الحرب على غزة: نهاية مرحلة واحتمالات مفتوحة على كارثة


  • الثلاثاء 17 أكتوبر ,2023
الحرب على غزة: نهاية مرحلة واحتمالات مفتوحة على كارثة
غزة

تبدو الامور انها تصل الى نهاية المرحلة الاولى من الحرب على غزة والى نقطة مفصلية فإما الاجتياح البري مجهول العواقب وامكانيات تحقيق أهدافه، وهو ما يعني ثمنا دمويا ووجوديا فلسطينيا رهيباً وفي المقابل التورط وقد يفتح جبهات اخرى خاصة الجبهة الشمالية وقد يدفع نحو توتر حاد في العلاقات مع مصر، وإما التقدم نحو بداية النهاية لهذه الحرب. لكنه يعني فيما لو تحقق بأن المسار هو السعي لتغيير وجه قطاع غزة سكانيا وعمرانيا، بعد انهيار الحصار واستراتيجيات اصحابه المبنية عليه من1 العام 2007.

شهد اليوم السابع للحرب نهاية الأسبوع تحرّكا شعبيا عربيا ودوليا لا يزال في بداياته، لكن من الواضح منسوب الغضب الشعبي والقرار الحازم بالضغط من أجل وقف العدوان على غزة والذي يبلغ مستويات رهيبة من التهجير وجرائم الحرب وحتى أعمال الابادة بمعايير القانون الدولي كما تؤكد المنظمات الحقوقية والانسانية الاممية. هذه الحالة لا يستطيع اي نظام عربي تجاهل أثرها وطنيا وإقليميا على السواء. في المقابل شهد اليومان الاخيران حراكا عربيا رسميا بأعلى المستويات في موقف واضح برفض تهجير اهالي القطاع وخلق قضية لاجئين تضاف الى قضية اللاجئين منذ 1948 مرورا ب 1967، وهي مواقف يحركها أيضا المصالح الحيوية للأمن القومي العربي.

هناك مؤشرات على احتمال تأثر المصالح الامريكية الاساسية في المنطقة ومن ضمنها تعثر مشروع التطبيع السعودي الاسرائيلي الامريكي الصنع، ومنها توافقات عربية واقليمية لم تكن اسرائيل معنية ان تراها بتحول قضية فلسطين مجددا الى واجهة قضية العرب والمستوى الدولي حتى الاسرائيلي الأمريكي. الحوار السعودي الإيراني بصدد وضع حد للعدوان وبصدد منع اشتعال حرب اقليمية، هو أيضا له استحقاقاته ووضع عثرة امام التعويق اسرائيليا على هذه العلاقات، حتى وان كان لا يتعارض مع الاولويات الامريكية.

عالميا شهدت مدن العالم عددا من التظاهرات الشعبية الغاضبة الداعية لوقف العدوان على غزة، وذلك من خلال تحدي مواقف عدد من الحكومات الاوروبية التي قررت محاصرة ومنع اي نشاط تضامني مع الشعب الفلسطيني، وبعد قرارات اوروبية بوقف المساعدات للفلسطينيين ودعم مطلق لإسرائيل الا ان الموقف الشعبي بدأ يؤثر وبدأنا نرى تصدعا في "الجدار الأوروبي" لتكون النرويج اولى الدول التي دعت الى وقف جرائم الحرب في غزة إضافة للتحول في موقف بريطانيا بصدد المس بالمدنيين في غزة.

لا نتوقع حاليا تغيرا جوهريا فوريا في الجبهة الشمالية نحو الحرب، بل كما يبدو ستبقى ساخنة بمستوى اقل من الحرب وأكثر من التوتر العادي. الا ان اي حدث قد يتدحرج نحو حرب شاملة، وقد يشكل تواجد القوات الامريكية والبريطانية في المنطقة واساطيل الحرب محفزا لحكومة نتنياهو وحكومة الحرب بتوريط الامريكان في حرب على الجبهة الشمالية.

بدأت الحالة الاسرائيلية الداخلية تشهد تصدعات، فبعد أسبوع من إسكات أي صوت يخرج من اهالي وعائلات الرهائن والاسرى الاسرائيليين في غزة، بدأنا نشهد حراكا في هذا الصدد وخلال الحرب وليس بعدها، يضاف اليها حملة قوية جدا ضد نتنياهو الذي تشهد شعبيته انهيارا غير مسبوق نظرا لإخفائه الهائل هو وحكومته. كما وبدأت تتعالى الاصوات التي تطالب بتنحيته او تنحّيه، اضافة الى الأصوات التي تحذر من جرائم الحرب في غزة لدرجة ان هآرتس خصصت كلمة التحرير لتؤكد أنه لا تخويل للحكومة لقيادة الجيش لارتكاب جرائم حرب في غزة وبقرار مسبق.

تتصاعد الانتقادات من جهات اسرائيلية ذات رصيد أمنى من حرب انتقامية كونها استراتيجية سوف تورط اسرائيل وجيشها وجنودها امام محكمة الجنايات الدولية.

بدأ الإعلام الغربي بالالتفات الى معاناة المدنيين الفلسطينيين وجرائم الحرب المرتكبة ضد سكان غزة المدنيين وعمليا بدأت بوادر تصدعات في الجبهة المطبقة على الفلسطينيين.

هناك تقديرات عدّة تفيد بأن الحرب الطويلة والتهديد باستمرارها اسابيع واشهر هو جزء من الحرب النفسية، وسير العمليات في القطاع يشير الى ان اسرائيل في عجلة من أمرها قبل أن تتورط وأن ينفذ أثر ما تحظى به من فسحة غربية من الدعم الهائل، خاصة وأن للحرب تداعيات دولية وليس فقط محلية واقليمية.

الثمن الاقتصادي هائل وتعطيل مرافق البلاد وإغلاق المطارات لها اثمان هائلة، تضاف الى الثمن الحربي نفسه، وتحولت كل البلاد الى جبهة حرب وحالة حرب. بتقديرنا ايضا ان التصعيد بالقصف على المدنيين في غزة والسعي الى التسريع في خلق حقائق على الارض وحصريا تفريغ شمال غزة اي المدينة من سكانه الذين يضاهون نصف عدد سكان القطاع. هذه الضغوطات تعكس ضغوطات موضوعية واقتصادية وسياسية على حكومة اسرائيل لعدم اطالة امد الحرب. لكن لا يمكن الركون الى ذلك اذ ليس هناك لاعب وحيد لا في المنطقة ولا دوليا.

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر