بعد اغتيال نصرالله..هل باتت الحرب الإقليمية وشيكة؟


  • الأحد 29 سبتمبر ,2024
بعد اغتيال نصرالله..هل باتت الحرب الإقليمية وشيكة؟
بيروت

أشار محللون سياسيون إلى أن اغتيال "إسرائيل" للامين العام حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية في بيروت نقل المنطقة لمرحلة جديدة، لافتين إلى أن خيار اندلاع "حرب إقليمية" بات قائما بشكل أكبر ولكن "إسرائيل" هي من ستبدأه وتُغذيه.

ويقول المحلل السياسي والباحث أمير مخول، "الحرب الاقليمية ممكنة إذا إسرائيل أرادت وقامت بذلك ونجحت بتوريط الولايات المتحدة بها، غير ذلك لا يمكن أن تكون حرب إقليمية كما يبدو على الأقل مع دول، هناك حرب مع التنظيمات مثل الحوثيين في العراق، وعلى الجهة الشمالية مع حزب الله، لكن التوقع أن إيران تدخل في حرب إقليمية لا يزال مستبعد جدا إلا إذا نجحت إسرائيل بجرها إلى هذه الخانة، والمُهدَد الآن ليس إسرائيل بحرب إقليمية وإنما هي تهدد بتغيير وجه المنطقة".

ويتابع للجرمق، "بهذا المفهوم، إسرائيل لم تنهِ مهمتها التي حددتها لنفسها، وإذا عدنا للتصريحات منذ بداية الحرب أي منذ 8 من أكتوبر، عمليا كان الموقف بشكل واضح من كل القادة الإسرائيليين أن إسرائيل بحرب وجودية لسنوات طويلة جدا ستغيّر وجه الشرق الأوسط ولن تكتفي بحدود غزة".

ويردف، "الآن بدأت الحرب الكبرى على حزب الله، وإسرائيل قامت بعمل تقويض للحزب من الداخل أعدت له لمدة 20 عام وفقا لتصريحات قادة الموساد والآن تُعد لاستكمال هذه المرحلة، المرحلة القادمة الدخول للبنان والبقاء فترة طويلة جدا وتغيير الواقع السكاني بجنوب لبنان، وإسرائيل أخذت موافقة أمريكية أن الدخول البري سيكون دخولا محدودا ولكن المحدود قد يطال كل لبنان ولا يوجد شيء محدود على الأرض، وهذه المصطلحات هي تسويغات أمريكية فهي شريكة لإسرائيل".

ويقول، "في المقابل، إسرائيل الآن تقوم بالتهويل بأنه يوجد 40 ألف مقاتل على الحدود مع الجولان المحتل فهذا يعني أن هناك خطر وجودي، يبدو أن لها نوايا توسعية في هذا الاتجاه وإقامة إقليم متواطئ ومؤيد لإسرائيل في جنوب شرق سوريا".

ويتابع للجرمق، "الأمور لم تنتهِ، حتى الآن إسرائيل تعيش النشوة فهذه بالنسبة لها أكبر صورة انتصار حققتها منذ حرب عام 1967 بالنسبة، وهذا أكبر انتصار لنتنياهو في تاريخه السياسي، ولكن الأمور لم تُحسم بعد، ولكن هناك إجماع قومي صهيوني من أقصى اليمين لأقصى اليسار يؤيد الحرب ويدعمها بقوة كبيرة كما لو كانت حربهم الشخصية".

ويضيف، "بتقديري الأمور قد تتغير، إذا لم تحقق الحرب أهدافها بإعادة سكان الشمال، وهذا ليس بالسهل، كما ستسعى إسرائيل بتفكيك قوة حزب الله لو استطاعت وهذا ليس مضمونا، ستسعى إلى الدخول والبقاء للبنان وطرد جميع السكان من جنوب لبنان وإقامة أرض محروقة وإن لم يكن شريطا عاجلا".

ويقول للجرمق، "المهمة لم تنتهِ بعد، والتقديرات الاستراتيجية ترى أن القضاء على ترسانة حزب الله وقدراتها العسكرية لا يقل أهمية عن اغتيال الأمين العام حسن نصرالله ولذلك الأمور معقدة جدا إسرائيليًا".

ويردف، "إيران لن تدخل بحرب مع إسرائيل، بسبب البعد الجغرافي والموقع، وإيران أًصبحت مكشوفة أكثر لأنه لم يعد هناك وحدة في الجبهات كما كانت عليه في الماضي، هذه الوحدة الآن تعيش انتكاسة كبيرة مع الاغتيالات والتفجيرات والسيطرة الاستخباراتية الإسرائيلية الأمريكية على حزب الله ولبنان حتى لم يكن بشريا ولكن هناك قدرة مخيفة".

ويقول للجرمق، "إيران باتت مكشوفة لأن جزء من حماية الأمن القومي الإيراني كان يعود لـ وجود جبهة الإسناد أو  وحدة في الجبهات التي كانت هدفها فلسطين وأيضا تحمي إيران وتمنع إسرائيل من شن حرب على إيران، ولكن إسرائيل كانت دائما تأخذ بالحسبان أنه إذا قامت بتوجيه ضربة لإيران، كيف سيكون رد حزب الله؟، وهذا ما كانت تفعل به فلسطينيا، فكانت تقول إنها لا تريد أن تجتاح الضفة أو المستوطنات أو تقوم باغتيالات تخوفا من غزة، الآن الأمور اختلفت نسبيا، وأصبحت إسرائيل أفضل استراتيجيا لحد كبير، ولكن الواقع ليس ثابتا حتى الآن".

هل ممكن أن تشن "إسرائيل" حرب على اليمن؟

ويقول أمير مخول للجرمق، "من الممكن ذلك، حيث قامت إسرائيل باستهداف الحديدة في اليمن وميناء النفط، وهي استهدفت الحوثيين، ولكن الحوثيين بالأساس الحرب معهم ليست حرب إسرائيلية فقط وإنما حرب إسرائيلية أمريكية بريطانية ولا يمكن اعتبارها حربا إسرائيلية ذاتية، إسرائيل تتخوف من الحرب إذا كانت لوحدها ولكن إذا كانت مع بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية الفعالة حربيا في هذه المنطقة فستخوض الحرب، وقد يكون اجتياح لليمن بمرحلة من المراحل".

ويردف، "اجتياح اليمن بالتأكيد من الخطوات التي يتم الحديث عنها ولكن ليس إسرائيليا، إسرائيل تخاف من اجتياح من هذا النوع، تخاف على جنودها، وتخاف من تداعيات ذلك، أما الولايات المتحدة الأمريكية لها باعا طويلا وكذلك بريطانيا وأعتقد أن القوة المركزية الأمريكية ستقود مثل هذه الأمور، وكذلك الأمر بالنسبة لأي مواجهة مع إيران وليست إسرائيل مباشرة، حتى لو حاولت القيام بعملية محددة بتنفيذ ضربات هنا وهناك، لكن العمل الحربي الفعلي سيكون هناك حاجة لتقوم به بريطانيا والولايات المتحدة".

 هل تدخل إيران في حرب مع "إسرائيل"؟

ويوضح الباحث والمحلل السياسي أمير مخول أن، "الاختلاف بين إيران وحزب الله والحوثيين والمجموعات في العراق رغم قوتهم إلا أن إيران دولة عظمى إقليميا ولها مصالح أمن قومي تريد أن تعزز أمنها القومي، ولا أن يقوضها أحد ولا تريد أن تعرض نفسها لحرب لا يمكن أن تنجح بها، يمكن أن ترسل مسيرات وصواريخ، ولكن في الحرب قد تهاجم القوات الأمريكية والبريطانية وقد يؤسسون تحالفا عالميا ضدها وهذا لا يمكن أن تخرج منه إيران أقوى حتى لو كان لها قدرات دفاعية كبرى ولكن من الصعوبة بمكان أن تخرج أقوى لذلك تأخذ حساباتها بشكل عقلاني ولا تستطيع أن تخطط قضايا مصيرية بالنسبة لها على أساس الغضب ورد الفعل".

وبدوره، يقول المحلل السياسي والباحث نضال محمد وتد للجرمق، "المرحلة الجديدة بدأت عندما حدثت عمليات تفجير البيجرات وأجهزة الاتصالات اللاسلكية التي أعقبت ذلك، كان ذلك عمليا إطلاق شرارة الحرب الثالثة على لبنان، ومع اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله انطلقت شرارة الحرب الإقليمية كما يُسميها الجانب الأمريكي والإسرائيلي وهي حرب مفتوحة في المنطقة كلها هدفها الأساسي إلى جانب تصفية القضية الفلسطينية كسر المحور الإيراني بشكل واضح حتى يتم من خلاله ضمان الهيمنة الأمريكية على المنطقة كلها وعلى مشاريع التسوية".

ويتابع للجرمق، "كسر المحور الإيراني في نظر إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية مقدمة لضمان مرور مشاريع تصفية القضية الفلسطينية وصبغ المنطقة كلها كما أظهر نتنياهو بشكل علني وصريح خلال خطابه في الأمم المتحدة وهي إزالة البقع والمناطق التي صبغها نتنياهو بالأسود والتي يعني بها إيران وسوريا ولبنان وتحويلها لمناطق خضراء سماها مناطق البركة مقابل المناطق السوداء التي سماها مناطق اللعنة، وهي المناطق التي تعارض مشروع التطبيع الإسرائيلي والمشروع الأمريكي في المنطقة".

ويردف، "باعتقادي أن اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله هو مقدمة لعمليات أكثر كثافة في العمق اللبناني سواء كانت العمليات في المرحلة الأولى عمليات وغارات جوية، ولكن ستكون هناك حاجة كما أعلنت أكثر من جهة أمنية في إسرائيل لتأمين تحقيق الهدف، للدخول البري لجنوب لبنان وربما الوصول حتى بيروت".

ويقول للجرمق، "بموازاة ذلك ستطال العمليات الإسرائيلية مواقع في سوريا لمنع أي مساندة من النظام السوري لحزب الله أو المجموعات العسكرية التابعة لحزب الله وعدم إعطاء الحزب أي فرصة لالتقاط الأنفاس وإعادة ترتيب صفوفه لاختيار أمين عام جديد وملئ الفراغ في المواقع القيادية العسكرية وغير العسكرية التي شغرت بعد أن نفذت إسرائيل عمليات اغتيال واسعة لكافة هيئة أركان حزب الله وقوة الرضوان والمجلس الجهادي، لا نعرف بالضبط كم بقي من مختلف الهيئات والهيكلية لحزب الله".

ويضيف، "التصعيد القادم سيكون كبير ومتوحش وسيدفع لبنان ثمنا باهظا كما ستدفع دول المحور في حال استمرت إسرائيل بهذه العملية، وواضح أنه عندما رصدت الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من 7 مليار دولار لإسرائيل في هذه الفترة بالذات لإسرائيل، يدل على أن المشروع الإسرائيلي يلقى قبولا أميركيا والهدف هو التخلص من تلك البقعة السوداء كما وصفا نتنياهو باللون الأسود، والوصول للمنطقة الخضراء، والمنطقة الخضراء بالمفهوم الإسرائيلي هي أن تكون كافة الدول العربية قد طبعت مع إسرائيل ووصلت لاتفاقات سلام معها دون الحاجة لحل القضية الفلسطينية وإقامة الدولة".

ويقول للجرمق، "الحرب الإقليمية هو مسمى مضلل تختاره إسرائيل والولايات المتحدة والدول المطبعة معها، لا يوجد حرب إقليمية، الحرب الإقليمية حرب بين مجموعة من دول مقابل مجموعة من دول أخرى، والقائم حاليا هو إسرائيل فهي تضرب لبنان وغزة ومنشغلة بجبهتين وتريد إشعال جبهة ثالثة تصل فيها لإعادة إيران من شواطئ المتوسط في لبنان إلى نفوذها الجغرافي إيران نفسها".

ويردف، "بالتالي إسرائيل تريد تسمية هذه الحرب بـ حرب إقليمية مع أنها ليس إقليمية وإنما تحالف دولي أمريكي أوروبي وربما تشارك به بعض الدول العربية ضد المحور الإيراني لكن استعمال المسمى حرب إقليمية هو للتضليل، الحقيقة أنه سيكون تحالف دولي ضد المحور والوجود الإيراني ككل كشرط أساسي تعتبره إسرائيل لضمان تصفية القضية الفلسطينية والوصول للتطبيع أو لحل لا يصل لأي شرط مقبول فلسطينيا، لن يكون دولة فلسطينية، ولا حتى حكم ذاتي، ربما سيكون كنتونات لكل قطع جغرافية معينة فلسطينية تحت الهيمنة الإسرائيلية".

ويختم للجرمق "الآن إسرائيل بحاجة لكسر الخطاب الذي أنتجته معركة طوفان الأقصى عبر وقف مسار التطبيع وإعادة القضية الفلسطينية إلى الرأي العام العالمي، هناك حاجة إسرائيلية لهذا الأمر والتغلب عليه وبما أنها لا تستطيع أن تفعل ذلك بغزة وحدها فهي بحاجة إلى غطاء دولي أمريكي أوروبي وربما عربي يتعاون معها حتى لا تضيع "الطاسة" لإيهام الجميع أن ما يحدث حرب إقليمية ولكنه في الحقيقة ذات التحالف الذي كان ضد العراق مرتين تحت مسمى تحالف عالمي، وهنا سيسمى حرب إقليمية لتضليل الجمهور كأنها حرب إقليمية بين أكثر من دولة متداخلة، ولكن في الواقع الذي يشن الحرب في كل المنطقة هي إسرائيل وهي تريد أن تتخلص من الجهات التي لم تستطع حتى الآن أن تكسر شوكتها".

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر