"دمشق حُلم تحقق ذات يوم"شاب سوري من الجولان المحتل يروي تفاصيل تجربة دراسته وحياته في دمشق لمدة سنة واحدة


  • الأربعاء 23 مارس ,2022
"دمشق حُلم تحقق ذات يوم"شاب سوري من الجولان المحتل يروي تفاصيل تجربة دراسته وحياته في دمشق لمدة سنة واحدة

"إن أتيحت ليَ الفرصة..سأذهب الآن لدمشق للعيش فيها..ليس فقط زيارة واحدة وإنما حياة كاملة"..بهذه الكلمات استهل الشاب عماد مداح من بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل كلماته حول حنينه لدمشق أو كما يقول عنها "الشام"، وذلك بعد أن أُتيحت له الفرصة قبل حوالي 20 عامًا للدراسة فيها ثم منعته السلطات الإسرائيلية بالعودة لدمشق ومتابعة تعليمه الجامعي.

رحلة تعليمية

يروي عماد مداح في حديث للجرمق تفاصيل رحلته التي لم تتعدَ السنة الواحدة من الجولان إلى دمشق عام 2002، حيث يقول مداح إن السلطات الإسرائيلية وافقت عام 2002 على طلبه بمتابعة تعليمه في العاصمة السورية دمشق وذلك بعد صراع في المحاكم الإسرائيلي دام حوالي سنتين عمِل فيها مداح جاهدًا للدراسة في جامعة دمشق.

ويتابع مداح أن الطلبة السوريين الذين يسكنون في الجولان السوري المحتل يستطيعون الدراسة في جامعة دمشق بعد استصدار تصريح تعليم من السلطات الإسرائيلية، حيث ينتقلون من قراهم الخمسة في الجولان المحتل وهي قرى مجدل شمس، مسعدة، وبقعاثا، وعين قنية، والغجر إلى دمشق عبر "معبر" القنيطرة الذي يُفتح لمرتين فقط خلال العام لدخول وخروج الطلبة السوريين من الجولان إلى دمشق أو من دمشق إلى الجولان.

ويؤكد للجرمق على أن السلطات الإسرائيلية هي من تسيطر على الشريط الفاصل بين الجولان وبين المناطق السورية الأخرى، حيث إن عبور الطلبة يتم بموافقة السلطات الإسرائيلية، مضيفًا أن من يقوم بتسيير دخول وخروج الطلبة من "المعبر" هي مكاتب للأمم المتحدة والصليب الأحمر المتواجدة في منطقة نزع السلاح بين سوريا و"إسرائيل".

ويردف مداح إلى أنه عاش في العاصمة السورية دمشق خلال فترة تعليمه الجامعي، حيث تعلم طب الأسنان لمدة سنة دراسية واحدة، وعندما عاد إلى عائلته في الجولان خلال الإجازة السنوية، لم تسمح له السلطات الإسرائيلية بعدها بالعودة للجولان ومتابعة تعليمه لتصبح بذلك السنة الدراسية الواحدة هي التجربة الأولى ولعلها ليست الأخيرة لمداح في دمشق.

ويضيف أن السلطات الإسرائيلية منعته من العودة لدمشق لسبب لم يعرفه حتى الآن وصنفته "إسرائيل" بأنه ملف أمني، مشيرًا إلى أن الطلبة السوريين من الجولان يعانون في كل عام من تقديم طلبات العودة إلى دمشق لمتابعة تعليمهم الجامعي حيث يجب على الطالب تكرار الطلب للداخلية الإسرائيلية كل مرة.

"دمشق حلمٌ تحقق"

ويقول مداح للجرمق إن العيش في دمشق هو حلم تحقق، فدمشق بالنسبة له هي الأم والحاضنة، مضيفًا، "من لم يزر سوريا برأيي لم يرَ في حياته شيء..سوريا فيها كل شيء، حضارة، وحياة اجتماعية، وسياحية وترفيهية.. يقولون مصر أم الدنيا..ولكن بالنسبة لي سوريا هي أم الدنيا".

ويروي مداح عن معيشته في دمشق، قائلًا إنها تحتوي على كل ما يتمناه الإنسان، حيث من يسكن فيها يتعلق بكل حواريها وساحاتها وشوارعها وينابيع المياه فيها وأبوابها وطبيعتها.

ويُشير إلى أن أجمل تجارب حياته في دمشق كانت عندما كان يتجول مع صديقه في دمشق، حيث يقول مداح، "كنت أخرج مع صديقي من منزله في حارة مزة الجبل إلى دمشق القديمة مشيًا على الأقدام حتى نصل إلى دوار مساواة..ثم نتجه للمدينة الجامعية لإلقاء التحية على أصدقائنا حيث كنا نشرب معهم المتة..ثم نتابع جولتنا حتى نصل محطة سكة الحجازأول البلدة القديمة..مرورًا بسوق الحميدية والجامع الأموي وصولًا إلى نهاية البلدة القديمة بباب توما،" حيث كان فيما بعد يعود مع صديقه عبر "السرفييس" إلى نقطة الانطلاق.

وكان مداح يُكرر هذه الجولة مع صديقه 3 مرات كل أسبوع حيث يقطعان مسافة 10 كم يوميًا، قائلًا، "كنا نحاول أن نعيش أجواء الشام جميعها كاملة..نأكل من هنا ونشرب من هناك..ونقضي الساعات، لم يكن يكيفينا يوم واحد لذلك كنا نكرر الجولات يوميًا..هناك الكثير لنراه ونستمتع به..هذه تجربة لن أنساها في حياتي".

ويلفت للجرمق مداح إلى أنه لم يرَ صديقه ولا يعرف عنه أي شيء منذ خروجه في دمشق، مضيفًا أنه حاول العثور عليه والتواصل معه ولكن جميع محاولاته باءت بالفشل.

"جولاني في دمشق"

أما عن الطلبة السوريين من الجولان الذين يريدون الالتحاق بالتعليم الجامعي في دمشق، فيقول عماد مداح إن هذا الأمر بات مسموحًا من قبل السلطات الإسرائيلية بعد سنوات من إعلانها ضم الجولان لها، حيث تقوم الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي بتسيير هذه العملية عبر "معبر" القنيطرة من الجولان إلى دمشق.

ويتابع أنه في آخر الثمانينيات التحق ما يقارب 10 طلاب من الجولان بجامعة دمشق وكانوا أول دفعة جولانية تدرس في دمشق، ولكن توقف الأمر بعدها لعدة سنوات ثم عاد الطلبة للالتحاق بالجامعة حتى عام 2013 بسبب الحرب.

ويُشير إلى أن من يريد الدراسة في دمشق يقدم طلبًا للداخلية الإسرائيلية وإن جاءت الموافقة، فيحزم الطالب أمتعته متوجهًا لدمشق عندما يُفتتح العام الدراسي، لافتًا إلى أن المعبر الذي ينتقل الطلبة منه إلى دمشق لا يُسمح لأي أحد من خارج الجولان من الدخول لدمشق عبره.

ويقول للجرمق إنه على الرغم من أن المسافة بين القرى الـ5 في الجولان وبين دمشق فقط 50 كيلومترًا أي حوالي 40 دقيقة إلا أن طلبة الجولان يحتاجون للانتظار لشهري أيلول وحزيران حتى يستطيعون الوصول لدمشق.

ويتابع أن التواصل المباشر بين الأهالي والطلبة خلال السنة الدراسية مستحيل إلا أن الأهالي يتواصلون مع أبنائهم عبر منطقة عين التينة أو ما يسمى "وادي الدموع" الواقعة على الشريط الفاصل بين الجولان المحتل وأراضي محافظة القنيطرة من خلال المناداة أو مكبرات الصوت حيث تعتبر منطقة عين التينة المكان الوحيد الذي يستطيع فيه أهالي الجولان المحتل التواصل مع ذويهم ممن يعيشون في باقي المناطق السورية.

ويُشير مداح للجرمق إلى أنه عاش خلال فترة دراسته تجربة الوقوف على تل الصراخ حيث كان يتواصل مع عائلته هناك في المناسبات والأعياد كعيد الأم وعيد الجلاء الذي يصادف 17 نيسان أي استقلال سوريا من الانتداب الفرنسي، وذكرى رفض الجنسية الإسرائيلية التي تمر ذكراها في 14 شباط من كل عام، حيث رفض الجولانيون الجنسية الإسرائيلية وقاموا بحرقها آنذاك.

من يُسمح له بالعبور لدمشق؟

وفي سياق الحديث عن "معبر" القنيطرة، يقول مداح إن المعبر مفتوح أيضًا أمام العروس الجولانية التي تريد الزواج في المحافظات السورية الأخرى حيث تسمح "إسرائيل" لها بالعبور إلى المحافظات السورية لمرة واحدة ولا يمكنها العودة إلى الجولان أبدًا، وإنما تستطيع اللقاء مع عائلتها في أي دولة أخرى.

ويضيف للجرمق أنه يسمح أيضًا بعبور التفاح الجولاني إلى الأسواق السورية عبر معبر القنيطرة، حيث جاءت هذه الخطوة بعد أن بدأت المستوطنات الإسرائيلية بالجولان بمزاحمة أهالي الجولان وزراعة التفاح وبيعه في السوق الإسرائيلي بأسعار عالية في حين يُباع التفاح الجولاني بأسعار رخيصة، ولذلك قامت الحكومة السورية بمساعدة الأمم المتحدة والصليب الأحمر بالسماح لأهالي الجولان بتمرير منتجهم عبر المعبر لبيعه في الأسواق السورية أو تصديره للخارج.

ويلفت إلى أنه إلى جانب المنتجات الزراعية والعروس السورية، يُسمح لرجال الدين بالمرور عبر المعبر خلال شهر 9 إلى مسجد النبي هابيل حيث يعبر رجال الدين هذا المعبر مرة كل عام في هذه المناسبة.

ويضيف للجرمق أن "معبر" القنيطرة مغلق منذ عام 2013 بعد اندلاع الحرب السورية والتي استمرت حتى عام 2018 حيث ظل المعبر مغلقًا بعد الحرب حتى الآن بسبب جائحة كورونا أيضًا.

ويُشار إلى أن "إسرائيل" ضمت الجولان السوري عام 1982، حيث رفض أهالي الجولان حينها الجنسية الإسرائيلية وقاموا بحرقها في 14 شباط 1982 وأضربوا 6 أشهر احتجاجًا على هذا القرار، حيث وضعت "إسرائيل" الجولان حينها تحت الحكم العسكري.

. . .
رابط مختصر



اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة *

مشاركة الخبر