بيان ضباط سلاح الجو، يتجاوز حدود الحالة السياسية الاسرائيلية
سلاح الجو

في تطور مفاجئ أربك الساحة السياسية الإسرائيلية، وجه ضباط الاحتياط والمتقاعدين في سلاح الجو الاسرائيلي رسالة الى رئاسة الحكومة والرأي العام جاء فيها: "نحن، جنود الاحتياط ومقاتلي الطاقم الجوي المتقاعدين، نطالب بعودة المختطفين دون تأخير، حتى على حساب الوقف الفوري للحرب. في هذا الوقت، تخدم الحرب بشكل أساسي المصالح السياسية والشخصية، وليس المصالح الأمنية. إن استمرار الحرب لا يسهم في تحقيق أي من أهدافها المعلنة وسيؤدي إلى مقتل المختطفين وجنود جيش الدفاع الإسرائيلي والمدنيين الأبرياء وتآكل جنود الاحتياط."اضافت الرسالة:
"كما ثبت في الماضي، فإن الاتفاق وحده هو الذي يمكن أن يعيد المختطفين بأمان، في حين أن الضغط العسكري يؤدي بشكل أساسي إلى قتل الرهائن وتعريض جنودنا للخطر. ندعو جميع مواطني إسرائيل إلى التعبئة في العمل، والمطالبة في كل مكان وبكل الطرق: أوقفوا القتال وأعادوا جميع المختطفين – الآن. كل يوم يمر يعرض حياتهم للخطر. كل لحظة إضافية من التردد هي وصمة عار ".
تحليل:
- في اعقاب فشل قيادة الجيش بالتهديد والترغيب في ثني أصحاب الرسالة عن نشرها وسحب تواقيعهم، اعلن قائد سلاح الجو توقيف الضباط في الاحتياط على الخدمة في الجيش، وذلك لتدارك احتمالية اتساع نطاق توقيعات الضباط والجنود من مختلف وحدات الجيش، اذ يواجه الجيش ظاهرة تذمر واسعة النطاق لدى جنود الاحتياط، وكذلك لدى عائلات الجنود النظاميين الذين يحظر عليهم التعبير عن مواقفهم في الجيش، مما سيخلق حالة احباط داخلي وفقا للقيادة العسكرية والسياسية وهو ما من شأنه ان ينعكس على استمرار الحرب من جهة، وعلى تعاظم دور حركة الاحتجاج وحصريا حراك عائلات الاسرى والمحتجزين.
- تتجاوز رسالة ضباط سلاح الطيران الساحة الاسرائيلية الداخلية، بل من شأنها التفاعل عالميا وحصريا في الولايات المتحدة وادارة ترامب، وهي تلتقي الى حد كبير مع جهود حراك عائلات الاسرى والمحتجزين مع الرئيس ترامب ومساعده ويتكوف، كما تلتقي مع تصريحات ترامب خلال لقائه مع نتنياهو 7 نيسان، حين اعلن ترامب ان الحرب ستنتهي قريبا وان معظم الاسرائيليين يريدون اعادة المحتجزين كأولوية. ان هذا الالتقاء مع ادارة ترامب يجعل حراك الطيارين يتمتع بقوة الرسالة المضاعفة ولأثرها في الساحة الاسرائيلية.
- تشكل رسالة جنود وضباط سلاح الجو لائحة اتهام مباشرة للمستوى السياسي الاسرائيلي برئاسة نتنياهو؛ باعتبارهم ان الحرب باتت تخدم بشكل أساسي المصالح السياسية والشخصية، وليس المصالح الأمنية. بل ان استمرار الحرب لا يسهم في تحقيق أي من أهدافها المعلنة وانما سيؤدي إلى مقتل المختطفين والجنود والمدنيين ولاستنزاف جنود الاحتياط.
- اعلن احد المبادرين للمجموعة بأن العدد 950 يتطرق الى الذين وقعوا على البيان حاليا، بينما لم تنته المهمة. ثم أكد على موقع "واينت" بان الرسالة لا تحمل اعلانا برفض الخدمة العسكرية، بل وانها ليست موجهة اصلا الى الجيش، "بل هي نداء الى حكومة اسرائيل لإعادة كل المختطفين حتى بثمن وقف الحرب". في اشارة الى ان الحرب لم تعد تخدم "الاهداف المعلنة" بما فيه دلالة على اتهام للحكومة بوجود اهداف غير معلنة لا علاقة لها بمسألة الاسرى والمحتجزين.
- بخلاف تصريحاته السابقة بصدد الرسالة قبل نشرها بأنه يحيل معالجتها الى رئيس الاركان وقائد سلاح الطيران، سعى نتنياهو في اعقاب نشرها الى التأكيد بان الموقعين هم “مجموعة هامشية متطرفة تحاول كسر المجتمع الاسرائيلي"، تأتي هذه الخطوة تداركا لاحتمالية تحرك رئيس الاركان زمير وقائد سلاح الجو الى الحوار مع الضباط الموقعين، ونظرا لكونها تسعى لتقويض محاججة نتنياهو شخصيا بشأن تجديد الحرب على غزة وتهميشه لملف الاسرى والمحتجزين.
- للخلاصة:
**. هناك حالة تذمر اخذة بالاتساع الملحوظ في صفوف الجيش باعتبار الحرب على غزة وحصريا في مرحلتها الحالية حربا سياسية وليست لأهدافها المعلنة، ولن يكون من المستبعد ان يشهد الجيش رفضا واسعا للخدمة العسكرية في غزة.
** اخفق المستويان السياسي وقيادة الجيش في كبت صوت الاحتجاج الداخلي وهو ما من شأنه ان يشكل دفعة نوعية لحراك عائلات الاسرى والمحتجزين من اجل اتمام الصفقة.
** يبدو ان هذا الحراك أبعد من حصره في الصراعات الاسرائيلية الداخلية وحسب، بل يساند موقف ادارة ترامب.
** لا مكان للتعويل على اعتابار أن بيان ضباط سلاح الجو هو حراك سلمي، وهذا في المقابل لا يقلل من أثره واهميته، لأنه يشكل معوّقا لمواصلة الحرب على غزة، بما فيه على مشروع التهجير والتطهير العرقي، ويشكل قوة ضاغطة وذات أثر من اجل اتمام الصفقة والتبادل وانهاء الحرب على غزة.