كأس العالم في قطر: استمتعنا وتفاعلنا، فهل تقدّمنا نحو بناء الأُمّة؟

مونديال قطر 2022


  • الثلاثاء 20 ديسمبر ,2022
كأس العالم في قطر: استمتعنا وتفاعلنا، فهل تقدّمنا نحو بناء الأُمّة؟
مونديال قطر 2022

وفّرت استضافة قطر الجديرة لمباريات كأس العالم فرصة غير مسبوقة للشعب العربي ليتفاعل مع كل تفاصيل الحدث، ووفرت المنتخبات العربية وبالذات المغربي جانبًا معنويًا كبيرًا، كما وشكّل حضور العلَم بالنيابة عن فلسطين مسألة وجدانية عربية وعالمية صاخبة، كما شهدنا في المقابل الرفض الشعبي لتطبيع حضور إسرائيل من خلال إعلامها الاستفزازي والذي أراد من العرب أن يشتموه وينبذوه كي يثبت حضوره.

لقد أتاح المشهد الوجداني العظيم أفقاً معنوياً يتراكم في النفوس، إلا أنه ليس في النُظُم ليستديم، فما أصدق صوت الشعب العفوي والوجداني مقابل استعصاء النظم عن الاصغاء اليه.

هذه الفجوة ضرورية كي لا "نغرق السّاعةَ في حفنة ماء". فرغم عظمة المشهد العربي الشعبي، إلا أن المغالاة بالتحوّلات التي قد تأتي في أعقاب نهائيات كأس العالم من شأنها أن تولّد الوهم وكأننا انتقلنا الى مرحلة جديدة في حياة الشعب العربي، او اننا اقتربنا أكثر نحو بناء الأمّة العربية. يكاد لا يوجد نظام عربي معني بذلك،  ولا توجد قوى سياسية حقيقية ومنظمة تدفع نحو ذلك باعتباره مشروعًا عربيًا قوميًا.

هناك مبادرات وحركات حافظت على وجودها وحضورها الملموس رغم كل المعوّقات العربية، وبالذات التيارات العروبية وحركة مناهضة التطبيع وهي حركة تاريخية وليست وليدة الساعة، وقامت وتقوم بدور هام وضروري الا انها محاصرة بأنظمتها، وبتراجٌع مُجمل الحركة السياسية العربية في معظم البلدان عن انشغالاتها القومية وباتت تعمل في المدى الوطني فحسب وكثيراً ما تتعارض اولوياتها مع التحرك القومي.

باعتقادي أن التجربة الشعبية البحرينية المستدامة والمنظمة والمبنية على تحالفات شعبية وسياسية في مناهضة التطبيع وفي اعتبار فلسطين قضيتها القومية الاولى الى جانب التحديات والمعوقات التي تواجهها ومحاصرة النظام لها، هي تجربة ممكن التوقف عندها والاستفادة منها في بناء آفاق للعمل العربي، كما ان الحالة الشعبية في معظم البلدان العربية وبالذات مصر والاردن والجزائر والمغرب تحمل مؤشرات إيجابية، بينما ضعف الحركة السياسية لا يتيح لها الاستناد الى ارادة الشعب والانطلاق منها.

لقد وفّرت بطولة كأس العالم مشهدا يشير الى القدرات القائمة في الوطن العربي فيما لو توافقت مع ارادة الشعب. وهو تحدٍّ جوهري، لا يمكن تجاوزه حاليا، لكن لا بدّ من الدفع نحوه، وعلى وجه التحديد في حقبة يتغيّر فيها جوهريا النظام العالمي، وقد تكون فرصة تاريخية لا تعوّض.

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر