الحكومة الإسرائيلية تصادق بالإجماع على قرار إقالة رئيس "الشاباك"

صادقت الحكومة الإسرائيلية، ليلة الخميس الجمعة، على إقالة رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" رونين بار من منصبه، موافِقة بذلك على قرار قدّمه رئيسها بنيامين نتنياهو.
وقال مكتب نتنياهو في بيان، إن "الحكومة وافقت بالإجماع على اقتراح رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بإنهاء ولاية رئيس جهاز الشاباك، رونين بار"، مضيفا أنه "من المقرّر أن ينهي رونين بار منصبه كرئيس لجهاز الشاباك في 10 نيسان/ أبريل 2025، أو عندما يتم تعيين رئيس دائم للشاباك؛ بحسب أيهما يأتي أولا".
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن بار لم يحضر اجتماع الحكومة الإسرائيلية بالأمس، واكتفى بإرسال رسالة رسمية وجّه من خلالها انتقادات لاذعة لنتنياهو، على رأسها أن الأخير قد قرّر إقالته، بهدف منع التحقيق في أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وخلال اجتماع الحكومة الإسرائيلية، قال نتنياهو إنه "من الواضح أنه إذا كان هناك انعدام ثقة أساسيّ لدى رئيس الحكومة، برئيس جهاز الشاباك، فإن هذا الوضع لا يمكن أن يستمرّ، وهذا ينطبق على كل دولة ديمقراطيّة، وبخاصة دولة ديمقراطيّة، مثل بلدنا".
وأضاف "لا أعتقد أن رونين بار، هو الرجل المناسب لإصلاح المنظمة (الشاباك)".
وقال "حتى أثناء إجراء المشاورات، توصّلت إلى استنتاج مفاده أن رونين بار، لم يكن مناسبًا لذلك على الإطلاق".
وأضاف "لقد كنت أدير الشؤون السياسية لسنوات عديدة، وقد كان نهجه متهاونا وغير هجوميّ بدرجة كافيّة؛ قلت للكابينيت: كونوا أكثر حزمًا. لقد استسلمتم بسرعة كبيرة، وبالتالي سنستعيد عددا أقلّ من الرهائن".
وتابع نتنياهو "جلست معه لساعات، وأثبت لي أنه لم يكن مستعدًا لذلك".
وقال "منذ شهرين، استبدلت فريق التفاوض، وقد عيّنت نائب رئيس الشاباك على رأس الوفد، لأنني لم أكن أثق في برونين بار".
وأضاف أنه "منذ ذلك الحين، انخفضت التسريبات بشكل كبير، وبفضل مفاوضات ناجحة للغاية، تمكّنا من إعادة الرهائن".
وفي رسالته التي بعث بها إلى نتنياهو، قال بار، شارحا سبب عدم حضوره اجتماع الحكومة، إن "الردّ الجوهريّ على مثل هذه الادعاءات يتطلب عملية منظمة، تتضمّن تقديم الوثائق ذات الصلة، وليس عملية تبدو مُدبّرة ونتائجها محددة مسبقًا".
وتحدث بار عن أسباب إقالته، وقال إن هذه "ادعاءات لا أساس لها، تُبنى على مصالح شخصّية، وتمنع كشف الحقيقة؛ سواءً في ما يتعلق بالأحداث التي أدت إلى 7 من أكتوبر، أو بالحوادث الخطيرة التي يحقق فيها الشاباك حاليًا".
وقال بار، "أُعلن مساء أمس أن الحكومة، ستجتمع اليوم (الخميس)، لبحث إنهاء ولايتي كرئيس لجهاز الأمن العامّ، وهذا اجتماع عُقد على عجل، خلافا لكل قاعدة قانونيّة أساسيّة، تتعلق بالحقّ في جلسة استماع، وخلافا لموقف المستشارة القضائية للحكومة".
وأضاف "بصفتي شخصا، خدم أمن الدولة لأكثر من 35 عاما، وأُكن احتراما كبيرا لمؤسساتها، ولسيادة القانون، أودّ أن أوضح منذ البداية، أن قراري بعدم حضور اجتماع الحكومة، ينبع فقط من فهمي أن هذا النقاش، لا يتوافق مع أحكام القانون، والقواعد المتعلقة بإنهاء خدمة أي موظف، ناهيك عمّن يشغل منصبا رفيعا، وبخاصة منصب رئيس الشاباك".
وتابع "أعتقد أن القرار الذي يشكل سابقة هامة في ما يتعلق بفصلي من منصبي، بعد أن أعلنت بالفعل أنني لا أنوي إنهاء منصبي في التاريخ المحدد، يجب أن يستند إلى حجج مفصّلة وواضحة، بما في ذلك أمثلة تُقدَّم لي والتي سأكون قادرًا على الرجوع إليها، بما في ذلك من خلال تقديم الوثائق ذات الصلة، وبعد إعطاء الوقت الكافي لذلك".
وذكر أنه "من المؤسف أن القرار المقترَح، بالطريقة التي صيغ بها، يتضمن ادعاءات عامة وموجزة، وغير مبرّرة، ولا تسمح لي بصياغة رد ّمنظم، ويبدو أنها تخفي الدوافع الكامنة وراء نية إنهاء ولايتي؛ وأود أن أشير إلى أنه حتى في المحادثة الأوليّة مع رئيس الحكومة، وعلى الرغم من طلبي، لم يتم تقديم أي أمثلة".
وأضاف أنه "في ظل هذه الظروف، لا أستطيع هنا أن أتناول الادعاءات الواردة في القرار المقترح، والذي جاء بوضوح من أجل هذه العملية، والتي لم يتم ذكر معظمها في محادثاتي مع رئيس الحكومة، وليس من قبيل المصادفة أنه لا يوجد مثال واحد يدعمها".
وذكر بار أن "النظر بشكل جوهري في مثل هذه المطالبات، يتطلب عملية منظمة، بما في ذلك تقديم الوثائق ذات الصلة، وليس عملية تكون نتيجتها مُحدَّدة مسبقًا".
وشدّد بالقول "على أية حال، هذه ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وليست أكثر من غطاء لدوافع مختلفة تمامًا، وأجنبية، وغير صالحة أساسًا، تهدف إلى تعطيل قدرة جهاز الشاباك على أداء دوره في الدولة، وفقًا للقانون ولصالح مواطني إسرائيل، وليس في إطار الإجراء المتعلق بالرغبة في إنهاء ولايتي، والذي آمل أن يتم بشكل قانونيّ".
وقال إن "مسارات تحقيق مهمة تجري حاليًّا، وإن تقويضها من خلال محاولة عزل متسرعة ومفاجئة، مدعومة بأسباب لا أساس لها من الصحة، هو أمر غارق تماما في اعتبارات خارجية وصراع مصالح شخصيّ، لا يمكن أن يكون أكثر خطورة".
وأضاف أن "إقالة رئيس الجهاز في هذا الوقت، بمبادرة من رئيس الحكومة، ترسل رسالة إلى جميع المعنيين، وهي رسالة قد تعرّض النتيجة المثالية للتحقيق للخطر؛ وهذا يشكل خطرا مباشرا على أمن دولة إسرائيل".
وأشار إلى أنه، "علاوة على ذلك، فإن عرض موقف الجهاز بشأن الحاجة الأمنية إلى تحقيق شامل ومعمّق ومستقل في أحداث السابع من أكتوبر، والخطوات التي سبقتها، والذي يُفهم في القرار المقترح كسبب لإنهاء مهمة الجهاز، هو جزء من واجبات الجهاز، وفي ما يتعلق بهذه القضية أيضا، فالأمر لا يتعلق بانعدام الثقة، بل بمفهوم غريب عن الولاء الشخصي".
وشدد بار على أنّ "الحاجة الوطنية الملحّة لمثل هذا التحقيق، لا يمكن أن تخضع للاعتبارات الشخصية للأشخاص المعنيين بالأمر، لأنه السبيل الوحيد لضمان عدم حدوث مثل هذا الفشل المتعددّ، مرّة أخرى".
وأضاف "على عكس ما يُزعم، فمنذ أن تولّيت منصبي، وبخاصة منذ بداية الحرب على الجبهات المختلفة، كان هناك تعاون مكثّف وفعّال بين الجهاز (الشاباك)، تحت قيادتي، ورئيس الحكومة، مما يؤدّي إلى نتائج مهمّة في إحباط الإرهاب، وتعزيز أهداف الحرب، وقد أكد رئيس الحكومة على هذا الأمر في مناسبات عدّة، بما في ذلك في تصريحات علنيّة".
وذكر بار أن الشاباك "يعمل على تنفيذ السياسة التي حددتها القيادة السياسية، وسيستمرّ في ذلك؛ ولكن للأسف فإن وزراء الحكومة، غير معنيين بمعظم هذا الأمر، وذلك بعد توجيه رئيس الحكومة، الذي منعني من عقد اجتماعات مع الوزراء خلال العام الماضي، وهو توجيه من المشكوك في ما إذا كان له أساس قانونيّ".
وتابع "ولذلك فوجئت بقراءة في مشروع القرار، حجّة مفادها أن انعدام الثقة بين رئيس الحكومة، ورئيس الشاباك، يضرّ بقدرة الجهاز على أداء مهمته؛ وفي هذا السياق، من المناسب تقديم أمثلة، تؤكد هذا الادعاء، الذي لا أساس له من الصحة".
وشدّد بار على أن "ذلك يأتي في ظلّ الجهود المكثفة التي يبذلها جهاز الشاباك، وغير المسبوقة من حيث النطاق والقوةّ، لمكافحة الإرهاب، مع التركيز على فترة الحرب، بتوجيه من المستوى السياسيّ، وفي جميع القطاعات؛ سواء ضدّ التهديدات الإرهابية، أو ضدّ تهديدات التجسّس".
وقال رئيس الشاباك إن "عزل رئيس الموساد، وإبعادي عن قيادة المفاوضات، قد أضرّ بالفريق (المفاوض)، ولم يُسهم إطلاقًا في إطلاق سراح الرهائن".
وأضاف "بالتالي فإنّ ادعاء رئيس الحكومة في هذا السياق، لا أساس له من الصحة. سأُكرّر وأُؤكّد التزامي الشخصيّ، والتزام الجهاز، ببذل كل ما في وسعنا لإعادة الرهائن، أحياءً وأمواتًا، إلى إسرائيل، وبخاصةً في هذه الفرصة السانحة".
وذكر بار أن إسرائيل "تمرّ بمرحلة صعبة، ومعقّدة بشكل خاصّ، وهناك 59 رهينة لا يزالون في قلب قطاع غزة، وحماس لم تُهزم بعد، ونحن في خضمّ حرب متعددة الجبهات، واليد الإيرانية متغلغلة عميقا في الداخل (في إسرائيل)".
وقال إن "لكل من يتولى منصبا عاما، تقع عليه مسؤولية هائلة، ومن المدهش في هذا الوضع، أن تسعى الحكومة إلى اتخاذ خطوات، تؤدي نتائجها إلى إضعافها، داخليًّا، وضدّ أعدائها".
وأضاف أن "جهاز الشاباك عمومًا، وأنا رئيسه خصوصًا، سيعمل على أداء واجباته وفقًا للقانون، وقرارات الجهات القضائية المختصّة، كما هو الحال في دولة القانون، ولا أنوي الخروج عن هذا"، مشيرا إلى أنّ "الردّ الكامل والمفصّل سيُعرض على الادعاءات الناشئة عن القرار المقترَح، بالإضافة إلى دوافعه، على الهيئة التي سيُحدّدها، وفقًا لقرارات الجهات القضائيّة المختصّة".
وبالتزامن مع الاجتماع، تظاهر آلاف الإسرائيليين، بالقرب من مقرّ إقامة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في مدينة القدس المحتلة، للمطالبة بالمضي قدما بصفقة تبادل أسرى واعتراضا على إقالة رئيس الشاباك والمستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية.
وشهدت الاحتجاجات مواجهات بين المتظاهرين وعناصر الشرطة الإسرائيلية، التي حاولت قمع المظاهرة وتفريقها بالقوة كما وقامت بتكسير نوافذ بعض مركبات المتظاهرين.
وأظهرت العديد من المقاطع المصوّرة، عناصر من الشرطة الاسرائيلية يحطمون زجاج سيارات متوقفة في التظاهرة التي شارك فيها آلالاف ضد إقالة رئيس "الشاباك"، وللمطالبة بإنهاء الحرب وإبرام صفقة تبادل شاملة.
وقالت الشرطة الإسرائيلية في بيان، إن "المركبات أغلقت التقاطع تمامًا، وعرّضت مستخدمي الطريق للخطر، وحبس ركاب المركبة أنفسهم داخلها ورفضوا مغادرة التقاطع، رغم طلبات الشرطة المتكررة، خلافًا للقانون".
وأضافت أنه "حتى بعد إبلاغهم باعتقالهم، رفضوا فتح الباب أو تحريك المركبة، ولذلك، وبعد تحذيرات إضافية، اضطرت الشرطة إلى كسر بعض النوافذ لأداء واجباتها بشكل قانوني".