هل خسرت "إسرائيل" التأييد العالمي لها في ظل حربها على غزة..وكم حجم الخسارة وهل يمكن استعادة التأييد؟
يؤكد محللون سياس

يؤكد محللون سياسيون أن "إسرائيل" بدأت تخسر التأييد العالمي لها في ظل استمرار حربها على قطاع غزة وذلك بالتزامن مع الاحتجاجات المتواصلة في الجامعات الأمريكية وبعض الدول الأوروبية ضد "إسرائيل" ونصرة للفلسطينيين، فهل حجم خسارة "إسرائيل" للتأييد العالمي كبير؟
ويقول المحلل السياسي أنطوان شلحت للجرمق، "إسرائيل خسرت التأييد العالمي وذلك باعتراف وسائل إعلامها وكتّاب الرأي لديها والمحللين السياسيين، هي الآن بمرحلة عزلة سياسية غير مسبوقة على خلفية الحرب على قطاع غزة وعلى خلفية الممارسات التي ترتكبها من جرائم ، وما يحدث في الجامعات الأمريكية إشارة قوية على هذه العزلة ولكنها ليست الإشارة الوحيدة".
ويتابع للجرمق، "هناك تأثير كبير لهذه العزلة وللاحتجاجات على القرار الإسرائيلي خصوصا في الوقت الحالي بما يتعلق بصفقة تبادل الأسرى وهناك قدر من المرونة الإسرائيلية بالتعاطي مع الصفقة والمفاوضات وهناك قدر من التغيير حتى لو بسيط بالموقف الأمريكي الذي يضغط أكثر فأكثر على إسرائيل وما زال يمنع اجتياح رفح ويضغط للتوصل لصفقة تبادل ويضغط لتقديم رؤية لليوم التالي للحرب".
ويقول للجرمق، "ما يحدث في الساحة الدولية على مستوى الرأي العام العالمي وليس على مستوى الدول يؤثر على إسرائيل وعلى الدول ذاتها فهناك تأثير من القاع نحو الأعلى، وفي حال تعاظمت هذه الاحتجاجات أظن أنه سيؤثر هذا على إسرائيل أكثر فأكثر".
ويتابع للجرمق، "حجم خسارة إسرائيل للتأييد العالمي كبير جدا وهناك من يُشبّه هذه الخسارة بالعزلة وإسرائيل تجد نفسها في خضم عزلة لم تكن قبل عملية طوفان الأقصى حتى أن هذه العزلة كانت تأييد دولي كبير وواسع تحديدا في الأيام الأولى بعد عملية طوفان الأقصى".
ويضيف، "حتى التأييد العالمي لم يكن لإسرائيل نفسها وإنما لأهداف حربها على غزة وألا تعود للسيطرة على القطاع وألا تكون حاكمة وألا ينشأ وضع في غزة يشكل تهديد أمني لإسرائيل بحسب قولها، ولكن لا يوجد تأييد لاستمرار الحرب، لأن استمرارها مرهون باجتياح رفح، ودخولها يلقى معارضة كبيرة من كل الدول حتى التي أيدت ذلك في بداية الحرب، مثل ألمانيا وبريطانيا وهذا يعني أن وضع إسرائيل اختلف عما كان عليه في بداية الحرب بعد أيام قليلة من طوفان الأقصى".
ويقول، "وضع إسرائيل من سيء لأسوء والسبب في ذلك الجرائم التي تمارسها إسرائيل وأيضا إخفاقها في تحقيق أهداف الحرب التي وضعتها في البداية".
ومن جهته، يقول المحلل السياسي أمير مخول للجرمق، "إسرائيل تخسر أكثر من جبهة واحدة بشأن التأييد العالمي لها، وفي هذه الاحتجاجات المستمرة إسرائيل خسرت النخب المستقبلية أو جزء كبير منها والتي قد تكون نخب سياسية واجتماعية وثقافية وسياسية وبدأت تخسر أيضًا على مستوى يهود العالم وهذا قد يؤدي إلى خسارة بمفهوم العقيدة الصهيونية وصميم المشروع الصهيوني الذي يرى إسرائيل ملزمة تجاه يهود العالم وكلهم ملزمون تجاه إسرائيل".
ويتابع للجرمق، "الآن المعادلة اختلفت ويبدو أن هذه الخسارة لا تعوض حتى بمفهوم الأمن الصهيوني وهذه الخسارة قد تكون كبرى خاصة أن إسرائيل حاولت أن تصبغ المظاهرات أنها ’معادية للسامية’ وهذه التهمة جاهزة دائمًا بأن الاحتجاجات معادية لليهود ولإسرائيل ومناصرة للفلسطينيين ثم تراجعت إسرائيل عن هذا الاتهام وقالت إن المظاهرات مؤيد لحماس والإرهاب".
ويقول مخول للجرمق، "ما يحدث من احتجاجات ليس بجديد فقد كانت هذه الحالة موجودة في السبعينات وخلال الانتفاضة الأولى ومراحل عديدة من الحالة الفلسطينية فدائمًا القضية موجود".
ويضيف للجرمق، "السؤال هو كيف سيستغل الفلسطينيون الحراك العالمي المناصر لهم، فبإمكانهم أن يجعلوا هذا الحراك مدويًا على سياسات الكثير من الدول ومنها الولايات المتحدة الأمريكية وهنا تكمن أهمية الفلسطينيين المتواجدين في جامعات العالم وفي الجاليات الفلسطينية، فيمكن خلق حالة قوية ومهمة لإيجاد حلول لقضية فلسطين".
هل تستطيع "إسرائيل" استعادة التأييد بعد الحرب؟
ويقول المحلل السياسي أمير مخول للجرمق، "قضية استعادة التأييد أمر مختلف، فالعالم كله يعلم أن إسرائيل دولة احتلال كما أن محكمة العدل الدولية وقراراتها وصَمت إسرائيل بأنها دولة إبادة ودولة منبوذة أكثر من أي وقت في العالم وتأييد إسرائيل لا يعود بمجرد وقف إطلاق النار فهذه ليست هدنة مع حركات الاحتجاج تقوم بها إسرائيل".
ويضيف، "تراجع التأييد يعني أن قضية فلسطين تؤثر على العالم كله بجغرافيته الكاملة وهذا يعني أن إسرائيل خسرت المعركة إلى حد كبير وستحاول أن تستعيد تأييد الدول من أجل الحد مما تسمه ’معاداة السامية’ وهذا ممكن أن يحدث لأن الدول ليست معارضة لإسرائيل وإنما تدعمها".
ويقول للجرمق، "نتائج هذه الاحتجاجات سنراها بعد عدة سنوات عندما تبدأ الدول بإنتاج نخب جديدة وأدبيات مختلفة في العالم الغربي وهذا كله لا يمكن لإسرائيل أن تستعيده استراتيجيًا".
ويضيف مخول للجرمق، "إسرائيل تعاني من عزلة نسبية فليس كل الأمريكان ضدها وإنما غالبيتهم معها، ولا تعاني من عزلة دولية كما حدث مع جنوب إفريقيا حتى تم إسقاط الحكم العنصري، ولكنها تعاني من عزلة متزايدة ولكن بالمطلق الأمور تسير بوتيرة بطيئة لا يمكن توقع التحولات من اليوم حتى الغد وإنما تحتاج لمسار طويل".
ويردف، "حركات التضامن في العالم لا تُغيّر سياسات وإنما تخلق أجواء تؤدي لتغيير سياسات على المستوى البعيد وهذا أمر جديد ومهم جدًا للقضية الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني ويجب استغلاله على كل المستويات".
ومن جهته، يقول الكاتب والباحث صالح لطفي للجرمق، "استعادة إسرائيل للتأييد يتم فقط إذا لم تستغل الحركة الطلابية العربية بشكل ذكي الاحتجاجات التي تحدث في الولايات المتحدة الأمريكية والتي بدأت تنتقل من هبة إلى تنظيم أو حالة مؤسسية".
ويتابع، "إسرائيل منذ اللحظة الأولى للحرب شرعت بخسارة الحاضنة الشعبية والمجتمعية في العالم الغربي وبالتحديد في الولايات المتحدة ولكن على مستوى الحكومات ما زالت تتمتع بغطاء كبير وهائل وإن ظهر لنا أن هناك تآكل للتأييد الرسمي".
ويتابع للجرمق، "لكن المثير للاهتمام أن المسألة انتقلت من العموم للخصوص بمعنى أن النخب أي طلاب الجامعات الذين يشكلون نخب تربوية ستقود تلك البلدان لاحقا انتفضوا بالتالي هذا الحراك الطلابي في الولايات المتحدة أكثر ما يُشعر الحركة الصهيونية بالخطر ".
ويضيف، "قامت الحركة الصهيونية بإجراء استطلاعات على عدة مراكز أبحاث مستشعرة حجم الخسارة في الجامعات وستستشعر خطورتها مستقبلا أيضًا ويمكن خلال سنوات أن يستشعروا معنى تراجع التأييد في المجتمعات الغربية وخاصة الولايات المتحدة".
ويقول، "هناك تحول في الجيل بين 18 حتى 24 عامًا أو 30، وفي هذه السنوات سيبدأ الشعور بالخطر يزداد عندما يتقدم هذا الجيل لقيادة الحالة السياسية للولايات المتحدة الامريكية تحديدا في الحزب الديموقراطي، وهذا لن يكون وليد لحظة، باعتقادي سيحدث صراع في الولايات المتحدة الأمريكية وسيتحول الصراع شيئا فشيئا إلى صراع نخبوي مع الحركة الصهيونية والمؤسسة الحاكمة المتعلقة بالحركة، وسيكون صراعا اجتماعيًا مؤلما، وهذا سيعيدنا إلى ما كان في الولايات المتحدة الامريكية في ستينيات القرن الماضي".