قبل فوات الأوان


  • الجمعة 2 سبتمبر ,2022
قبل فوات الأوان
أراضي الـ48

مع كل الحب والتقدير فإنّ "التيار الثالث" أو تجدُّد المشروع الوطني لا يُبنى في انتخابات الكنيست الاسرئيلي ولا في سياقها ولا في سياق التجاذبات بشأن تشكيلة القائمة المشتركة، إنه مشروع طويل الأمد يجري التأسيس له مع كل الجهات المعنية به.

التيار الوطني هو تيار كل القوى الوطنية سواء المعنية منها بالعمل البرلماني أم بالمقاطعة له على السواء، وحتى تلك غير المكترثة به، ولا ينحصر فقط بالاحزاب بل بكل الاجتهادات والمبادرات والشرائح المعنية، وفي اللحظة التي تخضع فيها بلورته الى المعركة الانتخابية فإنه يفقد من مضمونه ومن صدقيّته.

ليس من الانصاف أن يعلّق أي حزب ضعفه وتردي وضعه الداخلي على شمّاعة القائمة المشتركة، أو بسبب دور الاحزاب الأخرى تجاهه، بل خير مثال على هذا هو حزب التجمع الوطني الدمقراطي الذي حين كان في نهضته كان مصير كل ملاحقة سياسية سلطوية له أن تجعله أقوى وأكثر صلابة، وكل تنافس سياسي عربي فلسطيني معه جعله أكثر تبلورًا، لا تنهار الأحزاب بسبب ما يحدث خارجها بل بسبب وضعها الداخلي، ونهضتها مرهونة بوضعها الداخلي وبمشروعها النهضوي المتكامل.

تنظيم الجماهير العربية الفلسطينية لا يتم من خلال القائمة المشتركة ولم يكن هذا مشروعها ولم تكن هي العنوان في هذا الصدد حتى وهي في عز قوتها ولديها خمسة عشر نائبا ونائبة، بل إن أردنا ذلك فهو من خلال لجنة المتابعة العليا التنظيم الكياني التمثيلي لجماهير شعبنا وتعزيز بنيتها التي تخلت عنها الاحزاب ركضًا وراء النجومية والظن بأن التلفزيون الاسرائيلي هو معيار شعبية السياسي العربي بين جمهوره. 

كان بالامكان ومنذ البداية التوافق على أكثر من صيغة أو خيار بشأن المواقف الخلافية التي تعبر عن التعددية ضمن الثوابت العامة، وعلى تقاسم المقاعد وبالامكان الحديث عن ذلك جهارًا فليس فيه ما يعيب، ولا يزال المجال مفتوحا بهذا الصدد، وبالإمكان الاتفاق على مجلس شعبي وطني استشاري في هذا الصدد بالاضافة للمرجعيات الدستورية لكل حزب.

الدولة بكل مؤسساتها الصهيونية الحاكمة وبكل أحزابها وإعلامها واستخباراتها وفاشييها معنية بإحباطنا وبتسديد ضربة قاصمة للحركة الوطنية وصدارتها بين جماهير شعينا، ونحن منشغلين في حالة تصفية حسابات داخلية ومفاضلة بين الوطني والوطني، وهكذا لا تبنى حركة وطنية فهي مهدّدة ليس فقط من الدولة بل أيضا من نهج الاندماج على هوامش الائتلاف الاسرائيلي الصهيوني الحاكم، والذي يتبناه تيار واضح المعالم والمشروع ويعمل بأريحيّة ما دامت مركبات المشتركة منهمكة داخلياً.

في المقابل فانها الدولة ومشروعها المعني بتجريم العمل السياسي الوطني وشيطنته وفك الارتباط بين قضايا جماهير شعبنا في الداخل ومجمل قضية فلسطين وشعب فلسطين، وفي كل موقع نؤكد رفض ذلك ونعزز الارتباط بقضية شعبنا الواحدة، فإن ننتصر لحقوقنا ولوجودنا ولكرامتنا الوطنية حتى في انتخابات الكنيست. كما وتريدنا الدولة العزوف عن الطريق الكفاحي بالمقولة الاستعلائية: "74 عاما لم تحققوا شيئا" وهذا افتراء على الحقيقة بأن كل ما أنجزته جماهير شعبنا من إنجازات كبرى في تاريخها كان فقط عن طريق الكفاح والنضال الجماهيري، وهذا أيضًا من ثوابت المشتركة الذي لا حيدة عنه ولا تنازل فيه.

صحيح أن الاحزاب المركبة للمشتركة لم تقم بتطويرها ولا أحد يقع خارج المسؤولية عن ذلك حتى وإن لم تكن المسؤولية متساوية، إلا أن إضعاف المشتركة رغم اشكالياتها لن يعزز الحالة الوطنية ولا كفاح جماهير شعبنا وإنما العكس سيزيد الاحباط إحباطا والضعف ضعفاً وعندها ستتراجع صدارة الحركة الوطنية بالمجمل.

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر