من ذاكرة السجن..نهائي الأرجنتين وهولندا بكأس العالم


  • الأحد 18 ديسمبر ,2022
من ذاكرة السجن..نهائي الأرجنتين وهولندا بكأس العالم
نهائي كأس العالم 1978

كنت بسجن الرملة مع عشرات الأسرى السياسيين، بقسم يتجاوز عدد الأسرى الجنائيين من يهود وعرب ال 300 سجين، كانت العلاقات بيننا ما بين فاترة ومتوترة وتأثرت بمعطيات وتطورات الوضع خارج السجن، فكلما حدثت عمليه فدائية ازداد منسوب التوتر، وفي أحيان معينه وصل إلى صدام مباشر، كان هذا في صيف العام 1978، حين اقترب موعد مباراة النهائي لكأس العالم بكرة القدم ببن منتخبي الأرجنتين وهولندا، كانت قلوبنا مع الأرجنتين، فيما الطرف الآخر كان مع حليفته هولندا، فبوصلتنا كانت ولا زالت، نكون بعكس ما يكونون، احتدمت النقاشات حول احتمالات الفوز، وفيما اشتد التوتر بالسجن، طلب السجناء من إدارة السجن السماح لنا بشكل استثنائي مشاهدة المباراة.

 فوجئنا عصر يوم المباراة بوجود مدير السجن بالقسم، يعلن للأسرى الجنائيين موافقته على طلبهم، ولما كنا نسكن بينهم بنفس القسم، تعني أننا أيضًا نستطيع مشاهدة المباراة، وكلما اقترب الموعد ازداد التوتر والترقب، حتى بدا لي أننا مقبلين على حرب، التأمنا نحن معشر الأسرى السياسيين، واتفقنا على الجلوس بأماكن محددة وأن نكون قريبين من بعضنا، وأوعزنا لهدد منا بالاستعداد لأي طارئ قد يحدث، كان الجو مشحونًا منوترًا جدًا، وكل فريق يتحضر لتشجيع فريقه للفوز المفترض.

 أزفت ساعة المباراة ودخلنا المكان وفق خطتنا، أخذنا أماكننا فيما أخذ الطرف الآخر مكانه، في الطرف الآخر الموازي لنا بنفس المكان، كان تلفازًا قديمًا، عبارة عن صندوق مثبته شاشه بمقدمنه، معظمنا كانت له المره الأولى يشاهد فيها هذا الجهاز، بدأت المنازلة وأنظار الجميع متجهة نحو الشاشة، كانت مباره حماسية وسريعة وسرعان ما سجل فريق الارجنتين هدفًا من قدمي اللاعب ماريو كامبس على ما أذكر، انتهى الشوط الأول بهذه النتيجة، وفي الشوط الثاني سجل منتخب هولندا هدف التعادل، وهكذا عدنا لنقطة البداية، مره أخرى ابتدأت المباراة من خلال الشوط الأول بدون تغيير للنتيجة، ،وابتدأ الشوط الثاني، وبعد دقائق عاد كامبس وسجل هدفه الثاني لصالح الأرجنتين، علا الصراخ من طرفنا فيما سكت الطرف الآخر، وما هي إلا لحظات حتى عاود كامبس تسجيل هدفه الثالث في المباراة والذي رسخ النتيجه، لم نستطع السيطره على فرحتنا، بدأنا بأناشيدنا الوطنية والتصفيق والتصفير والصراخ ابتهاجًا بالفوز، ،فيما بدأ الطرف الآخر بالانسحاب منكسي الرأس، لم يغفلنا الابتهاج بالفوز عن استعدادنا واحتياطنا، وفجأه على صراخ أحدهم، جنائي يهودي، يستنجد ويستغيث ويشتم النبي، فيما انهال عليه شبابنا بالضرب المبرح حتى خر أرضًا، حضرت للتو قوة السجانين مدججة بالهراوات والغاز المسيل للدموع، حشرتنا في نفس المكان وقاموا برش الغاز علينا بعد تأكدهم من خروج كل الجنائيين، اشتبكنا معهم، أصيب عددًا منا ومنهم، وفي اليوم التالي قاموا بنقلنا الى سجون مختلفة.

 

 

 

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر