إسرائيل ككارثة طبيعية وأمريكا كتابوت مفتوح وهآرتس كصحيفة لاساميَّة

- لا يشتمل الريبورتاج على أية خلفية للصراع الفلسطيني الصهيوني أبداً، ولا لحصار غزة، ولا لحروب إسرائيل عليها وعلى عموم فلسطين، إلا كما يمكن الفهم من السياق العام، بأن تصاعد العنف أدَّى إلى الحرب، والعمليات الحربية أدَّت إلى "مقتل" الأطفال، أي تصوير الحرب بوصفها "كارثة طبيعية"، وليست قراراً سياسياً من قبل دولة استعمار استيطاني ضد شعب مستعمَر في أكبر سجن في التاريخ؛
لا يوجد موقف أخلاقي من فعل الحرب كفعل وحشي، بل ثمة مسعى ضمني يوازي أخلاقياً بين الدولة الاستعمارية والشعب المستعمَر والمحاصَر في غزة، بمعنى أنه في الحرب shit happens، على رأي بيني موريس، وأنه: "اللي بِدُّه يعمل عِجَّة، بِدُّهُ يْكَسِّر بيض!" ويُلمس ذلك من خلال ذكر الظروف المعيشية الصعبة للأطفال الغزيين دون ذكر علَّتها الأولى، من نكبة مستمرة، وحصار لقطاع غزة، وعدوان متكرر عليه بالحرب التي تترك الأطفال وعائلاتهم في "قلق استباحة" دائم؛
استناداً إلى ذلك، وأخذاً بعين الاعتبار الموقف الأمريكي الرسمي بدعم "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، وتوقيع صفقة أسلحة معها خلال الحرب، يُفتتح الريبورتاج بعبارات يُفهم منها تحميل مسؤولية الضحايا لله، وذلك من خلال تكرار عبارة: "هذه إرادة الله" على لسان من تبقى من أقارب الضحايا. وبالتالي، فإن ما حدث ليس جريمة حرب، بل نتيجة لكارثة طبيعة أرادها الله، و"إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون. فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون"؛
هناك محاولة للموازاة بين "طرفين"، ولوم الضحايا من "الطرف" الأضعف. إذ "الطرف" الأقوى الآخر يملك ترسانة عسكرية أقوى، وملاجئ لحماية المدنيين من مواطنيه (ومن ضمنهم الأطفال)، فيما "الطرف" الأضعف، والمسؤول كما يبدو عن ضحايا غزة (وهو الله وأبناؤه الأقل، أي مقاومة غزة) قصَّر في حماية مدنييه (ومن ضمنهم الأطفال). ويذكر أن الناطقين العسكريين الصهاينة رددوا دائماً لازمة فاشية، مفادها: "إسرائيل تحمي المدنيين بالصواريخ، وغزة تحمي الصواريخ بالمدنيين" في محاولة للوم الضحايا كون مقاومتهم استخدمتهم كدروع بشرية، ولم تبنِ لهم ملاجئ في المخيمات.
أخيراً، سبق وأن اتهم زبون هآرتس ونيويورك تايمز الأشهر، إيلي فايزل، الكاميرا حين تركِّز على الضحايا الفلسطينيين، بأنها تمارس لاساميَّة من نوع ما. حينها، رد عليه محمود درويش وإدوارد سعيد ورشيد الخالدي، أن ذلك استمرار بالدفاع عن قداسة الجلاد الصهيوني، وتأبيد للضحية اليهودية، وايقاظ لـ "لاسامية معكوسة" من خلال فهم التاريخ الإنساني بأنه تاريخ عدائي لليهود. لو كان فايزل حيًّا لاتهم نيويورك تايمز وهآرتس باللاسامية، ونشر إعلاناً مدفوعاً، يفنِّد فيه الريبورتاج-القنبلة.