ما هي تبعات قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بإلغاء تعيين "درعي" في حكومة "نتنياهو"؟

الحكومة الإسرائيلية


  • الأربعاء 18 يناير ,2023
ما هي تبعات قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بإلغاء تعيين "درعي" في حكومة "نتنياهو"؟
"درعي"

أعلنت المحكمة العليا الإسرائيلية اليوم الأربعاء إلغاء قرار رئيس الحكومة "بنيامين نتنياهو" بتعيين رئيس حزب "شاس"، "أرييه درعي" وزيرًا، معتبرةً أن تعيينه ينطوي على عدم المعقولية ويجب عزله من منصبه.

وفي وقت لاحق، قالت القناة 12 العبرية إن هناك عدة أسماء مرشحة لتولي وزارتي الداخلية الإسرائيلية ووزارة الصحة الإسرائيلية في حال استقال "آرييه درعي" من الحكومة الإسرائيلية في أعقاب إعلان المحكمة العليا الإسرائيلية إلغاء قرار رئيس الحكومة "بنيامين نتنياهو" بتعيين رئيس حزب شاس "درعي" وزيرًا، معتبرةً تعيينه ينطوي على عدم المعقولية بسبب إدانته بقضايا فساد.

قراءة للمشهد السياسي الإسرائيلي..

ويشير المحلل السياسي عودة بشارات في حديثٍ خاص مع الجرمق إلى أن قرار المحكمة العليا الإسرائيلية هو بمثابة صفعة مدوية، موضحًا أن القرار قد بتسبب بصدام بين الحكومة الإسرائيلية والجهاز القضائي الإسرائيلي.

ويقول: "هذا القرار يلزم الحكومة بتنفيذه، لا يوجد مجال للحكومة بألا تنفذه، في حال رفضت الحكومة تنفيذه فهذه إهانة للمحكمة العليا، وهذا يعني أن كل البناء الدستوري في إسرائيل وكل منظومة الحكم في إسرائيل موجودة على فوهة بركان، لأن النظام يعطي الأولوية والسيادة للحكم القضائي، وفي حال عدم احترام هذا الحكم فهذا أمر خطير بأي دولة".

ويتابع، "برأيي يوجد حركة احتجاجية واسعة وهذه الحركة تساعد الجهاز القضائي، هناك عشرات الآلاف خرجوا للتظاهر، ولا يوجد للمحكمة العليا أي قوة من الجيش والشرطة، لديها قوة من الحركة الشعبية وهذه الحركة متواجدة بكثافة في الشارع الإسرائيلي".

ويعتبر الكاتب والمحلل السياسي أمير مخول أن قرار المحكمة العليا الإسرائيلية سيخلق معركة في الحكومة الإسرائيلية، مضيفًا في حديثٍ مع الجرمق، "سيكون هناك أبعاد كبيرة لهذا القرار، لدرجة أن المستشار الأمني القومي الأمريكي الذي وصل اليوم إلى البلاد يهتم ويتابع الموضوع، ويجب أن نؤكد على أن هذا الجهاز القضائي ليس بجهاز عدالة ولم يكن يومًا بالنسبة لنا كفلسطينيين، ولكنه كان جهاز يضبط حركة الدولة ويجعلنا نتوقع ما قد تقوم به هذه الدولة".

ويلفت مخول إلى أن التوجه الأكبر اليوم في الحكومة الإسرائيلية هو نحو الانتقام، وتوسيع الإجراءات من أجل القضاء على فاعلية المحكمة العليا الإسرائيلية، موضحًا أن المجتمع الإسرائيلي قد يشهد في الأيام القادمة تصاعدًا في العنف بين الإسرائيليين.

ويقول المحلل السياسي والمحامي خالد زبارقة لـ الجرمق: "حكومة نتنياهو أمام تحديات كبيرة، وهذه التحديات باعتقادي ستزداد وخاصةً أن هذه الحكومة لا تمتلك مشروع بين مركبات المجتمع الإسرائيلي المتطرف إنما هذه الحكومة بدأت تأخذ منحى آخر وهو الفرض".

ويردف، "الفرض بقوة الحكومة وبقوة الأكثرية، فرض رؤيتها ومفاهيمها وسلطتها على كل المجتمع الإسرائيلي، حتى لو أدى ذلك إلى دفع ثمن باهظ في المفاهيم الديمقراطية والليبرالية التي يتغنى بها الطرف الآخر من المجتمع الاسرائيلي، أعتقد أن حكومة نتنياهو أيًا كانت ستفشل ونحن نشهد الآن فشل هذه الحكومة في قيادة الدولة كدولة أو كمؤسسة أو ككيان نحو بر الأمان".

تبعات قرار المحكمة الإسرائيلية..

ويقول زبارقة في حديثه مع الجرمق: "اليوم بدأ يظهر بشكل واضح الشرخ العظيم القائم بين مكونات الشعب الإسرائيلي وخاصة بين اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يسعى إلى تطبيق تعليمات التوراة على العلاقات وعلى الدولة وبين اليمين الإسرائيلي الليبرالي الذي يريد أن يستمر في تطبيق المفاهيم الليبرالية على العلاقات أو على الحياة العامة في إسرائيل".

ويردف، "قرار المحكمة اليوم يأتي في سياق الصراع بين المحكمة العليا الإسرائيلية التي تقودها النخبة الليبرالية وبين الحكومة الإسرائيلية التي تريد أن تغير من مراكز القوى بينها وبين المحكمة الإسرائيلية، تسعى هذه الحكومة إلى إضعاف المحكمة الإسرائيلية أمام قدرة الحكومة أو الكنيست في فرض القوانين أيًّا كانت هذه القوانين، سواء كانت هذه القوانين تتناغم وتنسجم مع الأسس أو المفاهيم الأساسية للدولة الليبرالية أو التي لا تنسجم في ذلك، وهذا بطبيعة الحال بدأنا نشعر فيه وبدأنا نسمع أصوات تعلو خاصة في الأسابيع الأخيرة".

ويتابع، "أيضًا سمعنا رئيسة المحكمة العليا الإسرائيلية التي بدأت تتحدث عن دور الحكومة في تدمير الحياة الديمقراطية في إسرائيل، كل هذه الصراعات بدأت تظهر في الآونة الأخيرة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الصراع القوي بين مركبات المجتمع الإسرائيلي اليهودي".

ويضيف، "تبعات هذا القرار أولاً ستكون تبعات عامة على العلاقة العامة بين اليمين الليبرالي واليمين المتدين، وأيضًا لها تبعات على الحكومة الإسرائيلية نفسها، هل سيقوم الوزير آرييه درعي بتنفيذ قرار المحكمة العليا والاستقالة من الوزارة أم أنه سيعاند المحكمة العليا ويبقى بالوزارة؟!، وهذا سيلقي الكرة بملعب نتنياهو وكيف سيتصرف نتنياهو إزاء تعنت الوزير آرييه درعي في التمسك بالوزارة وهل سيقوم بإقالة درعي وما هي تبعات إقالته!".

هل يستجيب "نتنياهو"؟

ويقول بشارات في حديثه لـ الجرمق إن يتوقع أن يستجيب "نتنياهو" لقرار المحكمة العليا الإسرائيلية، ويعزي ذلك إلى أنه لا يوجد لـ "نتنياهو" خيارات أخرى سوا ذلك.

ويضيف، "أتوقع أن يلغي نتنياهو قرار تكليف درعي لأن إصراره على مواصلة أن يكون درعي في الحكومة فهذا يعني صراع مع المحكمة العليا وهذا الأمر أتوقع ألا يحدث، في الوقت ذاته أتوقع أن يتوجه إلى لجنة القانون في الكنيست لسن قانون يستطيع عبره إعادة درعي إلى الحكومة".

ويردف، "واضح أن إقالة درعي ستثير الرأي العام الشرقي في إسرائيل، وسيخرجون ضد القرار، لكنني أعتقد أنهم في نهاية الأمر سيرضخون لقرار المحكمة العليا".

وبعكس توقعات بشارات، يلفت مخول إلى أنه لا يتوقع أن يقوم "بنيامين نتنياهو" بإقالة رئيس حزب "شاس"، "درعي"، ويتابع، "قرار المحكمة العليا يجب أن يكون نافذ، وأن يستقيل درعي في نهاية المطاف، في حال أراد أن يبقى وزيرًا في الحكومة فذلك سيؤدي إلى تصعيد كبير في مفهوم بطش وعنف الائتلاف الحاكم".

ويوضح مخول في حديثه مع الجرمق أن "نتنياهو" لا يستطيع أن يقيل "درعي"، لأن الاستقالة هي مسؤولية "درعي"، مشيرًا إلى أن "نتنياهو" يستطيع أن يلغي قرار المحكمة العليا في حال تم العمل على تشريع قانون جديد، معتبرًا ذلك انقلاب في حال حدث، واستغلال لدكتاتورية الأغلبية في اللحظات الراهنة.

ويتابع، "أعتقد أن لا خيارات أمام درعي عدا الاستقالة في الوقت الحالي وهذا ما يبدو أنه سيقوم به، الحكومة الإسرائيلية ستعمل على إيجاد مخرج، كتعين شخص موالي لدرعي، أو تعيين مرجعية، لكن الأيام كفيلة بأن تكشف كل شيء، سواء انقلبت الحكومة على قرار المحكمة العليا وهذا ليس شيئًا عاديًا، أو أن قرار المحكمة العليا يمر وتنصاع له الحكومة، وهنا تدخل الحكومة بأزمة لأن حزب شاس يهدد بالخروج من الحكومة في هذه الحالة، وهذا يهدد الحكومة، يعرضها للسقوط".

ويشير زبارقة لـ الجرمق إلى أن شرخ كبير بين مركبات الائتلاف الحكومي الإسرائيلي بدأ يصبح واضحًا، وأن الحكومة الإسرائيلية قد تقوم بسن قوانين أخرى من أجل تجاوز قانون المحكمة العليا الإسرائيلية، مضيفًا، "أعتقد أننا في الأيام القادمة سنشهد الكثير من الاهتزازات داخل المجتمع الإسرائيلي أو داخل القوى في المجتمع الإسرائيلي".

. . .
رابط مختصر



اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة *

مشاركة الخبر