بعد تصويته ضد ميزانية الدولة..هل بن غفير بات يعد أيامه الأخيرة في ائتلاف نتنياهو؟

عارض حزب "عوتسماه يهوديت" بزعامة وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير التصويت على ميزانية "الدولة" لعام 2025 فيما امتنع رئيس الحزب عن التصويت وذلك احتجاجا على التأخر في المضي بإجراءات إقالة المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية.
وصادقت الهيئة العامة في الكنيست الإسرائيلية على ميزانية "الدولة" بتصويت 59 عضوا ومعارضة 57، وذلك في ظل جلسة شهدت توترا بين الوزيرين الإسرائيليين إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي الإسرائيلي وبتسلئيل سموتريتش وزير المالية الإسرائيلية.
وقال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير الذي لم يصوّت على مقترح ميزانية "الدولة" إنه، "لطالما لم يتم إقالة المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية فإن الحكومة لا تفعل الحد الأدنى في هذه القضية".
واتهم بن غفير، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بأنه "يميني في الغرف المغلقة" بينما يعمل فعليًا كـ"طوق نجاة" للمستشارة القضائية، مشددًا على أن حزبه لن يدعم ميزانية الدولة دون إقالتها.
من جهته، أصدر حزب "الصهيونية الدينية" بيانًا شدد فيه على دعمه لإقالة المستشارة القضائية، لكنه قال إن اتخاذ هذه الخطوة يجب أن يكون "بناءً على اعتبارات مهنية وقانونية، وليس نتيجة مساومات سياسية".
هل يقيل نتنياهو بن غفير؟
ويقول الكاتب والمحلل السياسي أنطوان شلحت للجرمق، إن، "بن غفير يحاول أن يضغط من خلال تصويت ضد قرارات الحكومة، ولكن أعتقد أنه يدرك أن تصويته لن يعرقل اتخاذ أي قرار، لأن نتنياهو يملك أغلبية بالكنيست حتى دون أصوات بن غفير، هذا النوع من الضغط من قبل حزب بن غفير على الحكومة كي تتخذ قرارات ضد المستشارة القضائية للحكومة، وكي تواصل الحكومة بخطة الانقلاب على الجهاز القضائي".
ويتابع، "لو أن بن غفير يدرك مسبقا أن مثل هذه الخطوة تعرقل إقرار الميزانية، لم يكن ليقدم على التصويت ضد القرار".
وقول، "لا زلت أدّعي أن هذه الحكومة التي تسمى حكومة اليمين الكامل، كل أطرافها يدركون أن مثل هذه الفرصة لا تتكرر، بالتالي سيكون خيارهم الأخير إسقاط الحكومة من خلال أي تمرد على قراراتها أو قوانينها التي تنوي الدفع بها لأنهم من الممكن أن يخسروا الحكم ولا يعودون له كما تشير استطلاعات الرأي".
ويردف، "استطلاعات الرأي العام، في حال جرت الانتخابات اليوم، تحت تأثير الحرب متعددة الساحات وتحت تأثير الخطط التي تبنتها الحكومة قبل الحرب، الائتلاف الحالي الذي تتشكل منه الحكومة الحالية لن يتمكن من الحصول على أغلبية تمكنه من العودة لسدة الحكم، لذلك هناك حرص شديد لكل الأحزاب في الائتلاف عدم الإقدام على أي خطوة يمكن أن تسقط الحكومة".
ويتابع، "أعتقد أن نتنياهو يمكن أن يقيل بن غفير بسهولة، لأنه حتى دون بن غفير هناك أغلبية للائتلاف في الكنيست، ولكن ستكون أغلبية ضئيلة، وستظهر فئات أخرى قد تبتز نتنياهو، وهذه الإمكانية واردة، فنتنياهو الذي استعاد إلى حد ما ثقته بنفسه واستعاد فائض القوة الذي كان يتمتع به أن يقبل أن يكون هناك تمرد ضد الائتلاف من داخله".
ويشير إلى أن، "بن غفير يملك ورقة ضغط على الائتلاف خاصة بما يعتبره ’مبدئيا’، والأهم من امتلاكه ورقة الضغط هو أنه في سدة الحكم وإذا غامر وأقدم على خطوة تسقط الحكومة، يمكن أن يضيع فرصة وجوده في الحكم، التي تعتبرها أحزاب اليمين المتطرف فرصة ’تاريخية’ قد لا تتكرر، ولذلك نلاحظ أن كل المحاولات التي تقوم بها أحزاب اليمين المتطرف تعطي انطباع أنها في سباق مع الزمن لتثبيت وقائع على الأرض بحيث لا يمكن الارتداد عنها، لأن هذه الفرصة يمكن ألا تأتي مرة أخرى".
ويضيف للجرمق، "هذه الحكومة بكل مركباتها ستحافظ على وحدتها وبقائها بالحد الأقصى حتى لو من خلال تقديم تنازلات".
ويردف، "من الممكن أن يقلص نتنياهو صلاحيات بن غفير ولكن هذا الاحتمال وارد بشكل ضئيل، أما إذا تجاوز بن غفير الخطوط الحمراء فمن الممكن أن يقلص نتنياهو صلاحياته".
ويقول، "هناك جدل بين مركبات الائتلاف، أيضا الأحزاب الحريدية تناقش الآن قانون التجنيد وهناك خلافات التي توصف بوسائل إعلام أنها شديدة ولا أحد يعلم كيف سيتم تجاوزها، ولكن كل الخلافات لن تصل لنقطة تؤدي لسقوط الحكومة".
ويقول شلحت حول احتمالية معارضة بن غفير لإبرام صفقة تبادل، "أعتقد أن بن غفير سيخرج ضد الصفقة ولكن هذا لا يعني أن الصفقة لن تمر، حاليا نستطيع أن نرى تمايزا بين موقف بن غفير والصهيونية الدينية، في السابق، كان الموقفان يتماهيان مع بعضهما البعض، فبن غفير يعتقد أن الصفقة ستضع حدا للحرب على غزة ولكن الصهيونية الدينية تؤيد الآن الصفقة وكذلك أحزاب الحريديم".
ويتابع، "أغلب وسائل الإعلام اليو تقلل من التفاؤل المفرط الذي يجري الحديث به عن الصفقة كأنها قاب قوسين أو أدنى ويقولون من السابق لأوانه الحديث عن اقتراب التوصل لصفقة، وإسرائيل لديها ’مهلة’ حتى 20 كانون الثاني/يناير المقبل أي تاريخ تنصيب ترامب لإبرام الصفقة، ويبدو أنها ليس على عجلة لتحقيق الصفقة".
ويضيف للجرمق، "هناك تلميحات من جانب الحكومة الإسرائيلية أنه حتى لو تم التوصل لصفقة ستكون مثل الصفقة في لبنان، أي صفقة لن تضع حدا للحرب، بمعنى أنه في أي لحظة ستعود إسرائيل للحرب"، متابعا، "الصورة الظاهرة الآن لكل ما يحدث يشوبها الغموض أكثر من الوضوح".
ومن جهته، يقول المحاضر في العلوم السياسية د.سليم بريك، "فترة بن غفير في الائتلاف تصل لنهايتها لأن زعماء الائتلاف توجهوا لنتنياهو وطالبوا بإقالة بن غفير، لعدة أسباب، أولها تصويته ضد الميزانية الذي ينبع بالأساس من خوفه من المستشارة القانونية لأنها طالبت بإقالته بسبب الممارسات التي يقوم بها في جهاز الشرطة، نرى تسيس لجهاز الشرطة وهناك تدخل سياسي بتعيين ضباط الشرطة وهذه أمور غير مسبوقة".
ويتابع للجرمق، "بن غفير هدد أنه سيستقيل من الائتلاف وسيخرج ضد الصفقة، أعتقد الصفقة ستمر وإما أن يتراجع بن غفير وستكون نكسة له أو سيجد نفسه خارج الائتلاف، ونتنياهو ينتظر حتى تتم الصفقة وتخلّص الائتلاف من ملف بن غفير".
ويضيف، "الحكومة دون بن غفير لديها 62 عضو كنيست وهذا وضع غير جيد ولكن لن تسقط، القضية الثانية حسب القانون الأساسي الإسرائيلي الجديد الحكومة تسقط إن كان للمعارضة 60 عضو كنيست تؤيد إسقاط الحكومة وتقيم حكومة بديلة أي أن الحكومة ليست بخطر بهذا الأمر".
ويتابع للجرمق، "إذا تقلص عدد مؤيدي الائتلاف سيصعب العمل الحكومي وتمرير القرارات ولكن الحكومة تستطيع الاستمرار دون ب غفير الذي لا يجرؤ على إسقاط الحكومة لأن دخول عهد ترامب بات قريبا، واليمين الإسرائيلي يتأمل بفترة ترامب أن يقوم بالاستيطان والسيطرة على أراضي في الضفة الغربية، وبالنسبة لهم أن يقوم بن غفير بإسقاط الحكومة الآن هذا خطأ بالتالي بن غفير الآن موجود بموقع ضعف".
ويضيف، "حتى لو كان بن غفير خارج الائتلاف أغلب القرارات التي ستمر عمليا لا يستطيع أن يخرج ضدها، مثلا توسيع الاستيطان في الضفة الغربية، هل يستطيع أن يخرج ضد هذا القرار مثلا؟ بالطبع لا، بن غفير تحول لعبء على الائتلاف، كان يجب ألا يكون وزير ونتنياهو قال قبل شهر من الانتخابات أن بن غفير لن يكون وزير".
"بن غفير الآن عبء على الإئتلاف ونتنياهو يريد أن يراه يخرج بنفسه وليس أن يقيله هو، ولهذا دلالات أخرى".