الصهيونية الدينية تسرّع خطاها في الضفة الغربية


  • الأحد 20 أغسطس ,2023
الصهيونية الدينية تسرّع خطاها في الضفة الغربية
توضيحية

"للاسف الشديد لم ننجح في التوصل الى حل بالتوافق لنقل البؤرة - الاستيطانية - “أعيرا شاحر" إلى أراضي دولة، كي نقوم بقوننتها كما نفعل في أماكن أخرى مثلما حصل في- مستوطنة - حومش. في هذه الدورة الحكومية، نقوم ببناء المستوطنات وتنظيمها قانونيا بمدى غير مسبوق، ونفعلها بدهاء ووفقا لصلاحياتنا وسلطتنا" هذا ما صرح به يوم 14/8 مكتب وزير المالية والوزير في وزارة الأمن سموتريتش المسؤول عن الادارة المدنية والمشروع الاستيطاني ، وذلك لموقع "سروجيم " الناطق باسم الصهيونية الدينية. في اليوم التالي 15/8 اكدت هيئة البث العام الاسرائيلية على رصد الوزير سموتريتش مبلغ 700 مليون شيكل (200 مليون دولار) لتعزيز الاستيطان في البؤر الاستيطانية وبناء بؤر جديدة وقوننتها وحصريا في شمال الضفة الغربية، كما وطلب من الوزارات تحويل هذه المبالغ بعد اقتطاعها من ميزانياتها، وذلك بعد ان قام بتجميد ميزانيات مخصصة لخطة خماسية للقدس الشرقية بمقدار 2.5 مليار شيكل، وفوريا، بإلغاء ميزانية للكليات التعليمية بمقدار 200 مليون شيكل، بالإضافة الى اقتطاع ميزانيات التطوير وسد الفجوات للسلطات البلدية العربية في الداخل الفلسطيني.

قراءة:

البؤرة الاستيطانية "أعيرا شاحر" هي عبارة عن بيت متنقل واحد اقيم على اراض فلسطينية خاصة وهذا ما سوّغ به سموتريتش به قراره. الا ان هذا الامر هو نقيض عقيدته للحسم القائلة بالاستيطان في كل مكان، ونقيض اعادة استيطان مستعمرة حومش في شمال الضفة.

في حين تنصب اهتمامات الرأي العام الاسرائيلي على الصراع بين الاجهزة الامنية الإسرائيلية والحكومة ومصير الجيش، تواصل الصهيونية الدينية العمل على جدول أعمالها الحقيقي ألا وهو الاستيطان والتهويد والضم، وتدمير مقومات الشعب الفلسطيني. وهذا ما يحظى برضى نتنياهو الذي لم يعد يكترث بالرأي العام الاسرائيلي، والدولي، وبالموقف الفلسطيني والعربي.

بات واضحا بحسب خبراء واكاديميين، ان حالة التشظي والتآكل في المجتمع الاسرائيلي وفي الجيش والمنظومة الامنية هي حالة مستدامة ولا يمكن النظر إليها باعتبارها حالة طارئة أو عابرة، وهذا ما يدركه سموتريتش باستخدامه مفهوم "الدهاء" في وصف سياسته الاستيطانية التي باتت تخطو خطواتها المتسارعة وذلك لتدارك اية امكانية لحل الائتلاف الحاكم او الاضطرار لإجراء انتخابات برلمانية، أو لشرخ بين نتنياهو ومعه سموتريتش وبن غفير من جهة وبين الأحزاب الحريدية الدينية بسبب مسألة قانون التجنيد الالزامي، الذي ترفضه الأحزاب الحريدية ومرجعياتها الدينية ويشكل مسألة وجودية بالنسبة لهذا التيار المؤمن بعقيدة اولوية تعليم التوراة على الخدمة العسكرية التي تدفع لاندثار هذا التيار.

في مقابلة مع القناة ال12 الاسرائيلية يوم 15 آب/أغسطس لم ينف رئيس حزب المعسكر الرسمي بيني غانتس حقيقة الضغوطات التي تمارس عليه من قيادات القطاع الخاص ومن حزب شاس الحريدي الشرقي ومن اوساط امنية باعتباره يمسك بمفاتيح "إنفاذ إسرائيل" وللقبول بالانضمام إلى حكومة وحدة قومية مع نتنياهو على حساب تيار الصهيونية الدينية وعلى حساب تيار عقائدي داخل الليكود ينتمي الى عقيدة الصهيونية الدينية. استبعد غانتس فكرة حكومة وحدة قومية برئاسة نتنياهو معللا ذلك بعدم صدقية الاخير وعدم أهليته وعدم الثقة بقبول حزب الليكود بكامل أعضائه بهذا المقترح بالإضافة إلى هيمنة سموتريتش وبن غفير على رئيس الوزراء.

يدرك سموتريتش اتساع نطاق المطالبة من غانتس بصفته المنقذ للاقتصاد المتدهور ومن انهيارات في الجيش وفي المجتمع، والتي خرجت من إطار التلميحات الى العلنية والمباشرة الضاغطة بهذا الاتجاه، وإذ تبدو الاحتمالات ضئيلة للغاية إلا أنها ممكنة في ظرف معين، وهذا يعني نهاية حقبة الصهيونية الدينية في الحكم، وتعثر مشروع سموتريتش المهيمن على الحكومة بائتلافها الحالي.

من المتوقع أن يتعزز المنحى الاستيطاني في الضفة الغربية وحصريا في مناطق (ج) والتي تصل مساحتها إلى أكثر من 70% من مساحة الضفة الغربية. وتصريح سموتريتش أعلاه، حقيقي ويسعى وبسرعة إلى تعزيز البؤر الاستيطانية وقوننتها بأسرع وقت ممكن.

التهجمات المنهجية من تيار الصهيونية الدينية ونوابه وأوساط في الليكود على قيادة أركان الجيش وقائد المنطقة الوسطي (المسؤول عن الضفة الغربية) ورئيس الشاباك، باتت حالة دائمة وكبيرة الأثر. فمن ناحية تثير غضب وقلق القيادة العسكرية وحركة الاحتجاج وحتى عناصر في الليكود الحاكم، إلا أنها بدأت تتغلغل في الوعي العام بنزع الإجماع على الجيش، وايضا تتغلغل الى داخل الجيش الذي تطلق قيادته نداءات القلق بقدر ما يسمح لها، وفي المقابل باتت تلائم نفسها لروح الحكومة، اسوة بالشرطة التي تم تطويع قيادتها لإمرة بن غفير وزير الأمن القومي. توجد قناعة بأن المؤسسة الامنية قد تغيرت من داخلها ولن تعود الى ما كانت عليه.

خلاصة:

• انهيار المنظومة الاسرائيلية وتعمق الازمة والصخب حول التشريعات، باتت البيئة التي يستغلها سموتريتش وتيار الصهيونية الدينية للتسريع في الخطوات الميدانية العميقة والمتسارعة لتعزيز الاستيطان وتوسيع نطاقه "بشكل غير مسبوق" وفقا لسموتريتش.

• السياسة الحكومية الجوهرية المطبقة في الضفة الغربية حصريا وتجاه الفلسطينيين عموما هي التي يفرضها سموتريتش وفقا لعقيدته. ولا توجد أية احتمالية لتغيير السياسات تجاه فلسطين وشعبها.

• في حال حدوث تصعيد حربي في الجبهة الشمالية فإن الصهيونية الدينية سترى بها فرصة للتسريع أكثر في تنفيذ مآربها تجاه الفلسطينيين. كما ان مشروع هذا التيار لا يتوقف عند التغييرات التشريعية وليست هي غايته الحقيقية بحد ذاتها، وإنما المقدّمة فقط.

 

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر