ما هي القوانين التي يحاول ائتلاف نتنياهو سنّها على عجالة وما الذي يترتب عليها؟


  • الاثنين 19 ديسمبر ,2022
ما هي القوانين التي يحاول ائتلاف نتنياهو سنّها على عجالة وما الذي يترتب عليها؟
قوانين الكنيست

صادقت الهيئة العامة في الكنيست الإسرائيلي في الفترة الأخيرة على مجموعة من القوانين بصورة خاطفة -كما وصفتها المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا- قبيل تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة ضمن مساعي بنيامين نتنياهو رئيس حزب الليكود في تمرير أكبر قدر من القوانين لإرضاء حلفائه بالائتلاف الحكومي الذي يعمل على تشكيله، ولتمرير أجنداته الشخصية بحسب محللين.

قانونا سموتريتش وبن غفير

وصادقت الهيئة العامة في الكنيست الإسرائيلي بالقراءة الأولى على تعديل قانون يقضي بالسماح بتعيين وزير في وزارة الأمن يكون مسؤولًا عن "الإدارة المدنية" للاحتلال في الضفة الغربية بناء على طلب رئيس الصهيونية الدينية، بتسلئيل سموتريتش.

كما صادقت بالقراءة التمهيدية على قانون توسيع صلاحيات "وزير الأمن القومي" المكلّف إيتمار بن غفير على جهاز الشرطة الإسرائيلية والقوات التابعة لها، وذلك بتأييد 61 عضوًا في الكنيست ومعارضة 53.

"أخطر القوانين"

ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي أمير مخول للجرمق على أن القانون الخاص برئيس الصهيونية الدينية بتسلئيل سمورتيش أخطر القوانين التي تم المصادقة عليها لأنه يقضي بضم المناطق التي احتلت عام 1967 أي الضفة الغربية والجزء الشرقي من القدس، قائلًا، "هذا القانون يعطي صلاحيات غير مسبوقة لأيدولوجية الصهيونية الدينية والتي ستحكم بموجب القانون الفلسطينيين في الـ67 عن طريق ما تعرف بـ الإدارة المدنية".

قانون يعمق الفاشية

ويتابع مخول في حديثه مع الجرمق أن قانون "بن غفير" الذي يقضي بتوسيع صلاحياته على الشرطة الإسرائيلية يهدف بالأساس إلى تشديد القبضة على فلسطينيي48 وعلى الفلسطينيين في القدس، قائلًا، "بن غفير انطلق بمشروعه السياسي من هبة الكرامة وما حدث خلالها من ’أعمال شغب’ بحسب تسميته، حيث أراد من خلال القانون إعادة السيطرة على أراضي48، ليصبح هو صاحب القرار في سلوك الشرطة ميدانيًا في القدس وفي الأقصى وفي الـ48، وسيقود بموجب القانون السلطة والسياسات وسيأمر بالقمع في كل مكان، وسيمنع رفع العلم الفلسطيني هنا وهناك".

ويضيف مخول للجرمق، "بن غفير يريد تحويل الشرطة إلى ميليشيا تابعة له لتخدم مصالحه الأيدولوجية وليس مصالح الدولة".

ويُشير أمير مخول في حديثه للجرمق إلى أن "سموتريتش وبن غفير" يشتركان في نظرتهما إلى أراضي48 والضفة الغربية والقدس على أنها جميعها "أرض إسرائيل"، قائلًا، "سموتريتش وبن غفير لا يريَا الخط الأخضر أبدًا، ولا يعترفان بأن هناك مناطق محتلة عام 67 و48 بحسب مفاهيمهما الدينية، وإنما يريان فلسطين  أنها أرض إسرائيل، ويتعاملان بذات القوة مع الفلسطينيين فيها، فالقوات الإسرائيلية التي تقمع في الضفة الغربية ومسافر يطا مثلًا هي ذاتها التي تقمع في النقب".

ويعلق المحلل السياسي أنطوان شلحت على قانون إيتمار بن غفير بتوسيع صلاحياته على الشرطة الإسرائيلية، حيث يقول في حديث سابق للجرمق، "الجوهر في مطلب إيتمار بن غفير هو وضع السياسة فوق القانون، ونحن كمحللين لدينا الكثير ما نقوله في هذا المجال، خاصة أن القانون بالأساس يحتكم لدولة في جوهرها عنصرية، وفيها تفوق لقومية على قومية أخرى بحسب قانون دستوري".

ويتابع، "ومع كل هذه العنصرية، هناك ثغرات صغيرة في القانون نستطيع التمسك بها للدفاع عن بعض الحقوق الفردية للأقلية القومية العربية من خلالها، ولكن ما يطالب به بن غفير هو فرض مسؤوليته المطلقة على الشرطة وإخضاعها له، كي يصبح هو كوزير فوق القانون".

ويقول، "بن غفير يطالب أن تنتقل السلطة إليه لتنفيذ سياسته العنصرية والفاشية، فهو يريد استغلال منصبه لتطبيق أجندته السياسية دون اعتبار للقانون الذي نستطيع الاستفادة من ثغراته".

ويتابع للجرمق، "هذا مطلب في جوهره مطلب فاشي، وحتى معارضة المستشارة القضائية للحكومة له ليست صدفة، فمن وجهة نظر قانونية، هذا المطلب مرفوض، رغم عنصرية الدولة".

ويوضح، "السؤال المطروح حاليًا، هو هل القانون سيمر بقرائاته كاملة أم لا، وسيبقى هذا السؤال مطروحًا، ولكن يجب الأخذ بعين الاعتبار أن هناك أغلبية كبيرة في الكنيست تدعم بن غفير الذي يستطيع بدوره ابتزاز نتنياهو بسبب أجندة الأخير الشخصية، ويبدو أنه شخص قابل للابتزاز".

ومن جهته، يقول المحلل السياسي عودة بشارات في حديث سابق للجرمق، "الشرطة الإسرائيلية بطبعها تعمل ضد العرب دون توسيع صلاحيات بن غفير، وهذا ما شهدناه في القدس والبلدات العربية في الـ48، ولكن ما يريده بن غفير هو قمع أكبر للجمهور العربي ولأعداء بن غفير في المجتمع الإسرائيلي أيضًا".

ويقول للجرمق، "وضع الصلاحيات في يد بن غفير يجعله يطبق سياسته وأيدلوجيته القمعية المنافية للقانون والأعراف والدولية، فعلى الرغم من تحيّز الشرطة عمومًا، إلا أن الحكومات الإسرائيلية التي تعاقبت لم تسمح للمستوى السياسي أن يتدخل بعمل الشرطة ’المهني’، الذي يُسيء بالأساس استخدام السلطة".

قانون لتبييض صفحة درعي

 ومن بين القوانين التي صادقت عليها الهيئة العامة في الكنيست الإسرائيلي في الفترة الأخيرة، تعديل قانون يسمح بتعيين رئيس حزب شاس، أرييه درعي، وزيرًا بالرغم من إدانته بمخالفات فساد والحكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ.

وصادقت الهيئة العامة للكنيست على القانون بتأييد  63 عضو كنيست وعارضه 52 عضوًا، على الرغم من سعي الائتلاف الإسرائيلي الحالي المماطلة في المصادقة عليه.

ويقول المحلل السياسي أنطوان شلحت في حديث للجرمق، "كانت المهمة أمام نتنياهو سن قوانين تزيل المعيقات الأخيرة لتشكيل الحكومة والتي من ضمنها تعيين رئيس حزب شاس كوزير وهو الذي أدين بتهرب ضريبي وُحكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ وغرامة مالية".

ويتابع للجرمق، "هناك جهات كانت تعتقد بأن هذا الحكم بالسجن الفعلي يجب أن يمنع درعي من تولي منصب وزاري، ولذلك أزال هذا القانون العقبة الأخيرة أمام نتنياهو".

ومن جهته، يعتبر الكاتب والمحلل أمير مخول تمرير قانون درعي شأن إسرائيلي داخلي، قائلًا، "يجب أن نقرأ الأمور كفلسطينيين وليس كإسرائيلين، فتعيين درعي ليس من شأننا، وليس من شأننا أن تكون إسرائيل فاسدة أم لا، وربما إن كانت فاسدة أفضل لنا، ولكن المهم أن ننظر للأمور من منطلق تهديد هذه القوانين لنا".

ويضيف للجرمق، "هذه الحكومة تريد أن تضع وزير فاسد، هذا شأن داخلي إسرائيلي، يجب ألا يشغلنا مدى فساد نتنياهو أم لا، وبالتالي القوانين التي تؤثر علينا هي قوانين سموتريتش وبن غفير كشعب فلسطيني في الداخل وكفلسطينيين بشكل عام".

بند "التغلب" على المحكمة العليا

كما يسعى ائتلاف بنيامين نتنياهو إلى تمرير "بند التغلب" الذي يهدف إلى الالتفاف على المحكمة الإسرائيلية العليا وتقليص صلاحياتها، بحيث يتم منعها من شطب قوانين يسنها الكنيست الإسرائيلي لمنع إلغاء القوانين التي تتعلق بحلفاء نتنياهو من الصهيونية الدينية والحريديين.

ورغم أن بند التغلب يمنع المحكمة الإسرائيلية العليا من الاعتراض على قوانين الكنيست إلا أن المحلل السياسي أمير مخول أكد بأن هذا الأمر لا يؤثر على الفلسطينيين في شيء، قائلًا، "في تقديري بند التغلب الذي يسعى ائتلاف نتنياهو لتمريره، لا يؤثر على الفلسطينيين بشيء، فالمحكمة الإسرائيلية العليا توجهاتها يمينية وفيها قضاة مستوطنين الذين يُمنع أن يتواجدوا بها بحسب القانون الدولي".

ويؤكد على أن المحكمة الإسرائيلية العليا ليست الملاذ الصحيح للفلسطينيين وليست قضاءً عادلًا، مشيرًا إلى أنها قد تكون عادلة مع الإسرائيليين ولكن في نهاية المطاف قد يتم التوجه لها لردع المؤسسة الحاكمة لا أكثر.

ويقول مخول للجرمق، "الحواجز والقتل اليومي للفلسطينيين أصعب بكثير من هذه القوانين، فكل هذه الممارسات هي عنصرية ومصدرها الدولة العنصرية بالأساس، بما فيها القوانين التي تُشرّع حاليًا كقوانين سموتريتش وبن غفير، وقانون القومية الذي سُن سابقًا".

هل حُسِم أمر القوانين؟

ويؤكد المحلل السياسي أمير مخول على أن القوانين لم يُحسم أمرها بعد، قائلًا، "هذه الحكومة لديها نقاط ضعف وعليها ضغط دولي وفلسطيني، ولن يواصل نتنياهو التعامل مع حكومته بهذا الشكل وبهذه التركيبة، فمن الممكن أن يسعى لضم بيني غانتس المقبول للحريديم، ومن الممكن أن يسعى للتخلص من حزبي بن غفير وسمويتريتش أو واحد منهما، خاصة إذا حاولا توريط إسرائيل بصراع دولي".

كيف يُمكن مواجهة القوانين

ويقول المحلل السياسي عودة بشارات في حديث سابق للجرمق، "المعركة مفتوحة وليست محسومة حتى الآن لصالح اليمين، وإنما يمكن حسمها لصالح الجماهير، والأمر متروك للشارع، إن خرج الشارع بقوة بأكاديمييه ومحامييه ومؤسساته القانونية، وتصدوا للقوانين ومن بينها قانون بن غفير، يمكن إلغاؤه، كما أنه من الممكن أن يُلغى إذا حدثت مواجهة فعلية على الأرض، وهذه المواجهة لا يمكن التنبؤ بنتائجها، ربما تكون قاسية".

ومن جهته، يقول المحلل السياسي أمير مخول للجرمق، "المعادلة الآن هي معادلة قوة وليست معادلة قوانين، فبالنسبة للإسرائيليين، التيار المركزي في الحركة الصهيونية يريد أن يحافظ على إسرائيل كدولة يهودية ديموقراطية بحسب مفاهيمه، ولكن نحن بالمقابل نريد أن نحمي أنفسنا، فتوجه بن غفير هو توجه لتصعيد دموي ضد الفلسطينيين من خلال قمع الشرطة أو من خلال قمع مصلحة السجون للأسرى أو من خلال الميليشات التي أقامه حزبه، وبالتالي نحن في وضع خطير ولكن الأمور لا تُحسم فقط بحسب ما يريد بن غفير، فشعبنا قوي".

 

 

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر