اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان..ما ملامح المرحلة المقبلة؟

أشارت وسائل إعلام إسرائيلية وتصريحات أمريكية إلى اقتراب التوصل لـ ما وصفته بـ "تسوية" سياسية مع لبنان والتي تتضمن وقفًا لإطلاق النار لمدة 60 يوما وانسحاب حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني.
ويقول المحلل السياسي والباحث نضال وتد، "يبدو أن لبنان وافق بحسب ما تنشر بنوده في وسائل الإعلام الإسرائيلية وأيضا العربية، على شروط الاتفاق، وهي إعادة حزب الله إلى ما وراء خط الليطاني، ونزع سلاح حزب الله، وألا تكون هناك جهات غير رسمية في لبنان تحمل السلاح وأن تقوم لبنان بالإشراف على الحدود ومنع وصول السلاح لحزب الله".
ويتابع للجرمق، "هذه تحدد ملامح المرحلة القادمة ومحاولة تطويع حزب الله وتحويله لجهة سياسية فقط غير مقاوِمة وأن يكون على غرار حركة أمل في لبنان وأن يكون نشاطها سياسي، وأن يتم إدخال الجيش اللبناني في الجنوب لحماية الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وأن يقوم من طرفه في لبنان منع القيام بأي نشاط عسكري ضد إسرائيل كما هو الحال مع دول عربية أخرى مجاورة".
ويضيف، "بالتالي سيكون حزب الله بعد موافقة إيران حسب ما نشرت وسائل إعلام مختلفة في مرحلة لن يكون فيها قادرا على القيام بعمليات عسكرية على الأقل خلال الـ60 يوما التي يتم الحديث عنها مقابل وقف إطلاق النار، بالمقابل نرى الحديث وكأن الاتفاق بات وشيكا غير نهائي، لا يزال هناك من يشككون بإقرار الحكومة الإسرائيلية اليوم بعد جلسة الكابينت المقررة الساعة 4 قد يتم وضع شروط جديدة وتحفظات إسرائيلية تدفعه لإفشال هذا الاتفاق".
ويقول، "أسباب قبول نتنياهو وإسرائيل للاتفاق، هي فتح الطريق لإعادة تكثيف الحرب على غزة فقد ذكر موقع الإذاعة الإسرائيلية أن من بين التسويغات لهذا الاتفاق وقبول رئيس الحكومة الإسرائيلية بالاتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان هي رفع الحظر عن الأسلحة التي جمدتها الولايات المتحدة وأوقفت إرسالها لإسرائيل، وهي معدة لمواصلة الحرب على غزة".
ويردف للجرمق "قد يقبل نتنياهو في حال سارت الأمور في الكابينت اليوم على ما يرام، قد يقبل بالشروط وقد يتم التوقيع على الاتفاق خلال ساعات اليوم وربما يستغرق عدة أيام لإتمام كل الإشكاليات التي قد تظهر خلال الساعات الأخيرة وهذه ملازمة لكل الاتفاقيات التي كانت بين الاحتلال والحركات المقاومة سواء في غزة ولبنان، كنا نشهد دائما في الساعات الأخيرة من الإعلان عن وقف لإطلاق النار تكثيف إسرائيلي للعدوان والقصف وأحيانا يتم التأخير ليوم آخر في محاولة لتهدئة الشارع الإسرائيلي وتشجيعه على قبول القرار".
ويتابع، "هناك في إسرائيل حتى الآن المعارضة الرئيسية للاتفاق في لبنان هي من قبل المستوطنين في البلدات الحدودية في الشمال، وبعض أقطاب المعارضة الإسرائيلية للاتفاق التي تطالب بعدم وقف الحرب".
ويقول، "الاتفاق يتحدث عن وقف إطلاق نار فقط وليس إنهاء الحرب وهذا ما أكدته أمس جهات سياسية في إسرائيل، أن الحديث ليس وقف للحرب على لبنان وإنما وقف لإطلاق النار ويمنح إسرائيل 60 يوما لالتقاط أنفاسها والجيش الإسرائيلي يعيد ترتيب صفوفه ولإعادة إجراء تدريبات جديدة وربما كسب أيام لراحة الجنود الإسرائيليين من القتال المتواصل منذ 7 أكتوبر من العام الماضي".
ويوضح أن "الهدنة تريح إسرائيل في حال أقرتها، وهي تحتفظ بمذكرة التفاهم مع الولايات المتحدة التي تجيز لها أن تعيد شن الهجمات على لبنان في حال قررت وحدها أن الطرف اللبناني نقض الاتفاق المفترض أن يعلن عنه إما اليوم أو غدا تبعا للتطورات في المجلس الأمني والسياسي الإسرائيلي وأيضا تبعا للإعلان المرتقب من الرئيس الأمريكي بايدن والرئيس الفرنسي ماكرون".
ويقول للجرمق، "المرحلة القادمة، في حال صمد الاتفاق لمدة 60 يومان سيكون الثقل على عاتق الدولة اللبنانية التي في حال تم إقرارها بالاتفاق، سكون مطالبة بنزع سلاح جميع الجهات المسلحة غير الرسمية وهنا الحديث عن حزب الله في هذه الحالة وبالتالي ستكون على الحكومة اللبنانية أن ترتب أوراقها في الداخل وواضح أن هناك ضوء إيراني في المرحلة الحالية للقبول بهذا الاتفاق".
ويضيف، "أيضا حزب الله بحاجة لإعادة ترتيب صفوفه وتنظيم كوادره، والسؤال المركزي الآن هل ستقوم اللجنة المقترح تشكيلها للإشراف على وقف إطلاق النار بعمل متشدد تجاه حزب الله، وهل سنرى خطوات فعلية لنزع سلاح حزب الله وإنما فيط إبعاده إلى شمال نهر الليطاني فالترسانة الصاروخية المتوفرة لدى حزب الله بما فيها الصواريخ الباليستية تتيح له أيضا الصواريخ باتجاه العمق الإسرائيلي حتى من وراء نهر الليطاني".
ويقول للجرمق، "هناك نوع من التحفظات الآن في الحكومة الإسرائيلية على هذا الاتفاق، الكثيرون يطالبون الحكومة بعدم وقف الحرب الآن وإنما مواصلة توجيه الضربات لحزب الله".
ويتابع، "السؤال كيف سيكون الوضع الآن في لبنان، ففي اللحظة التي يتم فيها التوقيع على الاتفاق، كل المتاعب وكل الوزن الثقيل بمتابعة الاتفاق سيكون على الدولة اللبنانية والجهات المركبة للجهاز السياسي في لبنان وهل سيتمكن الجيش اللبناني من إعادة الانتشار عند الحدود مع إسرائيل وهل سيكون قادرا على مواجهة مجموعات مسلحة لحزب الله ومنعها من مقاومة إسرائيل".
ويردف، "إسرائيل تنقل في حال وافقت على الاتفاق كل الثقل كل الثقل على الدولة اللبنانية وتضع لنفسها الحق بإعادة الاعتداء على لبنان بزعم أن الدولة اللبنانية لا تقوم بتنفيذ الاتفاق بحذافيره كما تم الاتفاق عليها، المرحلة القادمة تنقل الثقل والعبء على الجانب اللبناني بينما تتفرغ إسرائيل لتكثيف العدوان على غزة وهذا هو هدفها الرئيسي".
ويقول، "الاتفاق هو وقف للجبهة اللبنانية نهائيا وقطع مسألة وحدة الساحات ووقف عملية الإسناد التي كان حزب الله يقوم بها، بالتالي ستتفرد إسرائيل بغزة مع الأسلحة التي كانت الولايات المتحدة أوقفت إرسالها لإسرائيل لتسليح الجيش الإسرائيلي لمواصلة الهجمات على غزة".
ويقول للجرمق، "حزب الله وُضع في الزاوية بعدما وصل مبعوث علي خامنئي والتقى بنبيه بري وحثه على القبول بالاتفاق، الاتفاق يعني اعتراف إسرائيل ولبنان بقرار 1701، نعلم أن حزب الله في الماضي تحفظ على القرار بينما التقارير في لبنان الآن تقول إن الحزب موافق على القرار، هناك مسألة قيام الحكومة اللبنانية بمنح الصلاحيات اللازمة لقوات الأمن اللبنانية لمراقبة دخول الأسلحة عبر الحدود اللبنانية وأن تكون الجهة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح ومعترف بها، بالتالي لن تكون بحسب الاتفاق القدرة على مواصلة بناء قوته العسكرية".
كيف ينظر حزب الله للاتفاق
ويضيف وتد للجرمق، "باعتقادي حزب الله ينظر للاتفاق أنه فترة يعيد فيها لملمة صفوفه ومداواة جراحه وترتيب صفوفه خاصة بعد الضربات التي تلقاها منذ عملية تفجيرات البيجر في سبتمبر الماضي واغتيال الأمين العام ومجموعة من القادة العسكريين الذين كانوا مطلعين على خطط الحزب، الحزب بحاجة لالتقاط النفس".
ويقول، "واضح من مجرد اسم الهدنة هو اتفاق لوقف إطلاق النار وليس وقف للحرب، وهذا يعني أن المسألة مسألة وقت، وأعتقد ستكون ليس فقط مفيدة لإسرائيل وإنما مفيدة لحزب الله، وواضح أن رسالة لاريجاني لرئيس مجلس النواب نبيه بري دفع حزب الله للقبول بالاتفاق، ويبدو أن القدرات العسكرية للحزب فيها نوع من الإنهاك لذلك هو بحاجة لترتيب صفوفه وأن ينسحب إذا أراد ذلك دون أن يكون عرضة لضربات جوية إسرائيلية".
الرابح من الاتفاق.. إسرائيل
ويتابع وتد للجرمق، "لكن الرابح الأكبر بالأساس إسرائيل، لأنها أنهت مسألة وجود جبهة ثانية في جنوب لبنان أو الجولان أو سوريا، ولا أستبعد أن يكون ضمن الاتفاق إخضاع الحركات الموالية لإيران في العراق والتي شنت بدورها هجمات على إسرائيل خلال العام الأخير".
ويقول، "الاتفاق يتيح لإسرائيل تقليص الجبهات لجبهة واحدة لتعود لمواصلة حرب الإبادة في قطاع غزة، ولمواصلة الحرب الهمجية على الضفة العربية".
ويضيف للجرمق، "الاتفاق يمنح إسرائيل حالة من التخلص من القلق على الجبهة الشمالية سواء من لبنان وسوريا والعراق، والتفرغ لغزة وتكبيد المقاومة في غزة مزيد من الضربات ومواصلة الإبادة وهذا سيكون فيه بعض الراحة للحكومة الحالية".
ويردف، "السؤال ماذا سيكون رد المستوطنين في الحدود الشمالية، نعرف أن رؤساء مجالس البلدات الشمالية يرفضون العودة ويريدون ضمانات أن عودتهم إلى البلدات الحدودية ستكون مضمونة وألا تكون هناك رشقات صاروخية".
ويوضح، أن "المرحلة القادمة سيكون فيها انتقال الثقل الدولي والداخلي معا على الدولة اللبنانية لتنيفذ الاتفاق بحذافيره، خاصة أن المذكرة الأمريكية تعطي الشرعية لإسرائيل من قبل الولايات المتحدة وهذا يعني مد السلاح لاستئناف العدوان على لبنان في حال قررت حكومة نتنياهو أن لبنان خرق الاتفاق، ونتنياهو قد يتجه لهذه الخطوات إذا اضطرته احتياجاته في الساحة الحزبية الداخلية".