائيلي، والتداعيات التي احدثها الصاروخ في اغلاق المطار لسلعات والغاء مئات الرحلات الجوية منه واليه. يأتي هذا بعد تعطيل شبه كامل لميناء ايلات.
• اعتبر الموقف الاسرائيلي الحكومي الرسمي بأن اطلاق الصواريخ اليمينة والذي يشهد تكثيفا، انما هو بقرار ايراني ويعتمد تكنولوجيا ايرانية. هذا على الرغم من النفي الايراني المتواصل للرابط بينها وبين الحوثيين، فيما اكدت العديد من التقديرات الاسرائيلية الامنية والعسكرية بأن الحوثيين يملكون قدرات صاروخية وتقنيات عالية ويعزون تجاوز الصاروخ اليمني للمنظومات الامريكية والاسرائيلية ورغما عن رصده مسبقا، بأنه نتيجة لإدخال الحوثيين تطويرات عليه بعد ان نجحت اسرائيل في اعتراض صواريخ من ذات النوعية.
• يسعى الموقف الحكومي الاسرائيلي الى استثمار الحالة استراتيجياً وذلك لتعويق الاتفاق النووي الامريكي الايراني الذي يشهد تقدما في المفاوضات وذلك بمحورة الانظار امريكيا الى الخطر الصاروخي الايراني والتي تملك صواريخ اكثر تطورا من الحوثيين، وذلك لتوريط الولايات المتحدة في بند من المتوقع ان ترفضه ايران.
• استراتيجيا تسعى اسرائيل ايضا من خلال الغارة الى استعادة زمام المبادرة وقوة الردع امام الحوثيين، والى التعويض عن الضربة المعنوية بعد استهداف مطار بن غوريون. الا ان هذا المكسب قد يتحول الى خسارة في حال كان رد حوثي وتحولت الحالة الى حرب استنزاف صاروخية بعيدة المدى. خاصة وان اسرائيل تدرك وكذلك الحوثيين بأن الصواريخ كما سلاح الجو لا تحسم الحروب.
• استراتيجياً ايضا فإن محورة الحرب بالحوثيين يرى بها نتيناهو وحكومته وفعليا المعارضة ايضا، بأنها مسار التفافي على الحرب على غزة واستحقاقات وقفها، بينما تتساوق دوليا مع الطموحات الامريكية في تغيير خارطة الممرات التجارية البحرية والبرية لصالح مشروع الممر البحري البري من الهند مرورا بالخليج والى ميناء أسدود المزمع توسيعه لشمال غزة ومنه الى اوروبا، بكال اسقاطات ذلك على مصر وقناة السويس.
• على مستوى الساحة السياسية الداخلية يستفيد نتيناهو من الغارة الجوية التدميرية على مطار صنعاء، بحيث سيقوم بالاعتداد بقراره باستخدام ذراع اسرائيل الطولى التي تطال كل المنطقة، ثم ان الغارة على صنعاء تحظى باجماع اسرائيلي، وحصريا لان رؤساء المعارضة غانتس ولبيد يدعون الى تسديد ضربة لايران وحصريا في هذا التوقيت.
• مقابل سعي الحوثيين الى الربط بين دورهم ضد اسرائيل والولايات المتحدة بالحرب على غزة، فإن الموقف الاسرائيلي يسعى الى فك الارتباط بين الحوثيين وغزة، وتسليط الانظار الى ايران واعتبار المواجهة مع الحوثيين هي جزء من حرب مع ايران. بل يساغل نتنياهو اجواء التصعيد مع اليمن لإزاحة الانظار عن غزة والمخططات الابادية الجارية.
• يخشى نتنياهو وحكومته التباعد في الاجندات الاقليمية مع ادارة ترامب، وحصريا لان دول المنطقة تحمل استراتيجية تبريد الجبهات ووقف الحرب على غزة ومنع الحرب مع ايران، وعليه يرى بالتصعيد مع اليمن والضوء الاخضر الامريكي وفعليا المظلة الحربية التي وفرتها، قد تكون لحظة فارقة بالنسبة له لتغيير اولويات الولايات المتحدة بما يتماشى مع اولوياته في مواصلة "الحرب الوجودية على سبع جبهات".
• في غياب اي خيار اسرائيلي سياسي او استعداد لدفع استحقاقات اي حل اقليمي في مركزه قضية فلسطين يبقى لدى نتنياهو وحكومته خيار واحد وهو مواصلة الحرب وهو ما يطلق عليه محللون اسرائيليون "حرب الانته=خابات الاسرائيلية" ودفعها بوتيرة توفر ظروفا سياسية مؤاتية له ولحلفائه لمواصلة حكمهم.