حرب مع حزب الله.. ستؤدي على أقل تقدير إلى رحيل جماعي لما تبقى من الطبقة المنتجة في إسرائيل
مقالات

على صعيد أمني هنالك انهاك في الجبهة الداخلية وفي صفوف الاحتياط، ثلاث جبهات تتبلور فيها قواعد لعبة جديدة منذ السابع من اكتوبر، والمستوى السياسي الاسرائيلي لا زال يعد الجمهور بأن هناك منعطف سيحدث فجأة ويغير الواقع ويجلب النصر المطلق أو الجزئي أو ذلك الذي يعلنون أن سيُعلن قبل أن يحدث، ولأجله يحرقون ويحرثون رفح كصورة نصر قادمة.
كان هرتسي هليفي قد مهد لذلك بقوله قبل فترة أن إخضاع حركة حماس عسكريًا بات وجيزًا، أصغر جنرال في الكوكب يتابع الأحداث بحذافيرها سيقول لك ان هذا غير ممكن وأنه كلام بدون رصيد، لكن المعنى من تصريحه في حينه أن سيناريو النزول عن الشجرة قد نضج، وإحدى مراحله كانت بالأمس ما أعلنته هيئة البث ان اسرائيل تستعد للإعلان قريبا عن هزيمة الذراع العسكري لحماس..وما أعلنه قبلها دانيال هاغاري بأنه لا يمكن القضاء على حماس لأنها مزروعة في قلوب الناس، هي ليست جملة اعتراف عاطفية، هي تمهيد آخر لشكل النزول عن الشجرة والذهاب باتجاه صفقة دون الحسم العسكري.
كابوتشينو مع رغوة زيادة:
من الواضح أن الحرب مع لبنان الآن ليست مزحة، علما انه لطالما حذرت مراكز الدراسات الاسرائيلية من تعاظم قوة حزب الله قبل الحرب، يعني من الغباء ان لا تأخذ اسرائيل خطاب نصر الله الأخير على محمل كل الجد، لان حربا مع لبنان لن تكون جولة سريعة وقاضية كما في أحلام إسرائيل، ولن يختلف حال تل أبيب عن حال مستوطنات الشمال اليوم، يعني الأمر لن يقتصر - حسب تحليلات بضعة عقلاء في إسرائيل- على صاروخ وصافرة إنذار وتكدس في الملاجئ لبضعة دقائق ثم الخروج الى الشمس لشرب الكابوتشينو..
حماس تنتصر:
في افتتاحيتها نشرت الفورن أفيرز بالأمس مقالا بعنوان (حماس تنتصر)، وعزت الفشل الذي وصفته بالذريع لإسرائيل وقالت إنه عبارة عن سوء فهم فادح لمصادر قوة حماس، وأنها فشلت ايضا في ادراك ان المذابح والدمار الذي أحدثته في غزة - حيث أسقطت ما لا يقل عن 70 ألف طن من القنابل على القطاع وهو ما يتجاوز الوزن الإجمالي للقنابل التي أسقطت على لندن ودريسدن وهامبورج طوال الحرب العالمية الثانية- لم يؤدي إلا إلى زيادة قوة حماس. بحسب الصحيفة.
إذًا عن أي نصر تتحدث إسرائيل في الشمال ما لم تنتصر على حماس في الجنوب!؟ هذا على المستوى العسكري، أما اقتصاديًا، فحربٌ في الشمال ستعني تعبئة الاحتياط من جديد، الاحتياط الذي تتحدث الصفحات الداخلية عن مدى انهاكه، والذي هو بالمقابل طبقة عاملة معطلة، وعن نفقات الحرب، والتعويضات، وسعر الفائدة الذي أصبح الآن من الأعلى في دول ال OECD.
ما بعد بعد هدهد:
يقول الشعار الأكثر رواجا في صفوف الضاربين بسيف نتنياهو، معا سننتصر، يطرح السؤال داخليا مع من سينتصر نتنياهو إذا كان الرأي المتصاعد في اسرائيل يقول كلمة واحدة، استقيل.؟
عدم الذهاب الى حرب مع لبنان مشكلة إسرائيلية - خاصةً بعد هدهد والتطور الجلي في قدرات حزب الله الاستخباراتية وليس فقط التطور عسكريا على مستوى سلاح المسيرات- والذهاب للحرب مشكلة أكبر بكثير، وعلى الحالتين سيكون نتنياهو مجبرا أمام شعبه لتبرير الخطوة.
المستثمرون وأصحاب الشركات اي الطبقة المنتجة تحتاج الى اقناع الان بشكل فوري قبل الحرب في الشمال أن الاقتصاد بطريقه للتشافي وهنالك من يعمل على ترميمه، والا سيرحل من تبقى منهم.. وهذا سيجر لإنهيار في قطاعات كثيرة.. ورحيل كبير ..
مشهد يشبه حكومات الشرق:
سأضع كل ما ورد أعلاه جانبا وأُركز على مشهد طارئ وغير معتاد في ديمقراطية الشرق الأوسط، استدعاء حرس الحدود لحماية منزل نتنياهو في قيسارية بالأمس، وهذا تصعيد يعني ان هنالك خشية واضحة من أن المظاهرات المستمرة منذ بداية الحرب حول بيوت نتنياهو في قيسارية والقدس لم تعد مدنية فقط، خاصة بعد تصريحات لم تعد خافتة تصدر من المستوى الأمني والسياسي والعسكري تؤيد المظاهرات المنادية بإسقاط الحكومة وتطالب بعدم استمرار الحرب وعبثية التواجد في غزة وجنون الذهاب الى لبنان بدون رؤيا وخطط استراتيجية.