الليكود يدعو للاستيطان في غزة..هل هذه خطة نتنياهو واليمين الإسرائيلي الخفية منذ سنوات؟

أصدر حزب الليكود، دعوة إلى أعضائه وأعضائه في الكنيست ووزرائه إلى جولة في كيبوتس "نيريم" في "غلاف غزة"، تحت عنوان "نستعد للاستيطان سوية مع نويات الاستيطان".
وجاء في الدعوة أنه "بعد سنة من ’المذبحة’ سنمتثل جميعا، أعضاء الليكود، رؤساء فروع، وزراء وأعضاء كنيست، نعلن سوية – غزة لنا، إلى الأبد".
وهذا المؤتمر ليس الوحيد فقد عُقد مؤتمر مشابه في شهر كانون الثاني/يناير الماضي وفق صحيفة "معاريف" العبرية التي قالت، "أقيمت في القدس فعالية مماثلة تحت عنوان ’الاستيطان يجلب الأمن والنصر’ وشارك في هذا المؤتمر وزراء والعديد من أعضاء الكنيست والحاخامات، ومنهم وزير الأمن القومي إيتامار بن جفير، الذي دعا للعودة للاستيطان في غزة".
خطط قديمة
ويقول الكاتب والمحلل السياسي نضال محمد وتد للجرمق، "ما يتعلق بخطط نتنياهو فهي موجودة منذ أعوام طويلة ولكن الظروف لم تكن تسمح له بذلك، ولا الأجواء الداخلية في إسرائيل، في السنوات الأخيرة مع التغييرات الديموغرافية صالح اليمين المتطرف، وتحديدا اليمين العلماني الذي يمثله نتنياهو واليمين الديني والحريديم الذين لا يعتبرون صهاينة، الجميع الآن باتوا يعلنون نواياهم بالاستيطان في غزة".
ويتابع، "علينا أن نذكر أن نتنياهو عندما شن الحرب على غزة هذه المرة، كان في باله أنه أمام فرصة تاريخية لتصحيح مساره التاريخي بمعنى ’تصحيح’ قراره بعدم معارضة فك الارتباط مع قطاع غزة، إذ لا يزال اليمين الإسرائيلي يزاود عليه بمسألة الموافقة على الانسحاب من قطاع غزة ويعتقد أنه أمام فرصة ’لتصحيح’ هذا الموقف منه، ويعتقد أنه أمام فرصة لإنهاء مسألة حل الدولتين نهائيا، بالتالي هو أطبق غلاة المستوطنين في الضفة الغربية من جهة، واستغل معركة طوفان الأقصى لتطهير شمال غزة وبدء العودة للحديث عن إعادة الاستيطان في قطاع غزة".
ويردف، "هناك نوع من الخطوط الإسرائيلية الجاهزة، واضح من التطورات العسكرية والميدانية خلال الحرب التي شنتها إسرائيل بعد معركة طوفان الأقصى أن هناك مخططات سابقة كانت تنتظر الفرصة المناسبة، بالتالي الدعوات للعودة للاستيطان في قطاع غزة الآن هي ليست جديدة، هذا القطاع الديني الصهيوني لا يزال يسمي مسألة الانسحاب من قطاع غزة ’طرد لليهود من أرض إسرائيل’ هذا التعبير الذي يستخدمونه باستمرار للإشارة لقرار الانسحاب من غزة في عهد شارون وأن الفرصة الآن أمامهم للعودة إلى ’أرض إسرائيل’".
ويقول، "خلال المخططات العسكرية كان هناك مسألة دقيقة جدا بالنسبة للجيش الإسرائيلي ولنتنياهو لإعادة فتح معبر نتساريم الذي كان يربط منطقة غلاف غزة بجنوب القطاع، وبالتالي فك قطاع غزة وتقطيعه لشمال وجنوب، وسيكون هناك محور نيتساريم، وسيكون في المرحلة الأولى كما تحدث جيش الاحتلال أنه سيكون هناك نقاط عسكرية للمراقبة هذا كان التوصيف الرسمي، ولكن نحن نعلم أنه من خلال التجربة في الضفة الغربية أن النقاط العسكرية سرعان ما تلحقها بما يسمى مخيمات وثكنات لإسرائيليين يعملون لتقديم الخدمات الميدانية للجيش وهكذا تأسست مستوطنة عوفرا في الضفة الغربية، والادعاء كان في البداية أنها معسكر جيش وبالتالي المرافق المجاورة له لتقديم الخدمات للجيش".
ويضيف، "الاستيطان في غزة بات الآن أكثر متناول في إسرائيل، وليس هناك من يرفع حاجبيه ضد فكرة العودة لقطاع غزة، والوضع الآن مرهون بالتطورات الميدانية ومحاولة نتنياهو الآن تحت تسويق خطة الجنرالات، هي غطاء عسكري لإعادة الاستيطان لغزة، ولكن هذا الحلم الإسرائيلي مرهون بمدى قوة المقاومة في قطاع غزة وقوة الصمود للشعب الفلسطيني في شمال قطاع غزة ورفضهم الترحيل والعودة إلى جنوب القطاع وقد ذكرت صحيفة هآرتس أمس أن أهالي شمال غزة، لا تزال بيوتهم قائمة حتى لو هدم جزء منها يرون أنهم من الأفضل لهم أن يبقوا في أماكنهم وعدم التوجه للمجهول والانتقال للخيام التي قد تكون عرضة للقصف والحرق كما حدث".
ويتابع، "هذا السيناريو متطور بالتطورات الإقليمية أكثر مما هو مرتبط بالرغبة الإسرائيلية، فهذه الرغبة موجودة، لو أن نتنياهو رأي أن هناك فرصة مواتية فعلا لبناء الاستيطان من جديد في غزة لقام بذلك، هو الآن ينتظر مصير المعركة الحالية في قطاع غزة وفي لبنان من جهة أخرى، لكن بتصوري، هو يدفع بهذا الاتجاه ولم يحتج على المؤتمر في القدس والذي شارك فيه عدد كبير من أعضاء الكنيست والوزراء من الليكود، هذا الطرح غيبي ولكنه مرهون بجداول عمل، وواضح أن له مخططات سابقة".
ويقول للجرمق، "سمعنا أن هناك لوبيات يهودية في الولايات المتحدة الأمريكية تبيع أراضي في قطاع غزة لمن يريد الاستيطان هناك، وأن من يريد الاستيطان عليه أن يسجل ليحصل على قطعة أرض، وهناك دعوات مشابهة للاستيطان في جنوب لبنان".
ويضيف، "مسألة طغيان البعد الديني على البعد العلماني لا تزال موجودة ولكن بوتيرة أعلى، ولكن حتى بالجانب العلماني المتطرف هناك من يرى بوجود العودة للاستيطان في غزة وربما يحلم أيضا بإقامة مستوطنات في جنوب لبنان".
كيف يمكن منع الاستيطان في غزة؟
ويقول وتد للجرمق، "العامل الوحيد الذي يمكن أن يؤثر على منع هذه الخطوة أي (الاستيطان في غزة) ليس الشارع الإسرائيلي وليس الأحزاب الإسرائيلية، اليوم أيزنكوت وغانتس لا يمثلان الكثير في الشارع الإسرائيلي، ولا حتى يائير لبيد، هناك أفيغدور ليبرمان الذي يريد العودة لقطاع غزة، وهناك ساعر الذي انضم زاحفا لحكومة نتنياهو، بالمجمل الشارع اليميني في إسرائيل هناك إمكانية للعودة للاستيطان في غزة إن كان هذا متاحا".
ويتابع، "الجهة الوحيدة التي يمكن أن تمنع الاستيطان في قطاع غزة إلى جانب المقاومة هو ضغط أمريكي واضح وليس كالضغوط الحالية المعلنة، في الظاهر هي ضغوط وفي الباطن هي موافقة على ما تقوم به إسرائيل".
ويردف، "مسألة قطاع غزة مرتبطة أيضا وهذه هي العقبة الرئيسية أمام حكومة الاحتلال الإسرائيلي باتفاق أوسلو وقرار الانسحاب من قطاع غزة وبالتالي لا يمكن إعادة الاستيطان لغزة دون أن يعني ذلك مواجهة مع العالم والمحاكم الدولية، وهو مرتبط بالقرار الأمريكي إذا غضت الولايات المتحدة الطرف عن محاولات الاستيطان الأولى على شكل معسكرات وثكنات عسكرية يصبح الأمر خطير جدا"
ويقول للجرمق، "هذا بالأساس مرهون بالقرار الأمريكية وليس مرهون برد فعل الدول العربية أو غيرها، فنحن نرى وكأن الأمر لا يعنيها، فالمقاومة الميدانية ستكون صاحبة الثقل إلى جانب الموقف الأمريكي وليس الشارع الإسرائيلي حتى الذي يدعي أنه يسار يطالب بإبقاء السيطرة على الضفة الغربية كاملة، حتى زعيم ما يسمى المعسكر الديموقراطي يائير جولان المعدود على اليسار الإسرائيلي الصهيوني يرفض وقف الحرب في لبنان ويطالب بمزيد من القتال وبالتالي اليسار الإسرائيلي مهيأ بالقبول بما يمكن تحصيله أي أنه إذا كان الأمر متاحا فلا بأس في ذلك أما إذا كان الثمن باهظا أكثر من اللازم ويعرض إسرائيل لقطيعة دولية وقطع للعلاقات الدبلوماسية معها من قبل الدول العربية والغربية فعندها يصبح ذلك حلما مؤجلا كما كان الاستيطان في الضفة الغربية حلما مؤجلا أيضا".