كيف يُمكن مواجهة العنف والتنمر بين الطلبة وما هي أسبابه..قصة الطالبة "تالا مناع" نموذجًا

العنف


  • الخميس 22 ديسمبر ,2022
كيف يُمكن مواجهة العنف والتنمر بين الطلبة وما هي أسبابه..قصة الطالبة "تالا مناع" نموذجًا
العنف =

 

أثارت قضية الاعتداء على طالبة الصف التاسع تالا مناع من بلدة مجد الكروم من قبل زميلاتها في المدرسة ببلدة جدلًا حول كيفية التعامل مع حادثة الاعتداء التي قادتها طالبات مراهقات لا تتجاوز أعمارهن 15 عامًا، حيث دعت بعض الأصوات إلى ضرورة عقاب الطالبات "المعتديات" في مقابل أصوات أكدت على أنهن ضحايا وأن التعامل الصواب معهن هو الحوار والتمكين وتعزيز الثقة بالنفس.

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي صورًا للطالبة تالا مناع وهي تحمل كمية من "شعرها" بعد قصه من قبل زميلاتها بالمدرسة بعد الاستهزاء بها ودفعها، وسكب مادة لتخريب شعرها.

علاج "العنف والتنمر"

ونوهت الأخصائية النفسية والاجتماعية جمان مزاوي في حوار مع "الجرمق" إلى أن هذا الحدث يجب التعامل معه بجدية، ويجب علاجه بشكل فوري ومعمق وجماعي وشمولي، قائلة، "هنا نتحدث عن أشكال متعددة من العنف، كالعنف الإلكتروني والجسدي والكلامي والنفسي، وهي أشكال مختلفة من العنف تجسدت في حدث واحد ومتسلسل".

وتقول مزاوي للجرمق، "الإشكالية في هذا الاعتداء بالتحديد أنه حدث بشكل جماعي ومخطط له مسبقًا ولم ينتج كردة فعل لحظية وآنية فقد فيها الشخص قدرته على التعامل".

وتوضح مزاوي، "هذه الإشكاليات داخل الحدث -وغيرها الكثير- يجب علاجها بشكل جماعي وشمولي للمدرسة ككل وليس فقط للطالبات ’المعتديات’".

وتؤكد مزاوي على أن العلاج لا يمكن أن يكون فقط بالعقاب، فالعقاب ممكن أن يكون رادع ولكنه لا يُنمي الأخلاق والضمير الداخلي أو المسؤولية الداخلية، قائلة، "عندما نتخذ العقاب كأسلوب علاج نقوي فقط الرادع الخارجي فيخاف الشخص من القانون والعقاب والفصل أو القصاص عمومًا، ويمتنع عن ممارسة العنف خارجيًا ولكن في داخله لا يتغير شيء".

وتقول، "نحن بحاجة إلى رادع داخلي وتنمية الضمير الداخلي والمسؤولية الفردية لدى كل فرد، وتقوية روح الجماعة والتكافل لهذا الجيل، فهذا الجيل تنشئته مختلفة عن تنشئة الأجيال السابقة، ولا يمكن مقارنته معها".

وتضيف للجرمق، "الآن ظروف العائلات مختلفة والظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية مختلفة أيضًا، كما أن العولمة والانكشاف على وسائل التواصل الاجتماعي والممارسات والتحديات المسيئة التي يتعرض لها الطلبة والأطفال سواء على تطبيق التيك توك وغيره تعطي شرعية لاستخدام هذه الأفعال وممارستها داخل المجموعات".

وتقول، "ما يحدث خطير جدًا، نحن بحاجة لتنمية المبادئ والقيم المجتمعية في نفوس المراهقين التي لطالما كانت موجودة سواء قيم روح الجماعة والتكافل والمساندة المجتمعية التي تربينا علينا ثقافيًا وحضاريًا وتراثيًا ودينيًا..".

العنف لا يأت من فراغ

وتؤكد الأخصائية جمان مزاوي للجرمق على أن العنف الذي يرتكبه الشخص لا يأتب من فراغ، سواء العنف الجسدي أو الكلامي، أو النفسي، مشيرة إلى أن العنف ينتج بسبب توارد أفكار لدى الشخص كمشاعر الغيرة أو الضغط أو غيرها حيث لا يستطيع الشخص التعامل معها فيلجأ للعنف.

وتقول، "العنف هو نتاج تراكمات داخلية لم يستطع الفرد التعامل معها، فيلجأ للعنف، والحل هو تمكين وتعزيز قيم المسؤولية الداخلية والرادع الداخلي داخل نفوس الأفراد والطلبة كي لا يلجأوا للعنف والتنمر".

وتتابع للجرمق، "علينا إعطاء الطلبة والأفراد المهارات التي يستطيعون من خلالها التعامل مع مشاعر الغيرة والمقارنة والحسرة التي يمرون بها خلال فترة المراهقة حيث أن هذه المهارات هي الأصل في التعامل الاجتماعي والمجتمعي".

وتُشير إلى أن جيل المراهقة ليس بالجيل السهل، والأفراد وتحديدًا الطلبة يتعرضون لكثير من الضغوطات وبالتالي هم بحاجة إلى أن يكون لديهم طرق للتعامل مع التخبطات بعيدًاعن العنف وأن تكون هذه المهارات هي الأصيلة وليست البديل.

دور الأهل

وتؤكد جمان مزاوي في حوارها مع الجرمق على أن هناك دور كبير على التربية والتنشئة للأفراد والطلبة والتي يمكن من خلالها إعطائهم المهارات والقدرات والمعرفة التي تُشعرهم بالأمان، وتدفعهم لمشاركة الأهل بما يجول في خاطرهم.

وتقول، "عندما تحتضن العائلة ابنها/ابنتها في غالب الظن ستقل السلوكيات المؤذية"، مضيفة، "هناك الكثير من حالات العنف التي لا يتم الكشف عنها إلا عندما تتفاقم، لأن الضحايا لا تكون قادرة على مصارحة الأهل أو الأصدقاء بما يحدث معها، أما عندما تكون البيئة داعمة ومصغية ومعتادة على الحوار، سيخفف ذلك من العنف".

دور المدرسة

وتوضح جمان مزاوي للجرمق أن للمدرسة أيضًا دور مهم في مواجهة سلوكيات العنف والتنمر والوقاية منها، قائلة، "دور المدرسة مهم، وعلى الأخصائيين النفسيين والمركزين في المدارس متابعة الأفراد والطلبة وتصنيفاتهم وتجماعتهم، لأن هذه هي الطريقة لإلتقاط مؤشرات قد تؤدي إلى حدوث العنف والتنمر".

وتضيف، "نحن بحاجة للوقاية من العنف والتنمر قبل حدوثه، وذلك يتم عن طريق التمكين وتعزيز الفرد من خلال برامج وورشات ودورات ولقاءات، وبذلك يصبح الفرد قادر على التعامل مع الضغوطات التي تواجهه بشكل أفضل، أما في حال لم يتم تنمية مهارات تعزيز الفرد وتمكينه، فإنه سيلجأ للعنف لأنه للحل المتوفر في جعبته لمواجهة مشاعر الغيرة أو الضغط..".

وشددت مزاوي في حوارها مع الجرمق على أن أهمية الوقاية ومتابعة مجموعات الطلبة أو المراهقين من قبل المختصين والمهنيين وأن الوقاية خطوة استباقية يمكن من خلالها ملاحظة الأعراض والمؤشرات التي قد تؤدي للعنف.

وتقول، "هناك سلوكيات نستطيع من خلالها  معرفة وضع الطالب داخل المجموعة، وأنه يتفاعل بشكل غير صحي، سواء طالب يجلس وحده أو ما شابه…".

وتختم مزاوي حديثها، "من أهم طرق الوقاية من العنف، هي الحصانة النفسية التي تشمل داخلها مختلف المهارات والقدرات والأفكار التي تُمكّن الانسان من التعامل مع الظروف والتحديات والضغوطات بأفضل ما يمكن وبأقل الأضرار".


 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر