كيف تُقرأ خطوة جنوب أفريقيا برفع دعوى في محكمة العدل الدولية ضد "إسرائيل"؟

الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة


  • السبت 30 ديسمبر ,2023
كيف تُقرأ خطوة جنوب أفريقيا برفع دعوى في محكمة العدل الدولية ضد "إسرائيل"؟
قطاع غزة

تقدمت دولة جنوب إفريقيا بطلب إلى محكمة العدل الدولية من أجل المباشرة باتخاذ إجراءات ضد "إسرائيل" على خلفية الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ الـ 7 من أكتوبر، وأكد محللون في حديثٍ مع الجرمق على أن هذه الخطوة مهمة في سبيل إحقاق الحق، والانحياز للرواية الفلسطينية، لا سيما وأن الدولة التي قامت بهذا الإجراء هي دولة عانت لسنوات طويلة من الأبارتهايد.

الأهمية القانونية..

ويقول الحقوقي والمحلل السياسي خالد زبارقة في حديثٍ خاص مع الجرمق: "هناك أهمية قانونية لأن تقوم دولة مثل جنوب أفريقيا برفع دعوى قضائية على جرائم الاحتلال ومنها جريمة الإبادة الجماعية، وأيضًا هناك جرائم أخرى، لكن أكثر جريمة واضحة المعالم ومكتملة الأركان تمارس على قطاع غزة هي جريمة الإبادة الجماعية".

ويتابع، "أولًا من أجل أن تقوم محكمة العدل الدولية بأخذ الإجراءات المناسبة لوقف الحرب، وإصدار أمر منع استمرار هذه الحرب، والنقطة الأخرى من الجانب القانوني، هو من أجل أن تقوم المحكمة بإجراء تحقيق موثق لعمليات جريمة الإبادة الجماعية التي تقوم بها سلطات الاحتلال، وهذا يحتاج توثيق قانوني محكم مع أدلة قانونية محكمة في سبيل معاقبة المجرمين الذين قاموا بهذه الجريمة".

ويضيف زبارقة في حديثه، "النقطة الثالثة من الناحية القانونية هي، ردع لكل من يقوم بعمليات جرائم الحرب بحق الشعوب المستضعفة، وليعلم أن هناك قانون ومحاسبة وعقاب، لكل من تسول له نفسه بالقيام بجريمة بحق الإنسانية، وأيضًا من أجل وقف عملية الإفلات من العقوبة التي تحظى بها السلطات الإسرائيلية منذ نشأتها وحتى اليوم في قطاع غزة، والضفة الغربية، والقدس الشريف، ولأنه في نهاية المطاف لا يمكن أن يستمر هذا الوضع بهذا الشكل".

المنظور السياسي..

ويقول زبارقة: "من المنظور السياسي هناك أهمية كبيرة، بأن تقوم دولة مثل جنوب أفريقيا التي عانت من الأبارتهايد المعروف، والذي كان موجودًا في جنوب أفريقيا وعانت منه على مدار عقود وأصبحت رمزًا للتحرر والانعتاق من هذا النظام، وأن تقوم هي نفسها بهذا الإجراء، يعطي قوة للحق الفلسطيني، وللرفض المحلي والعالمي للفصل العنصري الذي تحاول السلطات الإسرائيلية أن تفرضه".

ويردف، "أيضًا موقف دولة جنوب أفريقيا هو انحياز للرواية الفلسطينية، والسردية الفلسطينية، وهذا مهم جدًا في ظل هذا النقاش الدولي بخصوص الحرب على غزة، ومسألة الاصطفاف الدولي مع شعبنا الفلسطيني المظلوم الذي يعاني من ويلات الجرائم الإسرائيلية".

 تبعات الإجراء..

ويقول زبارقة خلال حديثه مع الجرمق: "المشكلة في القانون الدولي هي نفس المشكلة دائمًا، وهي أن من يتحكم في مصير الملفات التي ترفع لتلك الهيئات هي القوى الإمبريالية الدولية، والتي تحاول أن تهيمن على القرار الدولي وتحاول فرض إرادتها وقرارها على الهيئات الدولية، وهذا ما لمسناه في مجلس الأمن في كل مشاريع القرارات التي قدمت له منذ اندلاع هذه الحرب، ورأينا أن الادارة الأمريكية تستخدم حق الفيتو في منع إصدار أي قرار ضد إسرائيل".

ويتابع، "يمكن أن يكون هناك تأثير دولي حسب النفوذ الذي تحظى به القوى الدولية الاستعمارية والإمبريالية التي تحاول فرض أجندتها على العالم لكن هذا يتعلق بطبيعة الحال بالهيئة القانونية وهيئة التحقيق الخاصة التي يمكن أن تفرضها محكمة العدل الدولية والإجراءات وسلامة الإجراءات القانونية".

ويضيف، "مهم للعالم أن تأخذ العدالة مجراها وخاصة في ظل الصراع الذي تعيشه الأراضي الفلسطينية منذ عام 1967 وحتى هذه الأيام، على المستوى الدولي للاحتلال العالم لم يعترف بسلطات الاحتلال على كل الأراضي الفلسطينية التي احتلها عام 1967 وحتى يومنا هذا، ووفقًا للقانون الدولي، هي معرفة كأراضي تحت الاحتلال".

وختم زبارقة بالقول: "في ظل النزاع العسكري الموجود اليوم، على الهيئات القضائية الدولية أن تأخذ مجراها و تعيد هيبتها أمام العالم؛ لأن غياب العدالة سيغيب أي دور حقيقي للهيئات القانونية الدولية التي ستصبح جسد بلا روح وتفقد من هيبتها ودورها سواء على المستوى المحلي أو الدولي، الكرة الآن في ملعب محكمة العدل الدولية وعليها أن تقوم بدورها المنوط بها من أجل إحقاق الحق وتحقيق العدالة".

"موقف معيب للدول العربية"!

ويقول المحلل السياسي أليف صباغ في حديثه لـ الجرمق: "أولًا هو شرف كبير للفلسطينيين أن تقوم دولة جنوب أفريقيا برفع قضية ضد الأبرتهايد الإسرائيلي وضد العنصرية الإسرائيلية وهو كذلك عيب كبير لكل الدول العربية وللسلطة الفلسطينية أيضًا أن لا يتقدم أي عربي بدعوى للجنايات الدولية بما تقوم به إسرائيل ويكون الأمر من دولة جنوب أفريقيا".

ويتابع، "دولة جنوب أفريقيا لديها ثأر لكل القوى العنصرية الموجودة بالعالم  لذلك هي أول من يتجند مع شعبنا الفلسطيني ضد العنصرية الإسرائيلية".

ويردف، "إذا ما تم فعلاً التداول في المحكمة الدولية ضد إسرائيل، هذا يعني أن حكام إسرائيل لا يمكنهم مغادرة إسرائيل وقد يعقب ذلك عقوبات دولية أو توصيات بعقوبات دولية ضد إسرائيل وليس فقط إسرائيل بل الولايات المتحدة الأميركية كذلك ومجلس الأمن، لأن التوصيات التي تخرج من المحكمة الدولية سوف تصل إلى مجلس الأمن لاتخاذ إجراءات وهذا سيكون بمرحلة جديدة في العلاقة الدولية للاحتلال الإسرائيلي".

حق الفيتو..

ويضيف صباغ في حديثه لـ الجرمق، "نعم في الظرف الحالي أمريكا ما زالت تستخدم حق النقض الڤيتو، لو تغير الموقف العربي الرسمي وتحدوا الولايات المتحدة لمرة واحدة، ستخشى الولايات المتحدة كثيرًا أن تخسر تابعيها في الشرق الأوسط".

ويردف، "لذلك على هؤلاء أن يستفيقوا مرة وينهضون مرة واحدة ليقولوا للولايات المتحدة الأمريكية يكفي، إذا استمروا بالاختباء تحت العباءة الأمريكية وتابعين للولايات المتحدة الأمريكية سينتقلون من مرحلة تحت البسطار الأمريكي إلى تحت البسطار الإسرائيلي".

كيف يقرأ الإسرائيليون الإجراء الإفريقي؟

ويتابع صباغ، "في حال الحكومة الإسرائيلية لا تريد هذا الإجراء ضدها في المحكمة الدولية ستعتمد أكثر على دول أوروبية وأمريكية لخلق نوع من التحالف لمعاقبة جنوب أفريقيا على هذه الجرأة، وهذا ما فعلته في الماضي وهذا ما يمكن أن تفعله بالمستقبل".

ويختم صباغ حديثه مع الجرمق بالقول: "ذلك سيؤثر على الصراعات الداخلية في إسرائيل لأن هناك من لا يستطيع العيش في ظل المحاكمات الدولية في إسرائيل".

. . .
رابط مختصر



اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة *

مشاركة الخبر