في إشكالية خطاب "حرق الأصوات"


  • الخميس 3 نوفمبر ,2022
في إشكالية خطاب "حرق الأصوات"
الانتخابات الإسرائيلية

كان هذا الخطاب ممكنا لو سادت بين جماهير شعبنا وحركتها السياسية حالة توافق مؤسسة على مواجهة تحديات وعلى أولويات، لكن في حالة تعثر العمل الوحدوي وبعثرته فلا مصداقية في أن يتهم حزب معين حزباً آخر يتنافس معه بحرق الأصوات، وعليه، يحمل خطاب "حرق الاصوات" في طياته شيئاً من الغبن.

من حيث المبدأ لم يحرق أحد الأصوات لا مَن قاطع الانتخابات عن قناعة مبدئية لأنّ في ذلك فعل سياسي كما يراه هو، ولا من قرر عدم التصويت، ولا من لم يعبر نسبة الحسم والحديث في هذا الصدد عن حزب التجمع الوطني الدمقراطي، بل أن الأصوات الهائلة التي حصل عليها هذا الحزب والتي ذهبت انتخابيًا دونما أي تمثيل، هي موقف سياسي ورسالة سياسية احتجاجية في بعضها ومسعى لإعادة بناء الحزب وتجدده، أي أنه لا يمكن التعامل معها من باب العبثية.

 أما المسؤولية السياسية عما حدث منذ تشكيل المشتركة وحتى بعثرتها فلها أكثر من عنوان وليس بالتساوي لكن لا أحد خارج عنوان المسؤولية.

للتعددية الوطنية استحقاقات ومنها القرار بالتنافس حتى ولو لم يضمن النتيجة، وهذا موقف سياسي أو استفتاء على موقف سياسي أو استغلال الانتخابات لطرح موقف سياسي والتأثير على جدول أعمال النقاش الحزبي.

بالإمكان تشبيه ذلك بالتوجهات إلى القضاء الاسرائيلي في قضايا مبدئية مع علم الملتمسين مسبقًا برد الالتماس، وهذا ما يطلق عليه مركز عدالة التماسًا استراتيجيًا، يكون الهدف منه إما استنفاد الإجراء من أجل التوجه لمحكمة دولية مثلًا، أو يشكل أساسًا لخوض معركة مع الجهاز القضائي ومظالمه تجاه الفلسطينيين.

صحيح أن جماهير شعبنا في الداخل مستهدفة جماعيًا، إلا أن تعدديتها جزء لا يتجزأ منها. والتعددية تعني ضمن ما تعنيه خوض الانتخابات للكنيست بناء على استراتيجيات مختلفة وقد تكون متضاربة في حال لم يكن توافق على خوضها جماعياً بالتوافق على الجوهر وعلى صيغة العمل الجماعي. 

باعتقادي أن النموذج الأكثر تطورًا  والذي من المهم التعلم منه (كنموذج انتخابي) في تجميع كل الجهود من أجل هدف محدد وعدم إبقاء أية ثغرة، وبناء استراتيجيًا متكاملة في هذا الصدد هو ما قام به بنيامبن نتنياهو الذي قام بتجميع كل القوى التي تدعمه وبصيغ مختلفة.

هذا يقودنا إلى مسألة إضافية وفيها أيضا من الغبن، وهي تحميل جماهير شعبنا في الداخل مسؤوليات لا تقع ضمن نطاقها قدراتها، بما في ذلك صد التحولات الجارية في المجتمع الإسرائيلي باتجاه الفاشية وأقصى اليمين الدموي. طبعًا نقوم بدورنا سياسيًا وجماهيريًا وأيضًا برلمانياً في السعي لمنعها، لكن لا تتحمل جماهير شعبنا مسؤولية تعزز هذه القوى في المجتمع الاسرائيلي.

الجماهير ليست حزبًا او حركة سياسية، والناس  ليست بكادر، بل أن ترسيخ التعددية  هو أساس لا بد منه لإعادة بناء الأفق للعمل الوحدوي المفقود حاليًا.

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر