العليا الإسرائيلية تطالب الحكومة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية..كيف سترد حكومة نتنياهو؟

أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية، أمس قرارًا يقضي بأن تعقد الحكومة جلسة خلال 60 يومًا لمناقشة إمكانية إنشاء لجنة تحقيق رسمية في أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وجاء ذلك بعدما قُدمت التماسات للمحكمة العليا الإسرائيلية لإنشاء لجنة تحقيق بأحداث 7 من أكتوبر، والتي يرفض نتنياهو تشكيلها ويسعى لتشكيل لجنة حكومية خاصة.
وقالت المحكمة العليا في قرارها إنه بعد أن تعقد الحكومة الجلسة، ستقرر ما إذا كانت ستواصل النظر في الالتماسات أم لا. وقدم الالتماس بواسطة عدد من المنظمات، من بينها "الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل"، بالإضافة إلى عائلات القتلى ومواطنين إسرائيليين يطالبون بإجراء تحقيق مستقل.
وخلال الجلسة، أثار القضاة قلقهم من مماطلة عقد الحكومة جلسة لمناقشة الموضوع، وقال القاضي دافيد مينتس: "لماذا لا يمكن للحكومة الاجتماع واتخاذ القرار؟ لماذا يؤثر ذلك على أداء الحكومة أو الجيش؟"، فيما اعتبر الملتمسون أن فشل الحكومة "خلف آثارًا كارثية على المجتمع الإسرائيلي".
ويقول المحامي خالد زبارقة للجرمق، "تم تقديم التماس للمحكمة العليا على يد مجموعة من الإسرائيليين، وتطالب المحكمة بإصدار قرار يلزم الحكومة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية بأحداث 7 أكتوبر، وواضح أن هناك عدة تبعات للموضوع لأن الحكومة ترفض تشكيل لجنة تحقيق رسمية، فهي ليس لجنة حكومية وليست تابعة للحكومة ولا يوجد للحكومة أي تأثير على قراراتها وسيكون لها صلاحيات بالدخول واستلام كافة المستندات والأدلة المطلوبة".
ويتابع، "رفض الحكومة الإسرائيلية تشكيل مثل هذه اللجنة يأتي في سياق الخلاف السياسي العميق الذي يتعمق الآن بين مركبات المجتمع الإسرائيلي من جهة، ومن جهة ثانية، يبدو أن الحكومة الإسرائيلية تسعى إخفاء كثير من الأدلة والسياسات التي سبقت 7 أكتوبر، ويبدو أن الحكومة متورطة في هذا الحدث الكبير الذي هزّ إسرائيل هزة كبيرة وخاصة في نظر المجتمع الإسرائيلي".
ويردف، "من جهة أخرى، في ظل الخلاف الحاصل الآن بين مركبات المجتمع الإسرائيلي والمركبات السياسية أي بين الليبراليين والمتدينين وفي ظل الخلاف على هوية الدولة ومساعي أطراف المعارضة الإطاحة بحكومة نتنياهو وفي ظل تمسك الصهيونية الدينية واليمين المتطرف باستمرار الحكومة، سيكون هناك خلاف على تشكيل اللجنة وعلى أعضائها لأن كل طرف يريد أن يضع أعضاء ممن يروقون له وممن يمكن أن يجيروا الاستنتاجات النهائية لتقرير اللجنة إن حصلت لصالحه".
ويضيف، "الالتماسات بداية لمعركة قانونية أخرى على ما حصل في 7 أكتوبر، وأيضا معركة قانونية أخرى على مجمل الحالة السياسية والاجتماعية في إسرائيل".
وبدوره، يقول المحلل السياسي أمير مخول للجرمق، "لا يوجد خطوة مهمة سياسيا من قبل الأوساط المعنية بلجنة التحقيق أو من قبل عائلات المحتجزين، لكنها ليست بالضرورة خطوة مفصلية خاصة أنه يصعب القول أن الحكومة لا تريد لجنة تحقيق مع أنها لا تريد اللجنة فعلا ولكن لا تستطيع التصريح بذلك".
ويتابع، "هناك إمكانيات لـ التلاعب بموضوع لجنة التحقيق، وهل ستكون لجنة فحص أو لجنة تحقيق رسمية لها وضعية قانونية، ولكن يبدو أن كل المطالبات بالتوجه للقضاء أو المستشارة القانونية أو المحكمة العليا لإقامة لجنة تحقيق، ستتجاوزها الحكومة وإلى حد كبير ستكون في صالح نتنياهو، إلا إذا أقيمت لجنة تحقيق رسمية قانونية مستقلة خارجة عن نطاق الحكومة، ولكن هل الأمر واقعي الآن؟ أعتقد أن لدى الحكومة الكثير من طرق التهرب من هذا الأمر، كما أنه لا يوجد ضغط شعبي ولا يوجد مظاهرات تطالب بإقامة لجنة تحقيق، هذا حدث بالماضي في الثمانينيات، ولكن الآن لا يوجد لأن لجنة التحقيق ليست موضوع يشغل الرأي العام الإسرائيلي بشكل خاص".
ويردف، "لجنة التحقيق بحاجة لموضوع سياسي، إذا كانت المعارضة معنية به، أو قوى معينة بالاحتجاج، لكن حاليا لا يبدو أن هناك مقومات فعلية حقيقية لضغط شعبي لتفرض إقامة لجنة من هذا النوع، والحكومة ليست في ضائقة لا شعبيا ولا جماهيريا".
ويضيف، "الحكومة الإسرائيلية الآن تملك قوة سياسية وشعبية، ومؤتمرات نتنياهو الصحفية الأخيرة خاصة حول المحكمة هي تأييد لليمين وتحريض لقاعدته الشعبية بالتحرك، لديهم كل البنية القانونية، ليتحركوا باتجاه إخفاء أو سد الطريق أمام أي محاولة تؤدي للجنة تحقيق، كما أن الضغوطات من أجل الصفقة باتت باهتة نسبيا".
ويوضح أن، "نتنياهو موجود في منطقة مريحة حاليا، وسياسيا وشعبيا وجماهيريا لا توجد ضغوطات، والجيش أيضا بدأ يخضع للمستوى الحكومي، وبات أكثر طواعية للمستوى السياسي، ولذلك لا أتوقع أن تكون هناك قوة فعلية".
ويقول، "اللجوء للمحكمة العليا من قبل المعارضة وحركة الاحتجاج، دليل على أنها ليست قوية لتفرض قرارها، لأن القرار سياسي وليس فقط قضائي".
ما الإجراءات التي قد تقوم بها العليا إن لم تستجب الحكومة؟
ويقول المحامي خالد زبارقة للجرمق، "نحن بانتظار أن تصدر المحكمة العليا الإسرائيلية قرار بهذا الموضوع، أيا كان هذا القرار، وربما يكون القرار أن المحكمة تطالب الحكومة بالرد على الالتماس، أيضا هذا قرار، لذلك نحن بانتظار القرار، وإن كان هناك قرارات إجرائية قبل القرار النهائي الذي سيحسم القضية، والقرارات الإجرائية في حال الاستقطاب الحاصلة الآن وفي ظل محاكمة نتنياهو والخلاف على هوية المحكمة الإسرائيلية وعلى التعيينات في المحكمة العليا الإسرائيلية، نحن أمام دراما أخرى بالمشهد الإسرائيلية ككل".
ومن جهته، يقول المحلل السياسي أمير مخول للجرمق، "المسار طويل نسبيا، فالمحكمة ممكن أن تطلب من الحكومة تبريرها لرفض المطلب والحكومة قد تقول إنها قد تقيم لجنة تحقيق لاحقا، ولجنة التحقيق مسألة سياسية قبل أن تكون قضائية، وهل هناك قوى في الشارع الإسرائيلي تفرض ذلك؟ لا يبدو أن هذا موجود، وحتى في الاستطلاعات نرى أن كتلة اليمين تتعزز ولا تتراجع، وحاليا الأمور تسير مع نتنياهو كما يشتهي".
ما الفرق بين لجنة تحقيق "خاصة" و"رسمية"؟
ويقول المحامي زبارقة للجرمق، "لجنة تحقيق حكومية خاصة، يكون للحكومة سيطرة على مجرياتها وسيرورة عملها، أما لجنة التحقيق الرسمية العامة، هي لجنة غير حكومية، وتتشكل من خارج الحكومة ومن شخصيات ’محايدة’ نوعا ما ويكون لها صلاحية للوصول للملفات الحكومية والأمنية واستنتاجاتها غير مرتبطة بإرادة الحكومة أو برغباتها".