لماذا تعتبر "إسرائيل" المناورة الصينية المصرية خرق لاتفاق السلام بينها وبين مصر؟


  • الخميس 24 أبريل ,2025
لماذا تعتبر "إسرائيل" المناورة الصينية المصرية خرق لاتفاق السلام بينها وبين مصر؟
توضيحية

يتزايد الحديث في وسائل الإعلام الإسرائيلية عما وُصف بـ "خرق" مصر لاتفاق السلام الموقع بين "إسرائيل" ومصر وذلك على خلفية المناورة الصينية المصرية التي شملت انتشارات للجيش المصري في صحراء سيناء.

وقالت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية إن، "العلاقات بين إسرائيل ومصر تشهد تراجعًا ملحوظًا منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، في ظل تصاعد القلق المصري من انهيار الحدود مع القطاع واحتمال تسلل جماعي من سكان غزة إلى شبه جزيرة سيناء".

وتابعت القناة أنه في ظل المناورات المصرية الصينية، "تتكقف تقارير حول نشر الجيش المصري لقوات كبيرة في سيناء، بشكل اعتبرته جهات إسرائيلية خرقًا لاتفاقية السلام".

وقالت القناة، إنه، "في تطور لافت، أعلنت وزارة الدفاع الصينية عن أول مناورة عسكرية جوية مشتركة مع مصر، جرت مؤخرًا بمشاركة مقاتلات من طراز J-10C، وطائرات للتزود بالوقود من طراز YU-20، وطائرات إنذار مبكر KJ-500، إلى جانب عشرات الطائرات الأخرى.

وقالت قناة "كان" إن، هذه الخطوة تأتي في وقت تنفذ فيه القاهرة عملية تحديث وتسليح شاملة لجيشها خلال السنوات الأخيرة، شملت اقتناء أسلحة متطورة، تحديث البنية التحتية العسكرية، وتوسيع برامج التدريب للقوات".

وبحسب القناة فإنه، "رغم الصمت المصري حيال هذه المناورة، إلا أن التوقيت الحساس لها، وسط التوتر الإقليمي والحشود بسيناء، يثير قلقًا متزايدًا في إسرائيل حيال مستقبل التنسيق الأمني بين الجانبين".

"إسرائيل" قلقة ومصر تلتزم الصمت

ويقول د. العلوم السياسية في جامعة حيفا سليم بريك للجرمق، "اتفاق كامب ديفيد نص على أمرين، أن تكون سيناء منزوعة من السلاح والقوى العسكرية وكان مسموح فقط دخول الشرطة والأسلحة الخفيفة، والأمر الثاني أن مصر تحصل من هذا الاتفاق على دعم أمريكي حوالي 2 ونصف مليار دولار تذهب للتسليح، وبالنسبة لإسرائيل كان الوضع جيد لفترة طويلة حتى بدأت تهديدات داعش، فإسرائيل سمحت بإدخال قوى عسكرية لسيناء، وبذلك تغيّر الوضع، فالآن هناك قوى عسكرية في سيناء وإن لم تكن بشكل كامل، وهذا أمر مقلق لإسرائيل".

ويتابع، "مصر كانت مستندة في قوتها العسكرية على السلاح الأمريكي وبهذا إسرائيل تستطيع أن تؤثر على مصر من خلال السلاح الأمريكي لأن إسرائيل تؤثر على الولايات المتحدة ولها علاقاتها معها".

ويضيف، "الآن دخول اللاعب وربما السلاح الصيني والتنسيق المصري الصيني وهذا أمر جديد، هذا يدل أن مصر بدأت تبتعد عن الولايات المتحدة وتحديدا بعد انتخاب ترامب ومعاملته للعرب، رأينا كيف عامل الملك الأردني ما أدى لإلغاء زيارة السيسي للولايات المتحدة، وهذا يدل على أن مصر بدأت تتجه للصين وبهذه الطريقة إسرائيل تستطيع أن تؤثر أقل من الفترة الماضية وهذا مقلق لإسرائيل".

ومن جهته يقول الكاتب والمحلل السياسي أنطوان شلحت للجرمق، "مسألة التوتر البارد بين إسرائيل ومصر بدأ منذ مدة على خلفية الحرب الإسرائيلية في غزة بعد طوفان الأقصى، إسرائيل كل ما تريده من مصر وفق اتفاقية السلام أن مصر يجب أن تقوم بدور حرس الحدود لإسرائيل بمنطقة الحدود بين مصر وإسرائيل في شبه جزيرة سيناء بحسب القراءة الإسرائيلية، وتعتبر إسرائيل أن انتشار الجيش المصري بما يخالف بنود معاهدة السلام بين البلدين تعتبره خرق خطير يهدد إسرائيل في الصميم، علما أنه في السابق عندما كان هناك انتشار لجماعات توصف بأنها ’إرهابية’ إسرائيل غضّت الطرف عن الجيش المصري بخلاف بنود معاهدة السلام".

ويقول، "الآن تعود إسرائيل لأصول معاهدة السلام، وتعود لأصول السردية الإسرائيلية، وتريد أن تعتبر دولة مصر كما الدول الأخرى التي لها حدود مع إسرائيل، أنها (الدول المجاورة) حارسة لهذه الحدود، هذا الشيء كان في السابق".

ويتابع للجرمق، "الآن يزداد تصاعدا على خلفية ما حدث في 7 أكتوبر، والذي أعاد للعقيدة الأمنية الإسرائيلية أفكارا قديمة تتجدد الآن، أنه لا يمكن الاكتفاء فقط بحراسة الحدود من خلال الوسائل التكنولوجية والمعلومات الاستخباراتية ولكن يجب أن يكون هناك نشاط عملياتي في الميدان التي تقوم فيها الدولة المسؤولة عن أمن الأراضي المتاخمة للحدود، وأضيف مبدأ آخر وهو سيطرة إسرائيل على أراضي داخل المناطق السيادية لهذه الدولة المجاورة، كما حصل في غزة وكما حصل في نطاق ضيق في لبنان وكما يحصل على نطاق آخذ بالاتساع في الأراضي السورية".

هل تؤثر هذه المناورة على علاقات مصر مع "إسرائيل"؟

ويقول د.سليم بريك للجرمق، "العلاقة بين مصر و’إسرائيل’ متوترة لأسباب عديدة، من ناحية شكلية، إسرائيل لا تستطيع أن تعارض المناورة، فإسرائيل قامت بمناورة مع اليونان والولايات المتحدة وقطر، فكما تستطيع إسرائيل القيام بمناورات مع دول مختلفة، مصر يمكنها القول أنها تستطيع أيضا ذلك وأن هذا يتعلق بأمنها القومي، فالأمن القومي المصري أصبح مهدد من قبل إسرائيل، مثل قضية تهجير سكان قطاع غزة لسيناء والضغط على مصر في أكثر من مناسبة ليس فقط من إسرائيل وأيضا من الولايات المتحدة، فمن الطبيعي أن تتوجه مصر لجهات أخرى يمكن أن تخلق توازن بالمصالح وهذا مقلق لإسرائيل  ولكن هذا من دواعي الأمن القومي المصري".

ما الرسائل التي تريد مصر توجهيها من خلال هذه المناورة؟

ويوضح د.سليم بريم أنه، "عندما تقوم مناورة عسكرية بين دولتين على مستوى عال، بين دولة مثل مصر ودولة عظمى مثل الصين، هذا ليس فقط رسالة وإنما أكثر بكثير، فهذا تغيير أساسي في السياسة الخارجية والأمنية المصرية، وهناك رسالة أيضا للولايات المتحدة بأن سياستها غير المتزنة في الشرق الأوسط والتي تهدد الأنظمة العربية في المنطقة ستؤدي إلى تقارب بين مصر ودل أخرى كالصين وربما روسيا وهذا أمر طبيعي".

ويتابع للجرمق، "مصر لا تستطيع أن تستند على الولايات المتحدة الأمريكية عندما ترى أن السياسة الأمريكية أحادية الجانب في الشرق الأوسط وتدعم إسرائيل على المدى البعيد وهذا يشكل خطر على الأمن القومي المصري".

وبدوره، يقول الكاتب أنطوان شلحت، "هناك رسائل سياسية لإسرائيل والولايات المتحدة، لأن الأخيرة تتبنى كما هو معروف خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بما يتعلق بقطاع غزة وهي خطة التهجير، ومصر اعتبرت تنفيذ خطة التهجير، هو بمثابة تهديد للأمن القومي المصري لأن التهجير قد يتم باتجاه مناطق السيادة المصرية، فسارعت مصر إلى طرح خطة بديلة وللضغط من أجل عقد قمة لطرح الخطة العربية التي هي الخطة المصرية إلى حد ما، بمقابل الخطة التي طرحها ترامب".

ويقول، "صحيح أن ترامب لم يقبل الخطة العربية والموضوع لا يزال ضبابيا وعلى ما يبدو أن هناك مخاوف مصرية وعربية وفلسطينية من أن ترامب وإسرائيل لا يزالا متمسكين بخطة التهجير ومثل هذا الأمر يبعث برسائل للولايات المتحدة وإسرائيل أن الدول العربية تملك خيارات أخرى غير خيارات الخنوع للخطط الأمريكية والإسرائيلية".

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر