أوامر الجيش الإسرائيلي في غزة: كل من تصادفونه هو عدو


  • الأحد 6 أبريل ,2025
أوامر الجيش الإسرائيلي في غزة: كل من تصادفونه هو عدو
توضيحية

بثت القناة 14 الاسرائيلية اليمينية مساء 3/نيسان شريط فيديو يظهر فيه الضابط برتبة مقدَّ م د. يلقن جنوده في غزة العقيدة القتالية كما يلي: "هذه عملية لإعادة المخطوفين وتتطلب اقصى الضغط، وفيها تقتلون الكثيرين من العدو ونسيطر على مساحاته الواسعة...كل من تصادفونه هو عدو، ترون شخصا تطلقون النار وتبيدونه وتواصلون..".

تم نشر هذا الفيديو في اعقاب استهداف المدرسة من الجو وارتكاب مجزرة كل سكانها من النازحين ومعظمهم من الاطفال والنساء. 

قراءة:

- ما أدلى به ضابط الكتيبة المقدم د. هو المعيار القائم في الجيش ومعمول به بشكل مكثف منذ السابع من تشرين/اكتوبر 2023. وطوال اشهر الحرب، اعتبرت القيادة الاسرائيلية بالإجماع، بأن الفلسطينيين في غزة هم وحوش بشرية، وهيمن خطاب الابادة والتجويع والتعطيش ومنع العلاج والدمار الشامل والقضاء على كامل مقومات الحياة على يوميات الحرب المستمرة ، وبأن غزة بعد هذا التاريخ لن تعود تشبه ما كانت عليه.

- للمقارنة، تشكل عملية اغتيال اسرائيل صلاح شحادة مؤسس الجناح العسكري لحركة حماس، وذلك في 23/6/2002 باستهداف منزله والمنازل المحيطة بواسطة طائرة ف16، حدثا مؤسسا في النقاش حول اعتبارات المس بالمدنيين. لقد قتلت الغارة 18 شخصا منهم ثمانية اطفال. رفعت حينها دعاوى في محاكم دولية ضد قادة الجيش والسياسيين المتورطين، واكدت اسرائيل في دفاعها في حينه بأن لديها اجراءات بإلغاء اية عملية في حال كان من المحتمل سقوط ضحايا مدنيين، باستثناء من أطلقت عليهم "قنابل موقوتة". 

- كانت التعليمات تمنع استهداف المدنيين، وكان الجيش يتباهى بأنه والشاباك قد ألغوا عمليات في اللحظة الاخيرة حين تبين حجم القتلى المحتمل من المدنيين، وفي حال كان الاستهداف لشخصية قيادية تعتبر "قنبلة موقوتة" اي شديدة الخطورة المباشرة وهناك احتمال لسقوط مدنيين كانت صلاحية اتخاذ القرار رهنا على قيادة الجيش العليا. فيما بعد السابع من اكتوبر تحولت هذه الاوامر الى شيء من الماضي لا مفعول لها. وتم توزيع الصلاحيات في استهداف المدنيين الى ضباط الدرجة الوسطى، وباتت السياسة هي استهداف المدنيين والوجود السكاني بأكمله، حدث التحول التالي في استهداف المدنيين: يتاح استهداف 20 مدنيا الى جانب استهداف اي عنصر من حماس ومائة مدني في حال كان قياديا، بينما سقف استهداف المدنيين يوميا كما تم اقراره في 9/10/2023 هو 500 شخص.

- لم يصمد المعطى الفضفاض، سوى يومين وبات العدد مفتوحا، والصلاحيات توزعت على الضباط من المراتب العليا والدنيا على السواء ومن دون رقابة، بمهاجمة آلاف الأهداف في غزة، بما في ذلك نشطاء حماس غير القياديين لا عسكريا ولا سياسيا، والذين لم يكونوا على رأس قائمة الأولويات في العمليات السابقة في القطاع. 

- في تحقيق لصحيفة نيويورك تايمز واعادت نشره "واينت" اواخر العام الماضي جاء فيه، إنه من أجل تفكيك قدرات حماس في غزة، أضعفت إسرائيل جوهرياً نظام الرقابة الذي كان من المفترض أن يمنع إلحاق الأذى بالمدنيين، واعتمدت أساليب مفرطة لتحديد الأهداف وتقييم المخاطر التي يتعرض لها الأبرياء، وتجاهلت حتى تحذيرات ضباط في الجيش في هذا الصدد بما فيه تخوفا من مساءلتهم القانونية امام محكمة الجنيات الدولية ولتورطهم في جرائم حرب مع سبق الاصرار.

- اعتمد التحقيق على مراجعة عشرات الوثائق العسكرية ومحادثات مع أكثر من 100 جندي ومسؤول آخر - بمن في ذلك أكثر من 25 شاركوا في عمليات اقرار الهجمات المختلفة. فيما النتائج التي توصل إليها تظهر أنه من أجل زيادة مجموعة الأهداف للهجوم في غزة بشكل كبير، فقد تم أيضًا رفع سقف الاستهداف بزيادة عدد المدنيين الفلسطينيين الذين قد يتعرضون للخطر في كل هجوم.

- في الأسابيع السبعة الأولى من الحرب، أسقط الجيش الإسرائيلي ما يقرب من 30 ألف قنبلة وذخيرة مختلفة على القطاع. واذ كان مؤدّى الاوامر الاولية بأن الهجمات المختلفة ضد الأهداف العسكرية في غزة كان من الممكن أن تعرض حياة ما يصل إلى 500 مدني للخطر يومياً. فقد تم رفع هذا "القيد" بعد يومين، مما سمح للضباط بالموافقة على استهداف المدنيين دون قيود على الهجمات التي اعتبروها قانونية، ودونما اي اكتراث.

- كما اعتمد الجيش على نموذج إحصائي مبسط لتقييم المخاطر التي تشكلها الهجمات على المدنيين. واستند النموذج في المقام الأول على تقييمات استخدام الهاتف المحمول في مناطق أوسع حول مواقع الهجوم ــ وليس على المراقبة الاستخباراتية الدقيقة لمستهدف محدد، كما كان شائعاً في العمليات الإسرائيلية السابقة. فعليا لم يعد اي ضوابط في استهداف المدنيين وبات استهدافهم لا يقل اهمية عن استهداف عناصر حماس القتاليين.

- مع بداية الجولة الحالية الاكثر فتكا بعد توقيف اسرائيل مسار الصفقة والانتقال الى مبدأ "التفاوض من خلال القصف الاكثر كثافة"، بات الاستهداف الاوسع للمدنيين، وكانت مجزرة المدرسة وتحول الاطفال الى اشلاء واستهداف طواقم الاسعاف وقتلهم بعد تقييد اياديهم ودفنهم جماعيا سعيا لإخفاء الجريمة، باتت امرا عاديا ودونما اي اكتراث اسرائيلي رسمي او شعبي، مما يشير الى مواصلة هذه السياسة الابادية، بروح ما امر به المقدم د. جنوده.

- تأتي زيارة نتنياهو الرسمية الى هنغاريا، في سياق استهداف محكمة الجنايات الدولية التي اصدرت مذكرة اعتقال بحقه، ويأتي الاستقبال الحميم له من قبل الرئيس الهنغاري اوربان في استهداف للموقف الاوروبي ومن اجل تقويض مبادئ الاتحاد الاوروبي، وتعطيل اية مساءلة دولية. لا يملك اوربان ذاتيا القدرة على إحداث هذا التقويض ولا نتنياهو المتهم، بل انهما مسنودان بقوة ادارة ترامب التي اعلنت الحرب على الجنائية الدولية سعيا لالغائها. وفي هذه الزيارة ايضا رسالة الى الجنود الاسرائيليين بان يعملوا بروح الضابط د. 

- يتهم حراك اهالي الاسرى والمحتجزين نتنياهو بانه يحكم على ذويهم بالاعدام وفقا لهذه السياسة كما تتسع بشكل متسارع اصوات التذمر لدى جنود الاحتياط من العودة للخدمة في حرب يعتبرونها سياسية بامتياز وتضعهم في خانة المساءلة لاحقا امام الجنائية الدولية ولا يثقون بأن الحكومة ستدافع عنهم. واذ يطالب هذان الحراكان بوقف الحرب والعودة الى الصفقة، الا انهما غير مكترثان بمقتلة الفلسطينيين الجماعية في غزة.

الخلاصة:

** ما أدلى به الضابط د. امام جنود كتيبته هو الروح السائدة في الجيش والسياسة والتي تعتبر كل فلسطيني هو العدو، ولا يتوقف الامر عند حدود غزة.

** لم يعد الهدف هو الانتقام فحسب بل ينتقل الى تصفية الوجود الفلسطيني بالكامل. كما ان هذه الذهنية السائدة تسيطر على مجمل منظومات الدولة.

** لا توجد قوة سياسية او شعبية في اسرائيل تناهض هذه الروح، بل تفصل بينها وبين وظيفية الصفقة في اعادة الاسرى والمحتجزين الاسرائيليين.

** فلسطينيا وعربيا فإن حالة العجز تعزز الذهنية الابادية والتطهير العرقي الوجودي للفلسطينيين.

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر