الولايات المتحدة توافق على بقاء إسرائيلي في مواقع جنوب لبنان..كيف سيكون موقف الدولة اللبنانية؟

نقلت الإذاعة العامة الإسرائيلية "كان" عن مسؤولين إسرائيليين في الكابينيت السياسي والأمني بأن الولايات المتحدة الأمريكية أعطت موافقة مبدئية لإسرائيل للإبقاء على تواجد عسكري طويل الأمد في عدة مواقع جنوبي لبنان، بعد انتهاء المهلة المحددة لانسحاب الاحتلال بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، والتي تم تمديدها إلى 18 فبراير/ شباط الجاري.
وأفاد التقرير بأن فرقا إسرائيلية وأميركية ناقشت هذا الملف على هامش زيارة بنيامين نتنياهو إلى واشنطن الأسبوع الماضي.
وبحسب هيئة البث الرسمية الإسرائيلية فإن جيش الاحتلال بدأ بإنشاء خمسة مواقع عسكرية داخل الأراضي اللبنانية، "بعد حصول إسرائيل على موافقة أميركية لإبقاء قواتها في هذه المواقع حتى بعد انتهاء المهلة المحددة لانسحاب، يوم الثلاثاء المقبل".
وذكر تقرير الإذاعة الإسرائيلية بأن"إسرائيل" كانت "قد طلبت من الولايات المتحدة تمديد الفترة لمدة عشرة أيام إضافية، لكنها قوبلت بالرفض. وبدلًا من ذلك، وافقت واشنطن على طلب إسرائيلي بديل، يسمح للإبقاء على قوات عسكرية في خمسة مواقع محددة لمراقبة التطورات على الأرض".
نقاط عسكرية إسرائيلي في جنوب لبنان
ويقول الكاتب والمحلل السياسي أمير مخول للجرمق، "قرار إسرائيل هو أن تُبقي 3 نقاط رقابة في جنوب لبنان، وكما يبدو أن إسرائيل غير معنية بالانسحاب من جنوب لبنان لأن التأجيل والمماطلة وتمديد الهدنة هو أمر مستفز جدا للدولة اللبنانية، وإسرائيل ترى أنها انتصرت في هذه الجبهة على الأقل لأن المعركة كانت عسكرية ولم يكن لها جوانب سياسية كالحرب في غزة".
ويتابع للجرمق، "عدم الانسحاب الكامل هو من أكثر التحديات أمام الدولة اللبنانية، وإسرائيل معنية أن تبتز لبنان كدولة وبتفّهم أمريكي معين وقد تسعى لفرض هذا كأمر واقع خاصة بعدما قامت إسرائيل باحتلال كبير داخل سوريا وأقامت قواعد عسكرية ثابتة وليس متحركة ومعنية بالبقاء هناك، وهذا يتعلق بتوازن القوى، وأيضا يتعلق بالوضع الداخلي اللبناني".
ويضيف للجرمق، "لبنان أهين من قبل ممثلة ترامب التي زارت لبنان، بتصريحاتها أن إسرائيل انتصرت وشكرت إسرائيل من داخل مقر الرئاسة في لبنان وأيضا أهين بموضوع الرموز التي كانت تحملها كخاتم النجمة السداسية وغيره، ولكن كل ذلك يؤكد أن الوضع اللبناني يبدو أنه ذاهب للاستقرار، ولكن الإبقاء على المناطق العسكرية التي تريدها إسرائيل قد يؤدي لتوتر ولكن ليس واضحا حتى الآن".
ويردف، "الدولة اللبنانية تغيرت وحزب الله محاصر لبنانيا أكثر ولكن قد يكون هناك مفاجآت بهذا الصدد لأن إسرائيل تلقي اللوم على الجيش اللبناني أنه لم يُعد الانتشار في الجنوب، والسؤال إذا كان هناك من يستطيع أن يجبر إسرائيل على الانسحاب ولا يبدو الأمر بهذه السهولة، إلا إذا كان أمر من الولايات المتحدة".
ويقول، "الآن كل القضايا تتحول إلى إقليمية ولم تبق حبيسة كل دولة أو منطقة فقط، فقضية تهجير غزة والضفة تحول لموضوع إقليمي ودولي، وبالتالي الموقف اللبناني مهم ولكن السؤال أنه لا يملك من القوة ما يجعله يفرض شروطه".
ما شكل البقاء الإسرائيلي طويل الأمد في جنوب لبنان؟
ويوضح أن "الحديث عن مناطق محاذية للحدود وهي أقرب للنمط في مزارع شبعا قبل الحرب وهذا ما تسعى إسرائيل له الآن وتوازن القوى يسمح لها أن تفرض شروطها، وهذا ليس بالضرورة صحيح فالتقديرات الإسرائيلية قد تورطها باستدامة التوتر، وعندها سيكون هناك مشكلة لعودة سكان الشمال الإسرائيليين لأن هناك أثمان إسرائيلية وهي ليست بمنطقة مريحة بقرارها السياسي ولكن هذا يبدو أنه مسعى لاستغلال الإدارة الأمريكية الجديدة وتوسيع حدودها بعدة مناطق وهذا نوع من التدخل الثابت".
ويقول، "ستكون القواعد شكليا حدودية لكنها ستقوم بالتدخل في الشؤون اللبنانية عسكريا وسياسيا بما فيها في شمال لبنان وليس فقط بجنوبه ولمنع عودة النازحين اللبنانين، ولم تنجح عودتهم، والدولة اللبنانية أمام تحدي كبير وهل ستقبل بهذا أم لا".
موقف حزب الله
ويتابع، "حزب الله أعلن موقفه أن على الدولة اللبنانية أن تقوم بدورها وهذا ما أكد عليه نعيم قاسم، ولكن بلا شك ضَعُف دور حزب الله لبنانيا وضَعُف عسكريا مقابل إسرائيل، وبالتالي ضعف على المستوييت السياسي والعسكري، وهذا تحول أساسي، وبالتالي نتحدث عن تحدي للدولة اللبنانية وليس لحزب الله".
دور فرنسا كضامن لتمديد الاتفاق
ويقول مخول للجرمق، "فرنسا ليست الدولة الأقوى أمام الموقف الأمريكي والتعنت الإسرائيلي، فموقف فرنسا قد يكون تصريح ولكنه ليس بالموقف الذي يستطيع أن يغير مسار الأمور".
ويردف، "هناك بنية للوسطاء والمفاوضات التي كانت في لبنان، والشيء الحاسم إسرائيليا هي ’المفاوضات’ مع الولايات المتحدة الأمريكية وحتى قبل التمديد أي خلال مفاوضات الهدنة، هي كانت مفاوضات أمريكي إسرائيلية إلى حد كبير وليس بين الأطراف ككل، كان هناك مشاركة جماعية بين الأطراف ولكن غير مباشر، ولكن ما حسم موضوع الهدنة في لبنان هو الموقف الأمريكي وهذا ما حصل في التمديد أيضا، إسرائيل تحاول أن تحظى بالرضى والقبول الأمريكي وعندها لا يهمها أي شيء آخر وهذا يستند لتوازن القوى وإلى أن الأمور حُسمت في الجبهة الشمالية".