"معركة العلم الفلسطيني"..فعل مقاوم لترسيخ السردية الفلسطينية ودحض الإسرائيلية


  • الخميس 2 يونيو ,2022
"معركة العلم الفلسطيني"..فعل مقاوم لترسيخ السردية الفلسطينية ودحض الإسرائيلية
العلم الفلسطيني

صادق الكنيست الإسرائيلي أمس الأربعاء على قانون "تجريم رفع العلم الفلسطيني في المؤسسات الممولة من الدولة"، حيث مرّ القانون بالقراءة التمهيدية بدعم 63 عضوًا وبمعارضة 16 عضوًا بينهم أعضاء القائمتين الموحدة والمشتركة.

وجاء هذا القانون بعد محاولة وزير المالية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان معاقبة جامعة "بن غوريون" على سماحها بإقامة فعالية لإحياء ذكرى النكبة والتي رفع فيها الطلبة الفلسطينيين العلم الفلسطيني بكثافة، حيث حاول ليبرمان عقاب الجامعة بتخفيض مخصصاتها المالية.

قوانين تُجرم رفع رمز فلسطيني

المحامية والناشطة هديل عزام، تقول في حديث للجرمق إن هذا القانون هو الأول من نوعه الذي يحظر رفع العلم الفلسطيني في المؤسسات الممولة من قبل "الدولة"، مشيرة إلى أنه لا يوجد أي قانون في "إسرائيل" يمنع رفع العلم في الأماكن العامة أو المؤسسات.

وفي المقابل، تؤكد هديل عزام للجرمق على أنه بحسب القانون الإسرائيلي يُمنع رفع أي رمز قومي أو وطني من شأنه أن يمس بالأمن العام، وليس تحديدًا العلم الفلسطيني، لافتة إلى أنه في هذه الأحوال يتم استدعاء من قام برفع أي رمز للتحقيق ولكن هذه الحالات قليلة جدًا لأنها تتطلب إثبات بأن هذا الرمز يمس بـ "الأمن العام" أو مشاعر فئة معينة من "المواطنين".

ووفقًا لعزام، فإن قانون تجريم رفع العلم الفلسطيني يُمكن أن يتوسع على نطاق أكبر من المؤسسات الممولة من الدولة إلى منعه بشكل جارف في الحيز العام خارج حتى هذه المؤسسات، مشيرة إلى أن هذا القانون قد يمر بقراءاته الثلاث ويتم المصادقة عليه وقد يخرج لحيز التنفيذ وبالتالي تصبح عقوبة المؤسسات التي يُرفع داخلها العلم هي سحب مخصصاتها، ومنها الجامعات.

قانون "النكبة"

على الرغم من عدم وجود قوانين سابقة، جرّمت رفع العلم الفلسطيني، ولكن سعت "إسرائيل" منذ قيامها لمنع أي مظهر فلسطيني داخل أراضي الـ48 ومحاربته بشتى الطرق، ولذلك سنت قانون "النكبة" كما يُسميه الفلسطينيون في الـ48، والذي يمنع إحياء ذكرى النكبة من قبل أي مؤسسة تتلقى دعم من "الدولة".

وحول هذا الأمر، تقول عزام للجرمق إن وزير المالية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان حاول من خلال هذا القانون معاقبة جامعة "بن غوريون" في بئر السبع لأن العلم الفلسطيني رُفع داخلها، ولكنه لم يستطع لأن الجامعة لم تموّل ولم تدعم فعالية إحياء ذكرى النكبة وإنما فقط سمحت بإقامته لأنه حتى الآن لا يوجد قانون يمنع الجامعات من السماح بهذه الأنشطة بشرط ألا تكون هي القائمة أو الممولة للفعالية.

وتلفت للجرمق إلى أن ليبرمان لم ينجح في هذا الأمر، ومن هنا جاءت فكرة طرح قانون جديد يستهدف بشكل مباشر "العلم الفلسطيني"، قائلة إن الحكومة الإسرائيلية ووزارءها وجدوا أنفسهم في حالة من العجز لعدم قدرتهم على اتخاذ أي إجراء بحق الطلبة أو المؤسسات التي رُفع فيها العلم خلال إحياء ذكرى النكبة.

وتضيف، "أتوقع أن تتجه الحكومة الإسرائيلية إلى التصعيد أكثر فأكثر حول العلم ورفعه، وستتبعها الحكومات الإسرائيلية القادمة وتحاول التطوير والتوسع في التطرف والعنصرية لأن الأحزاب والتكتلات الإسرائيلية البرلمانية تتسابق فيما بينها حول من سينكل أكثر بالفلسطيني".

وفي ذات السياق، يقول الأسير المحرر والباحث أمير مخول إن الأحزاب الإسرائيلي سواء في المعارضة أو الائتلاف قد تختلف على بعض القوانين ولكن تسقط هذه الاختلافات عند أي قانون عنصري يمس بالشعب الفلسطيني، ولذلك اجتمعت الأحزاب ائتلافًا ومعارضة بالأمس على دعم القانون الذي يحظر رفع العلم الفلسطيني في المؤسسات الممولة من الدولة، فقد طرح اللكود القانون وصفق له بينت وغانتس ولابيد.

ويلفت للجرمق إلى أن معادلة ائتلاف-معارضة تسقط عند القومية، وهذا ظهر في قانون القومية وقانون "ضم القدس، وغيرها من القوانين العنصرية لأن هذه القوانين عليها إجماع قومي صهيوني.

انتفاضة العلم

ويستهل الأسير المحرر والباحث أمير مخول حديثه عن العلم الفلسطيني بالعودة بوصف الأحداث المتسارع حول العلم بـ "انتفاضة العلم"، قائلًا إن هناك حالة من استعادة كل من الفلسطينيين والإسرائيليين طرح علمهم كرمز، مشيرًا إلى أن التحدي لا يكمن برفع العلم الإسرائيلي وإنما يكمن في رفع العلم الفلسطيني في الـ48 والقدس على وجه الخصوص.

ويتابع أمير مخول للجرمق أن رفع العلم الفلسطيني يُننتزع انتزاع في ظل وجود الشرطة والقوات الإسرائيلية التي تحمي العلم الإسرائيلي وتحارب كل ما هو فلسطيني كالعلم، مؤكدًا على أن هذه المحاربة تتعمق أكثر في القدس كون "إسرائيل" تعتبر القدس تاج السياسة الإسرائيلية.

ويردف أن هذا السخط على العلم الفلسطيني مؤخرًا، يحدث بسبب تجييش القيادات الإسرائيلية للتحريض على الفلسطينيين الذين يرفعون العلم، مشيرًا إلى أن "إسرائيل" تسعى لإرهاب الفلسطيني ولإنهاء قضيته في ظل الصمت العالمي والتطبيع العربي إلا أن الفلسطيني خرج وانتفض وأعاد رفع رايته وبالتالي حطم مشاريع "إسرائيل" ووهمها الذي ظنت من خلاله أنها أنهت القضية الفلسطينية.

هل سقط العلم الفلسطيني سابقًا؟

ويتابع مخول في حديث للجرمق أن العلم الفلسطيني لم يسقط منذ عام 1948 أي منذ النكبة ولكنه مرّ بمحطات طويلة كما مر الشعب الفلسطيني بمحطات نضالية طويلة، مؤكدًا على أن العلم حُظر رفعه في السبعينيات، حيث كانت "إسرائيل" تعتبره علم منظمة التحرير الفلسطينية.

ويلفت إلى أن هذا العلم لم يكن علم أي منظمة وإنما هو علم الشعب الفلسطيني، "علم شعب" وليس علم منظمات وسلطات، لافتًا إلى أن هناك حالات من الركود تصيب العلم الفلسطيني ولكنه لا يمكن أن يوضع جانبًا بأي حال من الأحوال.

ويُشير إلى أن أمر رفعه لم يعد محط جدل كبير بعد اتفاقية أوسلو وتشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية، لكنه عاد ليُرفع بقوة في الانتفاضة الفلسطينية الثانية في الـ48 وفي كل مكان، ولكن الآن بسبب وسائل التواصل الاجتماعي، انتشرت قضية العلم بشكل أكبر.

هل سيُحظر العلم من المؤسسات؟

وتؤكد المحامية هديل عزام للجرمق على أن الحكومات الإسرائيلية عنصرية جدًا ومن المتوقع أن تقوم بحظر رفع العلم الفلسطيني في الجامعات والمؤسسات وتوسيع ذلك أيضًا إلى الحيز العام.

وبدوره، يؤكد أمير مخول على أن الحظر يخلق التحدي وبالتالي قد يكون تأثير رفعه خلال الحظر أقوى وأعمق من تأثيره الآن، قائلًا، "العلم الفلسطيني أصبح مسموحًا بعد اتفاق أوسلو ورفعته بعض الأحزاب اليسارية ولكن رفعه بهذا الشكل لا معنى له".

ويلفت للجرمق إلى أن معركة "إسرائيل" مع العلم الفلسطيني معركة ضعف وليست معركة قوة فهي تقوم بتجييش كل طاقاتها من أمن وقوانين لمنع رفعه، وهذا يدل على دوره في تعميق أزمة "إسرائيل" وأزمة هويتها.

ومن جانبها، تؤكد المحامية والناشطة هديل عزام على أن معركة العلم جاءت كرد فعل على محاولة "إسرائيل" ترسيخ سرديتها بأن القدس وفلسطين تحت سيادتها ولكن جاء الفلسطيني ورفع علمه ليرسخ هو الآخر سرديته بأنه علمه شامخ وقضيته حاضرة.

 

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر