قراءة في خطاب نتنياهو حول سوريا: إرباك الحكم الجديد باقتطاع السيادة


  • الأربعاء 11 ديسمبر ,2024
قراءة في خطاب نتنياهو حول سوريا: إرباك الحكم الجديد باقتطاع السيادة
نتنياهو

تقديم: عشية بدء جلسات الادلاء بشهادته (10 كانون أول/ديسمبر) امام المحكمة بتهم الرشاوى والفساد عقد نتنياهو مؤتمرا صحفيا خاصا في هذا الصدد. شكل المؤتمر مناسبة لرئيس حكومة اسرائيل ليقوم بتجيير الوضع في سوريا بأنه نتاج قراراته في ادارة الحرب ويذكّر بتصريحه من السابع من اكتوبر 2023 بأن الحرب ستغير الشرق الاوسط برمّته، ومنوّها للراي العام الاسرائيلي بأن الحالة الامنية ملتهبة مما قد يشكل ذريعة لتعويق مسار عمل جلسات المحكمة وكسب قاعدته الانتخابية.

القراءة:

– استعرض نتنياهو التوجه الاسرائيلي تجاه الحكم الجديد المتبلور في سوريا وفقا لثلاثة معايير؛ الاول فرض امر واقع باقتطاع مناطق سورية؛ والثاني تدمير بنية الجيش السوري الاستراتيجية؛ والثالثة الترهيب والترغيب وفرض السطوة الاسرائيلية.
– في فرض الامر الواقع توقف نتنياهو في خطابه على اعتبار الجولان اسرائيلي للأبد وفقا لكلامه، وشكر الرئيس ترامب على دعمه في العام 2019 لقرار ضم الجولان السوري المحتل. بيد ان نتنياهو تحدث في مؤتمره الصحفي عن الجولان بما هو اوسع من حدود احتلال العام 1967 ومن اتفاق فض الاشتباك من العام 1974.
– جاهر نتنياهو بأنه من أصدر الاوامر الجيش مع وزير الحرب كاتس “بالسيطرة على ما يسمى جبل الشيخ السوري” اي على القمم الاعلى لجبل الشيخ، وعلى المنطقة العازلة التي انسحب منها الجيش السوري ومناطق اضافية “ضرورية لأمن اسرائيل”. فعليا تقوم اسرائيل باقتطاع مساحات استراتيجية ومناطق واسعة من سوريا
– تحدث عن توسيع حدود الاحتلال في الجولان واحتلال قمم جبل الشيخ، مضيفا أن “هضبة الجولان هي جزء لا يتجزأ من دولة اسرائيل” و”للأبد”. لم يكتف بخارطة السيطرة التي تحدث عنها، بل أكد على السيطرة على مناطق اضافية وفقا لاحتياجات اسرائيل الأمنية. ويجري الحديث اسرائيليا على اقامة منطقة عسكرية عازلة بين لبنان وسوريا.
– للتنويه، في حديثه بالإنجليزية للإعلام الخارجي يوم 8/12 تحدث عن وجود اسرائيلي مؤقت في هذه المناطق التي تشمل القمم المذكورة والمنطقة العازلة الموسعة، وفي مؤتمره الصحفي بالعبرية اعتبره تواجدا اسرائيليا دائما ولا حيدة عنه. فعليا تصبح العاصمة دمشق تحت التهديد الاسرائيلي الاحتلالي المباشر، ليشكل ذلك بنية تهديد دائمة للحكم الجديد.
– لتسويغ الضربات العسكرية الكبرى في سوريا صرح نتنياهو بأن الهدف هو عدم انتقال هذه الاسلحة لجهات معادية تهدد اسرائيل، وفي المقابل لقطع دابر الوجود الايراني العسكري في سوريا مما يعتقد انه سيكون مقبولا على الحكم الجديد.
– في الترهيب والترغيب، تحدث عن القضاء على سلاح الجو السوري وعلى بنية الجيش السوري الاستراتيجية، من اسلحة استراتيجية وقوة صاروخية ومراكز ابحاث عسكرية و”اي وجود ايراني في سوريا”، بهدف نهائي هو القضاء على كل بنية قيادة الجيش السوري بعد تدمير يبدو شاملا لسلاح الجو.
– تحدث نتنياهو الى السوريين وحصريا الى مركبات الحكم الجديد وبشكل مباشر بقوله “من يتعاون معنا سيكسب الكثير، ومن يواجهنا يخسر كل شيء” واضاف “نمد يدنا لمن يريد السلام معنا ونقطع كل يد ترفع علينا”.
للخلاصة:
** حسمت اسرائيل امرها بفرض امر واقع في سوريا قائم على السطوة والترهيب ومسعى لتحويل الحكم الجديد يظل تحت التهديد بشكل بنيوي. وعليه تدفع اسرائيل الى تعطيل التوافق السوري الداخلي حول سيادة ووحدة البلد كي تكون الفوضى وحتى الاقتتال على السلطة بيئة مناسبة لها كي تحكم سيطرتها.
**معظم التقديرات الإسرائيلية تفيد بأن التحولات الكبرى في سوريا قد فاجأت اسرائيل باستخباراتها العسكرية والموساد ومجلس الامن القومي، ولا يحمل معظم المحللون مساعي نتنياهو لتجيير ما حدث لصالح ادارته للحرب محمل الجد، بل يعزون الامر ايضا لاحتياجاته السياسية في الداخل الاسرائيلي.
** انتهاك السيادة السورية هو في جوهر السياسة الاسرائيلية والتقدير بأن الحكم الجديد غير مكترث حتى الان لهذا الامر او يخشى التصدي له لغاية الان حتى ولا من باب تسجيل الموقف.

نتنياهو ومقدمات التراجع عن صفقة التبادل
ملخص تقدير موقف، مركز تقدم للسياسات

– في مؤتمره الصحفي مساء 11 كانون أول/ديسمبر، تطرق نتنياهو الى لقاءاته مع عائلات الاسرى والمحتجزين الاسرائيليين، وأشاد بسياساته التي لم يرضخ للضغوطات الدولية والداخلية، ثم اشار الى ان سياسة اسرائيل هي السيطرة على محور صلاح الدين/فيلادلفي، بضمان منع دخول اية مواد تسهم في استعادة حماس لقوتها العسكرية والادارية، ليشكل ذلك مؤشرا لاستعداد للتراجع عن التواجد العسكري المباشر في المحور بما يتفق مع الصيغة المصرية التفاوضية الحالية.
– اشار نتنياهو الى تحولات ايجابية نتيجة للفعل العسكري الاسرائيلي في غزة واقليميا مؤكدا على عزلة حماس “التي سعت الى وحدة الساحات وتعدد الجبهات لتجد نفسها امام تفكيك الساحات والجبهات”، كما وأكد على تدمير قدرات حماس العسكرية وعلى انه لا تزال قدرات حاكمية وادارية يجري العمل على القضاء عليها ويحتاج الى الوقت وفقا له.
– ضمن هذه المعطيات تحدث بلهجة ايجابية بصدد المفاوضات لكن اقل إيجابية، بصدد صفقة شاملة وبسلبية تجاه انهاء الحرب، معتبرا حماس تعوّق الامر بإصرارها على انهاء الحرب بما فيه الانسحاب. تحت مسمى “عدم البوح بمعلومات اضافية” للضرورة الامنية، سعى نتنياهو الى خلق حالة من الضبابية توحي للعائلات بالأمل بعودة ذويهم وحصريا بعد بث اشرطة فيديو من محتجزين اسرائيليين في غزة كان لها مردود كبير في تعزيز الامل اسرائيليا بالصفقة، بينما فعليا يمتنع نتنياهو عن الالتزام باحتمالية صفقة التبادل.

للخلاصة:
** تفيد التقديرات بأن الحدث السوري هو الاولوية الحالية لحكومة اسرائيل وقد تضطر الى الصفقة للتفرغ لهذا التحول الجيوسياسي، وفي المقابل فإن حديث نتنياهو بأنّ مهمة تفكيك جهاز حكم حماس المدني لم ينجز بعد، تعني عدم انهاء الحرب.
** قد تكون صفقة جزئية لمنع رؤية صفقة شاملة تتحقق على اساس انهاء الحرب وانسحاب اسرائيل. بينما التقديرات الاسرائيلية الحاكمة هي بأن حماس قابلة للإخضاع بعد تفكيكها من مواطن قوتها وفقا لنتنياهو.
** قد تكون الضبابية التي يبثها نتنياهو هي للضرورات التفاوضية، وقد تشكل مساحة مناورة للتراجع عن الصفقة في هذه المرحلة وإلقاء تهمة تعويقها على حماس، وهذه الامكانية تبدو مناورة اولى لنتنياهو امام ترامب المعني بالصفقة وبإنهاء الحرب. ثم ان نتنياهو لا يتنازل للحظة عن مصالحه السياسية وعن هدف بقائه في الحكم.

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر