وحدة الموقف والخطاب مطلب المرحلة


  • السبت 2 أبريل ,2022
وحدة الموقف والخطاب مطلب المرحلة
إن هذا الواقع الذي يعيشه أبناء المجتمع الفلسطيني في الداخل في هذه الأيام، مليء بالأحداث الجسام ويضع هذه المجموعة الأصلانيّة أمام تحديات كبيرة، وإن كانت ليست هي الأولى في تاريخ المسيرة النضالية لهذه المجموعة على مدار عقود طويلة التي تمثّلت ولا تزال في الحفاظ على الهوية الدينية والوطنية بِبُعدها الإسلامي والعروبي والفلسطيني، وتمثلت ولا تزال في خوض معركة الحفاظ على الأرض من خطر السلب والمصادرة ومخططات الترحيل والتهجير، والحفاظ على والمقدسات من خطر الانتهاك والتدنيس وتغيير وطمس معالمها، كما وتمثلت في مواجهة سياسات التمييز العنصري والملاحقات السياسية لتيارات وحركات تم تفسير نشاطها السياسي كمتحدٍ للدولة ومشروعها الصهيوني، وطالت هذه الملاحقات أيضا عددًا كبيرًا من القيادات والناشطين السياسيين، هذا كله إلى جانب تحديات مواجهة مشاريع معالمها السياسية واضحة تهدف إلى شق وحدة المجتمع العربي الفلسطيني وتفتيت لحمته، ومواجهة مخططات تهدد النسيج الداخلي الاجتماعي إزاء تفاقم ظاهرة العنف الداخلي وازدياد جرائم القتل بسبب فوضى السلاح المهرب من مستودعات الجيش الإسرائيلي، أو مشترى من جنود إسرائيليين متورّطين بتجارة السلاح أو بمقايضة السلاح بالمخدرات. هذا الواقع الذي يعيشه أبناء المجتمع الفلسطيني في الداخل، يتطلب، حاضرًا ومستقبلًا، كثيرًا من المجهود لبناء سبل مواجهته، كما ويتطلب وحدة الموقف والخطاب الواضح وإيجاد آليات جديدة ومتطورة للوقوف بصلابة وحزم أمام تحديات هذا الواقع، غير أن الأحداث الأخيرة أظهرت بشكل جليّ غياب الخطاب الموحد الذي من شأنه أن يعزز الموقف السياسي في الداخل بدل أن يضعفه ويفتت قوته ويشتت رؤيته ويذهب ريحه ويجعل هذا المجتمع يعيش عقدة الشعور بذنب لم يقترفه ويعيش في ظلمات التيه والاضطراب والشك ويسهل الاستفراد به ويجعله عرضة للاعتداءات وللمزيد من إمعان الظلم والملاحقات وممارسة التمييز العنصري ضده. فلو نظرنا إلى الموقف كافة التيارات والحركات الفاعلة في الساحة السياسية الداخل الفلسطيني من الأحداث الأخيرة، لرأينا اجماعًا كاملًا وموقفًا موحدًا في رفض خيار “عسكرة النضال” واستبدال ذلك باستخدام كافة الوسائل المشروعة والمتاحة ضمن إطار القانون الإسرائيلي، وإن وجدنا بعضًا من الاختلافات في صياغة الجمل والعبارات في التصريحات والبيانات في هذا الجانب تحديدًا. غير أن الخطاب السياسي في مواجه التحريض الإسرائيلي الممنهج والمنفلت على المتجمع العربي وقياداته يحمل تناقضًا داخليًا في اتخاذ المواقف والتعاطي مع الأحداث ويتسم بالتخبط والضعف الشديد، إمّا بسبب اللهث وراء ربح سياسي بأي ثمن كان، وإما بسبب التشتت وعدم الوضوح لعدم ارتكازه على مرجعية واضحة تتبنى خطابًا واحدًا لا تلعثم فيه في ردّ سهام التحريض عن المجتمع كله ونقل المعركة الإعلامية إلى الساحة الإسرائيلية بدل جلد الذات والتعامل مع كل مجتمعنا على أنه متهم ومذنب ومضطر إلى تبرئة ساحته وحتى لو أنه بريء من تهمة لم تثبت عليه من أصله، والمصيبة تكون أعظم في اجتماع السببين مع بعضهما البعض. قلت نقل المعركة الإعلامية، معركة المقابلات التلفزيونية والإذاعية والتصريحات والبيانات، إلى الساحة الإسرائيلية ليس من باب الهروب من الحقيقة والمسؤولية كما يحب أن يُروج البعض من مجموعة جلد الذات واللطم وشق الثياب والبحث عن الغسيل الوسخ لنشره على حبال منصات التواصل الاجتماعي، إنما لأن الحقيقة واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار والمسؤولية تحتم علينا أن نوجه أصابع الاتهام بشكل مباشر إلى المؤسسة الإسرائيلية أولًا وقبل كل شيء، لأنها هي المسؤولة أولًا وآخرًا عن كل ما يجري نتيجة تراكمات متضخمة من سياسة التمييز العنصري التي تنتهجها هذه المؤسسة مع المجتمع العربي في الداخل عبر عقود طويلة. فتمامًا كما أن موقف المجتمع العربي بكافة مركباته وشرائحه برفض خيار “عسكرة النضال” جريء وواضح جدًا، فلماذا لا يكون الخطاب السياسي جريء وواضح جدًا في تحميل المسؤولية الكاملة للمؤسسة الإسرائيلية عن انتشار السلاح في المجتمع العربي؟ علمًا أن دور الشرطة وأجهزة المخابرات معروف ومكشوف في هذه المسالة تحديدًا!! ولماذا لا يكون الموقف والخطاب واحد وموحد وجريء في تحميل المؤسسة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن تداعيات إصرارها بأي ثمن على السماح للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى المبارك خلال شهر رمضان الفضيل بشكل اعتيادي مما لا شك سيؤدي لاستفزاز كبير لمشاعر العرب والمسلمين؟؟ والسؤال المهم هنا: لماذا لا تستغل بعض الأطراف التي دخلت في حكومة الإئتلاف الحكومي الإسرائيلي من أجل مصلحة المجتمع العربي (كما يُروج)، هذا الموقع للضغط في اتجاه منع الاقتحامات وتدنيس المسجد الأقصى تجنبًا للتصعيد وانفجار الأوضاع واشتعال الأحداث التي سيكون المجتمع العربي جزءا منها وليس بمعزل عنها؟ أم أن هذه الأطراف وظيفتها تبدأ بعد ذلك بتحميل الضحية المسؤولية عن ردة فعلها في انتصارها لقضيتها ومقدساتها وكرامتها والقيام بمهمة “التهدئة العقلانية” والدعوات إلى ضبط النفس والتصرف بمسؤولية من أجل العيش المشترك العربي واليهودي وقيم السلام والتسامح؟؟ إنها مجرد أسئلة يا سادة يا كرام وبحاجة لإجابات واضحة ليس أكثر.
. . .
رابط مختصر



اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة *

مشاركة الخبر