فلسطينيو48 والكنيست..أكثر من 70 عامًا بين التصويت والمقاطعة

أراضي48


  • الأربعاء 14 سبتمبر ,2022
فلسطينيو48 والكنيست..أكثر من 70 عامًا بين التصويت والمقاطعة
الكنيست الإسرائيلي

بدأ الفلسطينيون في أراضي48 رحتلهم في الكنيست الإسرائيلي عام 1949، عندما دخل الكنيست 3 أعضاء من فلسطينيي48، عضوان منهم من حزب "التكتل الديمقراطي في الناصرة"، والعضو الثالث كان توفيق طوبي من الحزب الشيوعي.

فلسطينيو48 والكنيست إبان النكبة

ومنذ عام 1949 حتى أواخر ثمانينيات القرن الماضي لم تظهر أحزاب عربية فلسطينية خالصة تضم فلسطينيين من الـ48 فقط على الساحة الحزبية الإسرائيلية، وإنما كان النواب من فلسطينيي48 يشاركون في انتخابات الكنيست الإسرائيلية كمرشحين في إطار الأحزاب الإسرائيلية أو المختلطة، أو في إطار قوائم تتشكل قبل الانتخابات (قوائم غير حزبية).

وخلال سنوات الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ظهرت بعض محاولات تشكيل حركات سياسية تتحدث باسم فلسطينيي48، ولكنها لم تستمر بسبب خلافات داخلية، أو بسبب التضييق عليها.

ومن الحركات السياسية التي ظهرت لفترات زمنية محددة لتمثيل فلسطينيي48 ثم ما لبثت أن اختفت، "الجبهة العربية الشعبية" والتي تأسست عام 1958 على يد مجموعة من الشيوعيين والقوميين الناصريين، والتي كانت محسوبة على التيار القومي، لسيطرة القوميين عليها، وكانت تطالب بإلغاء الحكم العسكري، وعودة اللاجئين، وإلغاء سياسة التمييز، ما عرض أعضاءها لمعاملة عدائية من السلطات الإسرائيلية، وقد حلت الجبهة بعد احتدام الخلافات بين التيار الشيوعي والقومي بداخلها.

كما تأسست عام 1964 "حركة الأرض" على يد القوميين في أعقاب حل "الجبهة العربية الشعبية"، والتحاق الشيوعيين بالحزب الشيوعي. وقد حاول مؤسسو "حركة الأرض" تسجيلها كحزب سياسي، لكنهم فشلوا بعد أن قررت المحكمة العليا الإسرائيلية اعتبار الحركة تمس بوجود "إسرائيل"، وبالتالي تم حظر نشاطها، ومُنع أعضاؤها من المشاركة في انتخابات الكنيست السادسة عام 1965 تحت اسم "القائمة الاشتراكية".

الحركة الإسلامية والكنيست

خلال سنوات السبعينات من القرن الماضي، نشأت الحركة الإسلامية في أراضي48، حيث تزايد صعود الحراك الإسلامي داخل أراضي48 بعد عام 1967، وذلك بعد استئناف الاتصال المباشر بين علماء الدين في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث نشطت الحركات الإسلامية كجماعة الإخوان المسلمين وحزب التحرير الإسلامي والجهاد.

وفي المراحل التأسيسية الأولى،تشكلت نواة الحركة الإسلامية في أراضي48 من مجموعات شبابية عفوية، لكن نهاية السبعينيات شهدت تحولين لافتين، تمثل الأول في اتصال عبدالله نمر درويش، رئيس الحركة الإسلامية الأسبق، بقيادات جماعة الإخوان المسلمين في شمال الضفة الغربية خلال دراسته الشرعية في نابلس، واتصال رائد صلاح بقيادات تلك الجماعة في القدس وجنوب الضفة الغربيّة وقطاع غزة خلال دراسته في جامعة الخليل، في حين تمثل التحول الآخر في تأسيس خلايا "أسرة الجهاد" شبه العسكرية في العام 1979.

وكبقية التنظيمات الإسلامية، عززت الثورة الإيرانية التي اندلعت في العام 1979 حماسة مؤسسي الحركة للعمل العسكري والحركي، وعلى رأسهم عبدالله نمر درويش، ورائد صلاح، وفريد أبو مخ، وتم تشكيل ما يُسمى بـ "أسرة الجهاد" خلال ذلك العام، فكانت منظمة سرية شبه عسكرية.

وتشكلت خلايا "أسرة الجهاد" من مجموعة تقارب 60 فردًا، على رأسها فريد أبو مخ، الذي كان مأخوذاً بتجربة الشيخ عز الدين القسام، واعتقلت القوات الإسرائيلية أفراد تلك الخلايا العام 1981، وحكمت على أفرادها بالسجن لفترات متفاوتة، أقصاها حكم فريد أبو مخ لمدة 15 سنة، الَّذي تحرر من الأسر في العام 1985 في صفقة "النورس" لتبادل الأسرى، في حين حكم على عبدالله نمر درويش بالسجن لمدة 4 سنوات، وأفرج عنه في العام 1984 بوصفه "شيخاً" روحياً لأسرة "الجهاد".

وبعد خروجهم من السجون أعاد أعضاء الحركة تنظيم صفوفهم مجددًا، وجرى التحول إلى حركة منظمة تحت اسم "الحركة الإسلامية"، حيث تميزت فترة أواسط ثمانينيات القرن الماضي بتداخل النشاطات وغموض العلاقات التنظيمية بين الحركة الإسلامية في الـ48 ونظيرتها في الضفة الغربية، التي كانت امتدادًا تنظيميًا فرعيًا لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن.

وفي عام 1993 ظهرت بوادر الانشقاق في الحركة الإسلامية، حيث شكل هذا العام منعطفاً جديداً بالنسبة للحركة، حينما تم توقيع اتفاقية أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وهنا اختلفت قيادات الحركة حول الموقف من قرار المنظمة الفلسطينية، بين موافق ورافض، إلى أن انفجرت تلك الخلافات بين القيادات عام 1996، حينما قرر عبدالله نمر درويش المشاركة في انتخابات الكنيست الإسرائيلي.

والانشقاق جاء بعد التصويت في هيئات الحركة الإسلامية على المشاركة في انتخابات الكنيست، كانت نتيجته رفض المشاركة في الانتخابات، ثم تصويت ثانٍ أصرَّ عليه أنصار المشاركة، بعد ضمانهم النتيجة هذه المرة، من خلال إضافة أعضاء جدد من أنصارهم من هيئات النقب المحلية، وكانت نتيجته قبول المشاركة، إلا أن الشيخ كمال خطيب حينها قال إنه كشف تلاعبًا في هيئات الجليل المحلية، وهو التدخل الذي أدى إلى حسم موقف الحركة الشمالية وتبني رأي الخطيب، الذي كان رافضاً بالمطلق للمشاركة في انتخابات الكنيست.

ومنذ تلك اللحظة، انقسمت جغرافيا الحركة الإسلامية التنظيمية في الـ48، بين الحركة الجنوبية بقيادة عبدالله نمر درويش، ثم إبراهيم صرصور، حيث تتركز الجنوبية في المثلث الجنوبي والنقب وبعض المدن والبلدات، والحركة الإسلامية الشمالية التي تتركز في المثلث الشمالي والجليل وبعض المدن والبلدات.

وبذلك خاضت الحركة الإسلامية الجنوبية بقيادة عبد الله نمر درويش انتخابات عام 1996.

وقبل ذلك، أي مع نهاية عقد الثمانينيات، تم إنشاء الحزب الديموقراطي العربي على يد عبد الوهاب دراوشة، وكان أول حزب عربي صرف، ولم تحظره السلطات الإسرائيلية، ما فتح المجال أمام أحزاب أخرى ناشئة بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية اللاحقة.

وهذه الأحزاب هي، "التجمع الوطني الديمقراطي"، الذي تأسس عام 1996 و"الحركة العربية للتغيير" التي تأسست عام 1996، إلى جانب "الحركة الإسلامية-الشق الجنوبي".

القائمة المشتركة

ومنذ التسعينيات وخلال سنوات الألفين، دخلت الأحزاب الفلسطينية في الـ48 بتحالفات، وخاضت الانتخابات بائتلافات مع أحزاب فلسطينية أخرى، حتى عام 2015، حيث شكلت الأحزاب الفلسطينية المشاركة في الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية القائمة المشتركة.

وخاضت القائمة المشتركة الانتخابات عام 2015، بمشاركة أحزاب الجبهة والتجمع والعربية للتغيير والموحدة (الحركة الإسلامية الجنوبية)، إلا أنها عادت للانقسام في انتخابات الكنيست الـ21 في عام 2019 وكان لذلك أثره الواضح على عدد مقعدها، حيث حصلوا على 10 مقاعد، أي بتراجع 3 مقاعد عن العام 2015.

وفي انتخابات الكنيست الـ22 في العام 2019 عادت الأحزاب المشكلة للمشتركة للوحدة من جديد على أمل أن تحصد المزيد من المقاعد لتحصد 13 مقعدًا وتصبح القوة الثالثة في الكنيست بعد كتلتي "الليكود" و"أزرق أبيض".

أما في انتخابات الكنيست الــ 23 والتي جرت في آذار 2020 فقد شهد حجم مشاركة فلسطينيي48 ارتفاعًا ملحوظا آخر وصل ما نسبته 65%، في حين قررت الحركة الإسلامية-الشق الجنوبي خوض  انتخابات الكنيست الـ24 في عام 2021 لوحدها تحت اسم القائمة العربية الموحدة، فيما حافظت الكتل الثلاث: الجبهة والتجمع والحركة العربية للتغيير على خوض الانتخابات موحدة تحت اسم القائمة المشتركة، ليشهد حجم مشاركة فلسطينيي48 تراجعًا ملحوظًا وصل ما نسبته 45% وليتراجع نصيب هذه الأحزاب من جديد إلى 10 مقاعد في الكنيست الـ 24 منها 6 لصالح القائمة المشتركة و4 لصالح القائمة العربية الموحدة.

مقاطعو الكنيست

وفي مقابل دعوات الأحزاب لزيادة نسبة التصويت لتمثيل فلسطينيي48 في الكنيست، هناك أحزابًا أخرى مقاطعة للانتخابات، من أبرزها الحركة الإسلامية-الشق الشمالي (كما ذُكر سابقًا)، إضافة لـ حركة أبناء البلد.

ويرى تيار المقاطعة أن المشاركة في الانتخابات البرلمانية لا يمكن أن تحقق طموحات الجماهير العربية في الـ48 بل إن مشاركة فلسطينيي الـ48 فيها يمكن أن تخلق انطباعًا بأن إسرائيل دولة ديمقراطية حقيقية، ما يفيدها عالميًا، فيما الحقيقة عكس ذلك.

ويرى هذا التيار أيضًا، "أنه لا فائدة من المشاركة في العملية السياسية، وتحديدًا في الانتخابات، فالاندماج في ظل أيديولوجية الدولة وممارستها المستندة إلى المثل الصهيونية أمر مستحيل؛ لأن إسرائيل مصرة على طابعها اليهودي؛ فيما يشكل العرب هوية مغايرة تمامًا".

ومع كل انتخابات، تتصاعد نداءات الحركات المقاطعة (أبناء البلد والحركة الإسلامية الشق الشمالي والحراكات الشبابية) لمقاطعة التصويت في انتخابات الكنيست الإسرائيلي، معتبرين أن الوجود داخل برلمان "إسرائيل" لا يُحقق أي إنجازات ملموسة، حيث يمكن الحصول على جميع المطالب بالنضال الشعبي والجماهيري على حد تعبيرهم.

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر