كيف سيتعامل الفلسطينيون في أراضي48 مع العلم الفلسطيني بعد قرار بن غفير بمنع رفعه؟

العلم الفلسطيني


  • الاثنين 9 يناير ,2023
كيف سيتعامل الفلسطينيون في أراضي48 مع العلم الفلسطيني بعد قرار بن غفير بمنع رفعه؟
العلم الفلسطيني

أصدر المفتش العام للشرطة الإسرائيلية، يعقوب شبتاي، أوامر لقادة الجهاز بمنع رفع العلم الفلسطيني في الأماكن العامة، وذلك بعد تلقيه أوامر مباشرة بهذا الشأن من وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، حيث اعتبر الأخير أن رفع الأعلام الفلسطينية يعبر عن "دعم لمنظمة إرهابية وتحريض ضد دولة إسرائيل" بحسب ما ذكرت صحيفة هآرتس العبرية.

ووفقًا للصحيفة العبرية فإن قرار بن غفير جاء بعد رفع العلم الفلسطيني خلال احتفالات الفلسطينيين بالإفراج عن الأسير كريم يونس في بلدة عارة نهاية الأسبوع الماضي.

وخلال استقبال الأسير كريم يونس، رُفع العلم الفلسطيني في خيمة الاستقبال وبين الجماهير المحتفلة، ولم يتم إزالته على الرغم من اقتحام عناصر من الشرطة الإسرائيلية للخيمة لإنزال العلم بإيعاز من إيتمار بن غفير، حيث ذكرت مصادر محلية للجرمق أنه خلال الاحتفال اقتحمت خيمة استقبال الأسير كريم يونس للمطالبة بإنزال العلم إلا أن الشبان الفلسطينيين في الخيمة رفعوا العلم أكثر فأكثر ولم يستجيبوا للشرطة الإسرائيلية.

العلم الفلسطيني في وجدان الشعب

يتربع العلم الفلسطيني في ذاكرة الشعب الفلسطيني ووجدانه، هكذا يتحدث عنه المحلل والكاتب أمير مخول الذي يؤكد على أن قرار حظر رفع العلم الفلسطيني ليس قرار إيتمار بن غفير وحده وإنما هو قرار حكومة إسرائيل التي لم ولن تناقض هذا القرار.

ويقول أمير مخول في حديثه للجرمق، "العلم الفلسطيني ليس مسألة شكلية عند الشعب، فهو موجود في وجدانهم وفي ذاكرتهم رفعوه قبل عام 1948 وبعدها، ولم يكن يومًا خاضعًا للمزاج الإسرائيلي، فُرفع خلال سنوات السبعينيات -خلال حظره- وقبلها وبعدها".

ويتابع أمير مخول للجرمق أن قرار حظر رفع العلم الفلسطيني في الأماكن العامة هو قرار سياسي وليس قانوني، والرد الأساسي عليه هو باستمرار رفع العلم الفلسطيني بقوة وزخم شعبي، قائلًا، "بن غفير ربما سيبقى سنة سنتين أو 3 سنوات ولكنه سيذهب في نهاية المطاف أما شعبنا باقي وسيرفع العلم".

ويُشير مخول في حواره مع الجرمق إلى أن الشعب الفلسطيني لم يُعول طيلة السنوات الماضية على الحكومات الإسرائيلية ولم يُرفع العلم الفلسطيني بموافقة أيّ منها، قائلًا، "دائمًا ما رفعنا العلم رغمًا عن الحكومات ودفعنا أثمان، تاريخيًا رُفع العلم في الساحات والمظاهرات والجامعات".

ويؤكد أمير مخول في حديثه مع الجرمق على أن العلم الفلسطيني علم شعب وليس علم دولة أو سلطة، مضيفًا، "لدينا يوم الأرض بعد شهرين ولدينا مسيرة العودة في أيار، هاتان المسيرتان كل شخص فيهما يرفع العلم الفلسطيني، وإن أرادت الشرطة فلتأت لتتصيد الأعلام".

ويقول مخول للجرمق، "بن غفير لم يستوعب حتى الآن أن عنجهيته لا تعني لنا ولشعبنا أي شيء، حكومة لابيد قتلت أكثر منه إذا أردنا أن نحصي الأمر من ناحية جرائم الحرب، بن غفير يأتي من بوابة مفتوحة ويندفع منها ولكنه يسقط قبل أن يصل إلى أي شيء، وعلى شعبنا أن يكون جاهزًا ويستعد للمواجهة مع الشرطة في حال قررت تنفيذ أوامر بن غفير".

وحول قرار بن غفير ومدى استجابة الشرطة الإسرائيلية للقرار، يقول مخول للجرمق، "الشرطة ذاتها غير مقتنعة بما أقر بن غفير، وبالتالي القرار الذي صدر عن يعقوب شبتاي هو أن كل قائد شرطة سيحدد طريقة التعامل مع رفع العلم وإن كان رفعه يؤثر على ’النظام العام’ أم لا، وبالتالي التنفيذ حتى الآن لقرار بن غفير ليس كما يريد تمامًا".

ويقول مخول للجرمق، "نحن رفعنا العلم بظروف أصعب من هذه بكثير، وشعبنا هو الذي يحكم ويحدد طريقة تعامله مع العلم في نهاية المطاف، فالقضية قضية وإرادة شعب وبطش حكومة، وتاريخيًا لم يمرّ يوم إلا وكان هناك اقتراح لمنع رفع العلم، فرفعه لم يكن يومًا نُزهة، فمعركة العلم ثابتة، وتتسع إلى مفهوم أكبر من رفع العلم، وهي استقلالهم مقابل نكبتنا".

معركة العلم تاريخيًا

على مدار أكثر من 70 عامًا، واجه الفلسطيني قرارات منها حظر العلم إما في الأماكن العامة أو مؤسسات "الدولة"، ولكن على الرغم من ذلك لم يسقط العلم الفلسطيني من أيدي الفلسطينيين على مدار السنين، حيث يقول عضو حركة كفاح للجرمق إن العلم الفلسطيني منذ عام 1948 حتى سنوات السبعينيات مُنع وحُظر رفعه تمامًا، ولكن على الرغم من ذلك كان يتم رفعه.

ويتابع للجرمق، "خلال سنوات السبعينيات وما بعدها، كان العلم يُرفع بشكل أكبر في الضفة الغربية منه في أراضي48، ولكن مواجهة هذا الأمر كانت بائسة فإسرائيل لم تستطع إرغام الناس على إنزال العلم وعدم رفعه".

ويضيف للجرمق، "خلال الانتفاضة الأولى كان العلم الفلسطيني ’الجريمة’ الأكبر بنظر إسرائيل ويتم معاقبة من يرفعه، وظل الأمر كذلك حتى تم توقيع الاتفاقيات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، حيث أصبح رفع العلم متاح في أي مكان".

ويتابع للجرمق، "الآن يحاول بن غفير أن يمنع العلم الفلسطيني مرة أخرى كما السابق، وخلال العام الماضي ظهر حديث عن منع العلم في الجامعات والمؤسسات والآن في الأماكن العامة، لأن إسرائيل لا تملك الجرأة بأن تمنع رفع العلم الفلسطيني مرة واحدة، وإنما تقوم بسرقة القرارات بشكل تدريجي".

ويتابع سامي ناشف للجرمق، "لدينا وعي كبير بأن قرار منع رفع العلم لا يمر بسهولة، ولهذا نحن ذاهبون إلى مواجهة مع الشرطة خاصة في البداية، مع كل تظاهرة يتم فيها رفع العلم ستحدث المواجهة، ولكن هذا أيضًا يتعلق بالوضع العام، هل هو متوتر أم مستقر".

قرار أم تشريع مُلزم

ويتحدث المحامي والناشط محمد صبح للجرمق عن أن القرار الذي تحدث عنه وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير هو قرار لا يرقى لمثابة قانون تم سنه في الكنيست، وبالتالي هو غير ملزم، قائلًأ، "قانونيًا هناك فرق بين قانون يسنه الكنيست الإسرائيلي ويُصبح ملزمًا للجميع وبين توجيهات وقرارات يتم الإعلان عن من قبل الوزراء".

ويقول للجرمق، "الشرطة الإسرائيلية من ناحية ستلتزم بالقرار الصادر عن هذا الوزير المتطرف، وفي ذات الوقت يُمكن أن يكون للشرطة تقديرات بألا تستجيب لتوجيهات الوزير الإسرائيلي"، مضيفًا، "نحن لا نتحدث عن قانون كنيست مُلزم، فمن جهة الأمر متاح للشرطة أن تتمسك بقرار الوزير الإسرائيلي وأن تعمل وفق هذا الإعلان لأن الوزير الإسرائيلي بن غفير هو من يدير عمل الشرطة أو لا تلتزم".

ويتابع صبح في حديث مع الجرمق، "هذا القرار بمنع رفع العلم الفلسطيني يعبر عن جنون هذه الدولة وهذا الكيان، والرد سيكون من قبل الفلسطيني رفع العلم الفلسطيني في الحيز الخاص بعد منعه في الأماكن العام، ولكن بطبيعة الحال القرار لن يردع الفلسطينيين عن التمسك بعلمهم".

ويضيف للجرمق، "التصريح الذي أدلى به الوزير المتطرف بن غفير لن يؤثر على الفلسطيني الذي سيتاجوز القرار وسيستمر برفع العلم في الأماكن الخاصة والعامة أيضًا التي اعتاد على رفعه فيها".

ويقول، "لا أرى أن الفلسطينيين سيتخلون عن رفع العلم في المظاهرات والأماكن العامة، ورأينا ذلك من خلال تصريحات الأحزاب الفلسطينية التي عنونت حديثها بالجملة المشهورة ’علمنا علم فلسطين، واجب علينا نرفعه’".

ويتحدث صبح عن كيفية التعامل القانوني من قبل الشرطة الإسرائيلية مع من سيرفع العلم الفلسطيني قائلًا، "نحن لا نستطيع في هذه اللحظة أن نعلم كيف ستتعامل الشرطة إزاء هذا التصريح، ولكن سنرى في الأيام القادمة كيف ستطبق الشرطة القرار".

ويتابع صبح في حديثه للجرمق، "أصبحت إسرائيل تتعامل مع العلم الفلسطيني وكأنه يُشكل تهديدًا ما، وهذا التعامل ينم عن ضعف وعن ضيق نظر وضيق أفق، وأعتقد أن الأيام القادمة ستحمل مشاهد معقدة في ظل الحكومة الإسرائيلية اليمينية".

ويقول صبح للجرمق، "واضح أن هناك تضييقات كبيرة سنشهدها خلال الأيام القادمة، والأيام ستكون حبلى بالمفاجآت التي تحملها الحكومة، وردنا يجب أن يكون مزيدًا من الصمود والثبات والتمسك بفلسطينيتنا حتى لو حاولت إسرائيل منع رفع العلم الفلسطيني أو أي شعار، فهذا لن يُغيّر حقيقة أننا جزء من الشعب الفلسطيني، والرد متروك لحكمة وحنكة أبناء الشعب الفلسطيني في الـ48 على هذا القرار".

ومن جهته، يؤكد سامي ناشف عضو حركة كفاح على أن مواجهة قرار بن غفير يتطلب قراءة جدية، قائلًا، "بن غفير كل فترة يعلن عن خطوة جديدة، يريد أن ينسف كل الاتفاقيات التي أبرمتها إسرائيل مع السلطة الفلسطينية، هذا من الناحية السياسية".

ويتابع للجرمق، "من ناحية أخرى يحاول بن غفير تأجيج الأوضاع واختلاق الذرائع لصنع مواجهة مع الشبان الفلسطينيين واختلاق ذريعة لملاحقتهم حول رفع العلم وهو الأمر المسموح دوليًا وقانونيًا".

ويقول للجرمق، "هذه العنصرية بمنع الفلسطينيين من رفع علمهم هي العنصرية التي يتغذى عليها بن غفير، وهي حرمان الأقلية العربية في الداخل من رفع علمها الوطني، ولذلك المواجهة في الميدان هي الأصل في الرد على بن غفير".

 

 

 

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر