الأزمة الداخلية الإسرائيلية، قد تغير مسار السياسة والحرب


  • الأربعاء 6 ديسمبر ,2023
الأزمة الداخلية الإسرائيلية، قد تغير مسار السياسة والحرب
غزة

تقدير موقف:

"لا وقت للمخطوفين نريدهم الآن". وفي تحذير لكابينيت الحرب: "إذا لم تلتقونا اليوم سنأتي إليكم" هذان النداءان صدرا في الرابع من ديسمبر عن حراك عائلات المحتجزين والاسرى الاسرائيليين في غزة، الذين بلغت بهم الامور درجة الصدام مع حكومة نتنياهو وكابنيت الحرب.

شكل توقف الهدنة المرفقة بدفعات تبادل الاسرى نقطة انكسار بالنسبة للعائلات التي تؤكد لها حكومة الحرب بأن تجديد الحرب على غزة بشمالها ووسطها وجنوبها انما هو الوسيلة للضغط على حركة حماس للقبول بصفقة تبادل بشروط اسرائيلية، وبأن احتمالية وجود قادة حماس في وسط وجنوب القطاع وكذا الاسرى والمحتجزين الإسرائيليين.

بدأ تصدر اصوات تشكك بالرواية الرسمية، اذ اعتبر الناطق باسم الجيش في الاسبوع الاخير كل محتجز واسير اسرائيلي لقي حتفه في غزة بانه جرى اغتياله من قبل حماس، ولم يتطرق لا هو ولا الاعلام الى احتمالية ان يكون قد قتل بسبب القصف الاسرائيلي وهو ما تخشاه عائلاتهم ويثير قلقها وبدأت تعبر عن مخاوفها بشكل جلي وحصريا بعد سماع شهادات بعض من كانوا في الاسر وتحرروا في الصفقات.

جرت عملية ممنهجة الى اسكات صوت العائلات واعتبرها حتى نتنياهو بأن مطالبتها صفقة "الكل مقابل الكل" والضغط على الحكومة بشأن المحتجزين، إنما يعوّق المفاوضات بشأن التبادل او استعادة الاسرى ويضعف من قوة المفاوض الاسرائيلي والحكومة التي على قناعة بما يردده وزير الامن غالنت ومفاده ان "حماس لا تفهم سوى لغة القوة".

رفض كابنيت الحرب لغاية اليوم التقاء العائلات بكامل هيئته، بل تم العرض على العائلات لقاءات منفردة لأعضاء الكابنيت مع عدد من العائلات او مع جميعهم. ويعود هذا الموقف الى سببين:

1. لا اجوبة واعدة او مقنعة للعائلات وكل اجتماع سيعمق عدم الثقة

2. لا توافق في الكابنيت نفسه حول الاولويات وحصريا حول التوفيق بين الهدفين المتناقضين "اعادة المخطوفين وتعميق الحرب البريّة"

انتقلت الفضائيات الاسرائيلية في الايام الاخيرة منذ بداية دفعات التبادل الى إفراد حيز واسع لعائلات الاسرى والمحتجزين، والى المحتجزين الذين عادوا الى احضان عائلاتهم، كما افردت حيزا واسعا الى القلق الذي يساور العائلات المتبقية، الى جانب تصدر الضيق الاقتصادي والانساني الاجتماعي للسكان النازحين من بلدات المنطقة المحاذية لقطاع غزة ولسكان المنطقة الحدودية الشمالية والبالغ عددهم نحو 240 الفا.

جوانب أخرى في المشهد:

- باتت تعلو أصوات اعلامية اسرائيلية اخذة بالاتساع تنتقد مسار الحرب والمجهول الذي تقود اليه، كما باتت الاجهزة الامنية الاستخباراتية والتي تعمل تاريخيا في الظل، اكثر علانية ويجري تسريب ما يتفوه به قادتها في اجتماعات مغلقة، سواء كان ذلك مقصودا ام لا، لكنه يشير الى التناقض بين الاهداف المعلنة للحرب وبين نوايا حكومة نتنياهو. وكان اخر هذه الحالات تسريب تصريحات رئيس الشاباك بأن جهازه سيقوم بتصفية قادة حماس حين تحين الساعة بما فيه في العواصم الإقليمية.

- من غير المؤكد ان تتواصل حكومة الحرب، كان لافتا توجه رئيس حزب شاس ارييه درعي الى رئيس حزب يسرائيل بيتينو، افغدور ليبرمان لحثه على الانضمام الى الحكومة، ويبدو ان هذا المسعى لو نجح سوف يعوّق على غانتس الخروج من كابينيت الحرب وسوف يعزز الائتلاف ويتيح له الحسم الواضح في قراراته بصدد منحى الحرب على غزة وكل ما يرتبط به من احتمالات مواجهة اقليمية، والمعروف عن ليبرمان بأنه يدعم التصعيد مع إيران. كما ان دعوة ليبرمان للالتحاق بالائتلاف، تستبعد خروج حزبي الصهيوينة الدينية (سموتريتش) والقوة اليهودية (بن غفير) من الائتلاف، لانعدام وجود خيارات امامهما.

- بدأت الساحة الاسرائيلية تشهد نقاشات بشأن "اليوم التالي" اي ما بعد الحرب، وهذا ما يعيد الصراع السياسي الى الصدارة، ومحور ذلك في مشروعين لا يتوافقان؛ واحد يرى بأنه يجدر منع قيام دولة فلسطينية وحل قضية غزة عسكريا خارج اطار القضية الفلسطينية ومنع السلطة الفلسطينية من العودة الى غزة بل وتقويضها في الضفة لتصفية مطلب الدولة، وهو موقف الحكومة الموسعة، في حين يميل غانتس ولبيد الى تفعيل دور السلطة الفلسطينية في غزة والضفة بالتوافق مع الموقف الامريكي، وهو ما يجعل اهداف الحرب المتفاوتة تدفع نحو نهاية حكومة الحرب بتركيبتها الحالية.

- قد تشهد الساحة اصطفافات جديدة بترك غالنت لحزب الليكود والانضمام الى حزب اخر وقد يكون المعسكر الرسمي برئاسة غانتس وهو ما يعتبر حزب كبار الجنرالات السابقين.

- أصوات المطالبة الشعبية لنتنياهو بالاستقالة او بتنحيته تزداد قوة وبلغت حزب الليكود نفسه الذي تحول اجتماع كتلته البرلمانية مع نتنياهو بداية الاسبوع الى حلبة تجاذب وتوتر، وفي هذا السياق يأتي تجديد جلسات المحكمة التي تنظر بملف نتنياهو بتهم الفساد.

خلاصة:

• انتهت مظاهر الوحدة القومية القيادية الاسرائيلية وقد تعصف بالحكومة كلها، مما سينعكس بالمزيد من التصدعات والتشرذم المجتمعي على الرغم من حملات ترميم المعنويات وإرجاء الخلافات السياسية.

• تتفاقم الازمة السياسية الاسرائيلية الداخلية الى جانب انسداد أفق الحرب سياسيا وعسكريا، الى جانب تفاقم الازمة الاقتصادية والاجتماعية الهائلة التي بدأت مؤشراتها، كما وتتصدر هذه الازمة جدول الاعمال ولا تنتظر انتهاء الحرب وتحقيق اي انجاز ممكن العودة به الى المجتمع الاسرائيلي.

• قضية فلسطين تلقي بكل ثقلها على جدول الاعمال الاسرائيلي والدولي، مما يجعل الصراع الداخلي والأزمة السياسية الاسرائيلية أعمق من اي وقت مضى.

• تشكل هذه الحالة فرصة فلسطينياً وفي المقابل تحل مخاطر حقيقية تجاه غزة والضفة والقدس والفسطينين داخل إسرائيل .

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر